facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بوصلة العقل والقلب: هل أنت سيد قراراتك أم تُساق دون وعي


د. الاء طارق الضمرات
17-03-2025 11:57 PM

بات الحفاظ على الهوية الذاتية تحديًا يواجه الأفراد في مختلف المجتمعات في ظلّ التحولات السريعة التي يشهدها العالم اليوم، فالتطور التكنولوجي، والانفتاح الثقافي، والتغيرات الاجتماعية المتسارعة، جميعها عوامل تُعيد تشكيل القناعات والسلوكيات، مما قد يؤدي إلى حالة من الاغتراب الداخلي، حيث يجد الإنسان نفسه متأرجحًا بين ما يُملى عليه من الخارج وما يعبّر عن حقيقته في الداخل، وهنا تبرز أهمية "بوصلة العقل والقلب" كأداةٍ للحفاظ على الاتزان النفسي والفكري في خضم هذا الزخم.

فهل توقفتَ يومًا وسألتَ نفسك: من أنا حقًا؟ هل ما أعيشه هو قناعاتي أم أنني مجرد نسخةٍ مما يفرضه العالم؟

هل أعيش حياتي… أم أن حياتي تُعاش نيابةً عني؟

لماذا نشعر أننا نركض بلا نهاية، نبحث بلا يقين، ونحاول اللحاق بكل جديد، ومع ذلك… شيءٌ ما داخلنا يشعر بالضياع؟

كم مرة سألت نفسك كيف ستحافظ على ذاتك في عالمٍ يحاول أن يُعيد تشكيلك كل يوم؟


كيف تبقى حرًا، دون أن تصبح تائهًا؟ كيف تكون عصريًا، دون أن تفقد أصالتك؟

هذا ليس مجرد حديث… هذا هو واقعك، وحاضرك، ومستقبلك… لذا ركز جيدًا.

"حين تصبح الحياة سوقًا… من يشتري هويتك؟"

كل يوم، نحن مُحاطون بأصواتٍ تخبرنا ماذا نفعل، كيف نفكر، كيف نعيش، وما الذي يجعلنا "مقبولين".

الإعلام، التكنولوجيا، الاتجاهات العصرية… كلها تدّعي أنها تمنحنا الحرية، لكنها في الحقيقة تصنع لنا أقفاصًا غير مرئية،

تضعنا في سباقٍ لا نهاية له… سباق لنكون "مثلهم"، لا لنكون أنفسنا، لكن مهلاً… من "هُم"؟ ولماذا نركض خلفهم؟

العالم لم يعد مكانًا للتفكير، بل مساحةً للاستهلاك؛ استهلاك الأفكار، والمعتقدات، والسلوكيات، حتى أصبح الإنسان سلعةً، تُباع وتُشترى وفق ما يتطلبه السوق.
ولكن، اسأل نفسك اليوم بصوتٍ عالٍ: هل أريد أن أكون انعكاسًا لما يفرضه العالم، أم أن أكون أنا… كما أؤمن، كما أشعر، وكما أريد؟

قال الله تعالى: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ" (الحشر: 19)

نسيان الأصل، هو أول طريق الضياع… والضياع اليوم لم يعد جسديًا، بل فكريًا وعاطفيًا… ضياع الهوية، وضياع اليقين، وضياع القدرة على قول "لا" لما لا يُشبهنا.

إن العقل، بوصفه أداة التفكير والتحليل، يمنح الإنسان القدرة على التمييز بين الحقائق والأوهام، في حين أن القلب، الذي يمثل مركز القيم والمبادئ، يُوجّه هذه المعرفة نحو اختيارات أكثر أصالةً وانسجامًا مع الهوية الحقيقية للفرد. ولذلك، فإن فقدان التوازن بين هذين العنصرين قد يقود إلى حالةٍ من الضياع الفكري أو التبعية العاطفية، حيث يصبح الإنسان منساقًا وراء تياراتٍ فكرية أو ثقافية دون وعيٍ نقدي أو ارتباطٍ بالقيم الجوهرية التي تُشكّل هويته.

