أعيرونا نظاراتكم .. لنرى ما ترون
محمود الدباس - ابو الليث
17-03-2025 12:03 PM
ليس من العدل.. أن نحكم على شيء.. لم نره بأعيننا.. ولا أن نصدق أمراً.. لم نقف على شواهده.. فالعقل والمنطق يفرضان علينا.. أن نستوثق من كل معلومة.. قبل أن نحكم عليها.. ولكن كيف السبيل إلى ذلك.. إن كانت الصورة أمامنا مشوشة.. والعدسة التي نرى بها الواقع.. غير العدسة التي تنظرون بها؟!..
نسمع كل يوم أرقاماً ونسباً وبياناتٍ رسمية.. تؤكد أن الوضع على ما يرام.. وأن التنمية تسير بخطى ثابتة.. نحو المستقبل المشرق.. نسمع عن الاستثمارات التي تتدفق.. والمشاريع التي تزدهر.. والاقتصاد الذي يتعافى.. ولكن.. عندما نخرج إلى الشارع.. ونرى المحلات المغلقة.. والمشاريع المتعثرة.. والأيدي العاملة التي تبحث عن رزق.. فلا تجده.. نشعر وكأننا نعيش في عالمين متوازيين.. عالمكم المليء بالإنجازات.. وعالمنا الذي يئن من الأزمات..
أليس من حقنا أن نتساءل؟!.. هل المشكلة في أعيننا.. التي لا ترى ما ترونه؟!.. أم في عقولنا.. التي لا تستوعب معادلاتكم الاقتصادية؟!.. أم أن الأمر كله.. يتعلق بتلك النظارات السحرية.. التي تملكونها.. فترون بها ما لا نرى؟!..
لقد حاولنا مراراً.. أن نفهم كيف تُبنى تقاريركم.. وكيف تُستخرج الأرقام.. التي تبنون عليها تفاؤلكم.. ولكن في كل مرة.. نجد أنفسنا أمام جدارٍ سميك من الغموض.. فإما أننا لا نحسن فك رموز تلك البيانات.. أو أن البيانات نفسها لا تعكس الواقع الذي نحياه..
وفي المقابل.. حين نفتح عيوننا على معاناة الناس.. ونستمع إلى التجار وهم يشكون الكساد.. والمستثمرين وهم يروون معاناتهم مع البيروقراطية.. والأطباء الذين يصرخون من نقص الأدوية.. وضعف الإمكانيات.. نجد أنفسنا أمام حقائق لا تقبل التأويل.. ومع ذلك تأتينا الردود بالنفي القاطع.. وكأن المشكلة ليست في الواقع.. بل في إدراكنا له..
لهذا نقولها بصراحة.. نحن لا نشكك في نواياكم.. ولا نقلل من جهودكم.. ولكننا نطلب منكم أمراً بسيطاً.. أعيرونا نظاراتكم.. دعونا نرى بها ما ترونه.. دعونا نعيش ذلك الازدهار الذي تصفون.. ونشعر بذلك التحسن الذي تؤكدون.. فربما يكون الخطأ في أعيننا نحن.. وربما نجد في تلك النظارات السحرية.. المفتاح لفهم ما استعصى علينا فهمه..
أم أن الحقيقة ليست في نظاراتنا.. ولا في نظاراتكم.. بل في زاوية الرؤية نفسها؟!.