لحن الموت الذي يعزفه نتنياهو
م. مهند عباس حدادين
20-03-2025 11:26 AM
لقد حول نتنياهو المنطقة الى أجواء دموية عندما بدأ بعزف لحن الموت من جديد ليطرب أعضاء حكومته الذين هددوه بإسقاطها إذا لم يسمعوا ويروا لحن الموت لأهل غزة من جديد ذلك اللحن الذي هز العالم ،فلم تعد هناك سمفونيات غربية متوارثة يلتزم العالم بسماعها ويتفق على نوتاتها التي أقرها بعد الحرب العالمية الثانية.
فبعد إعتلاء ترمب سدة الحكم ووعوده بإنهاء بؤر الصراع في العالم ،وقفت عقبة الشرق الأوسط أمام كل وعوده ،فبعد أن أقر خطة وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بمراحله الثلاث وبضمانات أمريكية وقطرية ومصرية ،أفسد نتنياهو كل تلك الجهود وقام بتغيير الخطة بمفرده من حيث تمديد المرحلة الأولى وعدم الإنتقال للمرحلة الثانية لإرضاء أعضاء حكومته المشكلة من الأحزاب المتطرفة والتي هدفها هو إبادة الفلسطينيين وتهجير المتبقي منهم ،بعد إعادة جميع الرهائن الأحياء والأموات،وهدد أمن المنطقة من جديد بإدخالها للأفق الدموي ووضع حلفاءه الأوروبيين في موقف صعب حيث قطعوا الشك باليقين عن ماهية هذه الأفعال وأهدافها ،وكيف أن نتنياهو سيحول إسرائيل إلى دولة دكتاتورية يحكمها شخص دكتاتوري بقبضة حديدية عندما أطاح بكل من يعارضه في الحكومة وفي الجيش وفي الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية،فبعد أن يجتاز إمتحان الموازنة للإبقاء على حكومته والمهددة بالإستقالة سيواصل بقبضته الحديدية في الداخل ،وهذا سيؤدي الى تحويل إسرائيل الى دولة فاشلة لا تعرف الديمقراطية التي تغنت بها طويلا ،مما سيؤدي الى نزاعات سياسية عميقة في الداخل وإنقلاب داخل المؤسسة العسكرية لتتحول الى حرب داخلية .
أما بالنسبة إلى المنطقة والعالم فإن الحلفاء الأوروبيين لن يدعموا حكومة دكتاتورية فاشلة تعمل ضد مبادىء شعوبها ،بعدم تقديم الدعم المالي والمساعدات العسكرية على أقل تقدير،فأفعال نتنياهو ستضر بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة بإنجرارها وراء تلك الأفعال وخصوصا أن المنطقة معرضة الى مزيد من التصعيد ،فهل ستتحمل إدارة ترمب عشرات المليارات من الدعم العسكري لإسرائيل والإرتفاع الحاد بأسعار النفط وإغلاق مضيق هرمز وباب المندب اذا قررت حكومة نتنياهو ضرب إيران او أي تورط آخر في المنطقة؟ وسؤال آخر هل سيبقى رئيس جمهورية كوريا الشمالية كيم متفرجا على المشهد ويعلم بأن دوره أصبح قريبا وهو يمتلك 50 قنبلة نووية قادر على تحميلها على صواريخ نووية تصل إلى إسرائيل والولايات المتحدة؟ وهل ستسمح الصين بإقتراب النيران من حدودها او حتى أي تجاوز عليها وهي تعلم بأنها هي المقصودة والمستهدفة رقم 1 من الإجراءات السابقة بعد فصلها عن حلفائها التقليديين الروس والإيرانيين والكوريين الشماليين؟.
هذه المغامرات جميعها يقوم بها شخصان في العالم نتنياهو وترمب بمجرد حسابات شخصية لكل منهما فالأول هارب من المحاكمة الداخلية والملاحقة الخارجية والسجن والثاني يريد الإنتقام ممن سبقه وإثبات ان جميع ما عمله سلفه كان خطأً حتى لو كان صحيحا على المدى المتوسط والقصير، فهل ستسمح الدولة العميقة في كل من إسرائيل والولايات المتحدة بإستمرار ما يجري والإنزلاق نحو الهاوية؟.
كل ذلك والعالم متجه نحو ركود إقتصادي، وضبابية قاتمة المشهد.
* المهندس مهند عباس حدادين
مدير عام مركز جوبكينز للدراسات الإستراتيجية.
الخبير والمحلل الإستراتيجي والإقتصادي.