ولتجنب هذا الانجراف، ينبغي أن يُنمّي الفرد وعيه الذاتي من خلال الممارسة الواعية للتفكير المستقل، والاستناد إلى منظومة قيمية متماسكة، مع الحفاظ على المرونة الكافية لاستيعاب التغيرات دون أن يفقد جوهره، فالبوصلة الحقيقية للإنسان ليست في ما يُملَى عليه من الخارج، بل فيما يختاره بإرادته، حين يكون عقله ناقدًا، وقلبه واعيًا، وإيمانه راسخًا بأن الأصالة لا تعني الجمود، والانفتاح لا يعني الذوبان.

"لا بد أن نفهم الحرية فهي ليست أن تفعل كل شيء، بل أن لا تكون عبدًا لأي شيء"

يُقال لنا إنَّ الحرية تعني أن تفعل ما تشاء، لكن الحقيقة؟ الحرية الحقيقية ليست فعل كل شيء، بل معرفة متى لا تفعل.
ليست حريةً أن تتبع كل موضة، فقط لأن الجميع يفعلها.

ليست حريةً أن تُشوه قيمك، لأنك تخشى أن تُوصف بالرجعية.

ليست حريةً أن تفقد احترامك لنفسك، لأن العالم يقول لك إن ذلك "طبيعي".

الحقيقة البسيطة هي:

كل شيءٍ يسلبك قدرتك على التفكير بنفسك، ليس حرية… بل استعباد.

وكل خطوةٍ تتخذها لإرضاء الآخرين، بينما تقتل نفسك من الداخل، ليست اختيارًا… بل خضوعًا.

قال رسول الله ﷺ: "لا تكن إمَّعَةً، تقول: إن أحسن الناس أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ، ولكن وَطِّنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تُحسنوا، وإن أساؤوا أن تجتنبوا إساءتهم."
كن أنت القائد في عالمٍ يسعى لجعلك تابعًا… كن أنت من يصنع المعايير، لا من يتبعها بلا وعي.

"أين تجد نفسك وسط هذا الزحام؟"

هل أنت فعلاً من يختار، أم أن اختياراتك صُنعت لك دون أن تدرك؟

هل قيمك وأفكارك نابعةٌ منك، أم أنها مجرد انعكاسٍ لما يقوله الآخرون؟

هل تستطيع أن تقف وحدك أمام التيار، أم أنك تخشى أن تكون مختلفًا؟

 في النهاية، النجاح ليس أن تُصفّق لك الجماهير، بل أن تصفّق لنفسك لأنك لم تخُن ذاتك.

والقوة ليست في أن تسير مع التيار، بل في أن تملك القدرة على السباحة عكسه حين تعلم أن الاتجاه خاطئ.

 العالم يريد أن يجعلك جزءًا منه… السؤال هو: هل هذا هو العالم الذي تريد أن تكون جزءًا منه؟

في كل لحظةٍ من حياتك، هناك طريقان أمامك:

طريقٌ سهل، مليءٌ بالتقليد والاندفاع خلف كل جديد دون تفكير… لكنه سينتهي بك حيث لا تعرف نفسك.

وطريقٌ أصعب، حيث تكون واعيًا، حيث تفكر، حيث تختار بنفسك… لكنه الطريق الوحيد الذي ستصل فيه إلى ذاتك.
اختر الطريق الذي لا يُفقدك ذاتك، مهما بدا صعبًا… ففي النهاية، هذه حياتك، وهذه قصتك، وأنت الوحيد الذي يقرر كيف تُكتب.
أنا الدكتورة آلاء الضمرات، وهذه كانت رسالتي لك… والآن، القرار لك:
هل ستظل جزءًا من التيار، أم ستقرر أن تكون مختلفًا؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :