الدعم الصيني لمشروع التعليم الذكي في الأردن
السفير الدكتور موفق العجلوني
17-03-2025 11:41 AM
أصبح التعليم الرقمي من العناصر الأساسية في نظام التعليم العالمي في العصر الحديث، ويعكس التوجه العالمي نحو تحسين جودة التعليم وزيادة فرص الوصول إلى المعرفة. حيث يتيح للطلاب الوصول إلى المواد الدراسية والمحتوى التعليمي عبر الإنترنت، مما يوفر فرصًا غير محدودة للتعلم بغض النظر عن الوقت أو المكان. هذه المرونة تساهم في تيسير التعليم للملايين من الطلاب في مختلف أنحاء العالم.
من جهة أخرى يعزز التعليم الرقمي استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، والتعلم الآلي، مما يعزز تجربة التعلم ويتيح للطلاب الاستفادة من أساليب تعليمية مبتكرة. هذه التقنيات تساعد في توفير تجارب تعليمية تفاعلية ومخصصة لكل طالب.
ويمكن ان يسهم التعليم الرقمي بشكل كبير في تحسين كفاءة العملية التعليمية، حيث يتيح لطلبة الجامعات والأساتذة وطلبة المدارس والمعلمين تفاعلًا أسرع وأسهل. ويسهل للطلاب الوصول إلى المراجع والمصادر التعليمية في أي وقت، مما يساعدهم على تعلم المواد بشكل أكثر عمقًا وسرعة.
بنفس الوقت يساهم التعليم الرقمي في تعزيز فكرة التعلم المستمر طوال الحياة. ويمكن طلبة الجامعات والكليات والأساتذة وطلبة المدارس والمعلمين والمهنيين الوصول إلى دورات تدريبية وبرامج تعليمية جديدة عبر الإنترنت لتعزيز مهاراتهم وتوسيع معارفهم.
يساعد ايضاً التعليم الرقمي في تقليص الفجوات التعليمية بين الدول والمناطق المختلفة، وخاصة في المناطق النائية أو الفقيرة التي تفتقر إلى الموارد التعليمية التقليدية. وبفضل التقنيات الحديثة، يمكن للطلاب في هذه المناطق الوصول إلى نفس الموارد التعليمية التي يتاح للطلاب في المدن الكبرى.
ومع التحديات التي فرضتها جائحة كورونا عام ٢٠٢٠، أصبح التعليم الرقمي أداة أساسية لضمان استمرارية العملية التعليمية في العالم. فقد مكن التعليم الرقمي الطلاب من متابعة دراستهم عن بُعد، وقدم حلولًا تعليمية مبتكرة في ظل القيود التي فرضتها الجائحة.
وبما أن الكثير من الوظائف المستقبلية تتطلب مهارات تقنية عالية، فإن التعليم الرقمي يعد الطلاب والمهنيين على التكيف مع سوق العمل المتغير، ويزودهم بالأدوات والمعرفة اللازمة للعمل في بيئات عمل تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا.
و بشكل عام ، التعليم الرقمي ليس مجرد تكنولوجيا تعليمية، بل هو جزء من تحول عالمي نحو مستقبل تعليمي يواكب العصر ويسهم في إعداد الأجيال القادمة لمواجهة تحديات العصر الرقمي المتسارع. والأردن جزء من هذا العالم يعطي اهتماماً خاصاً في كافة مؤسساتنا التعليمية سوآء الجامعات والكليات والمدارس لموضوع التعليم الرقمي. ويشارك الأردن بمواكبة العالم في هذا المجال. من هنا اختارت الوكالة الصينية للتنمية والتعاون الدولي (CIDCA) مشروع التعليم العالي الذكي في الجامعات الأردنية الرسمية، والذي تقدمت به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من بين عدة مشاريع أردنية أخرى تم التقدم بها. وقدمت مشكورة، وبدعم مباشر من سعادة سفير جمهورية الصين الشعبية تشن تشوان دونغ دعماً مالياً لهذا المشروع بقيمة تسعة ملايين دينار أردني. حيث يهدف هذا الدعم إلى تحويل النظام التعليمي في الأردن إلى نظام رقمي، وذلك لزيادة كفاءة التعلم وضمان توفير الموارد التعليمية عالية الجودة لكل من الطلاب والمؤسسات الأكاديمية. ويتضمن المشروع التعاون مع الجامعات الأردنية الرسمية بهدف مشاركة الموارد التعليمية الحديثة، وتمكين الطلاب من الوصول إلى المعرفة العلمية المتقدمة، كما
يأتي هذا المشروع تلبيةً لاهتمامات جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله بتطوير التعليم كجزء من استراتيجية شاملة لتحسين جودة التعليم وضمان حصول الطلاب على أحدث المعارف العلمية لتحسين كفاءاتهم التنافسية
وتبرع الصين بمبلغ 9 ملايين دينار أردني لمشروع التعليم الرقمي في الجامعات الأردنية يحمل أهمية كبيرة للأردن على عدة أصعدة:
• يساهم هذا الدعم في تعزيز التحول الرقمي في التعليم العالي في الأردن، مما سيسهم في زيادة كفاءة التعلم. التحول إلى التعليم الرقمي يعني توفير فرص أكبر للطلاب للوصول إلى المحتوى التعليمي بطريقة أكثر مرونة، مما يعزز الفهم ويسهم في تحسين الأداء الأكاديمي.
• يهدف المشروع إلى ضمان توفير موارد تعليمية عالية الجودة لجميع الطلاب والمؤسسات الأكاديمية. من خلال هذا الدعم، سيتمكن الطلاب من الوصول إلى مواد تعليمية حديثة ومتنوعة عبر منصات رقمية، مما يعزز من تنافسيتهم في سوق العمل.
• يعكس التبرع عمق العلاقات الثنائية بين الأردن والصين في مجال التعليم. كما يعكس الجهود المستمرة لتطوير شراكات استراتيجية في مختلف المجالات بين البلدين.
• يرتبط هذا المشروع بشكل مباشر مع رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله لتطوير التعليم في الأردن. التركيز على التعليم الذكي والرقمي يضمن أن النظام التعليمي في الأردن يتماشى مع التطورات العالمية في مجال التكنولوجيا والتعليم.
• من خلال تعزيز استخدام التقنيات الحديثة في التعليم، سيتحسن مستوى التأهيل الأكاديمي للطلاب، مما يسهم في رفع كفاءاتهم التنافسية في أسواق العمل العالمية.
• يهدف المشروع إلى تطوير بيئة تعليمية مستدامة تتمتع بإمكانية التوسع والتطور بما يتماشى مع احتياجات المستقبل، وهذا سيؤثر بشكل إيجابي على كافة الجامعات الأردنية.
ومن المعلوم ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وزارة التعليم التربية والتعليم بقيادة معالي الوزير الدكتور عزمي محافظة، "وما عرفته عنه من أيام زمالته في جامعة دمشق "لا تدخر جهداً في تحسين جودة التعليم وضمان تزويد الطلاب بأحدث المعارف العلمية اللازمة لدخول سوق العمل بشكل أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات التكنولوجية الحديثة.
وفي هده المناسبة لا بد ان نتقدم بجزيل الشكر والامتنان لجمهورية الصين الشعبية على هذا الدعم السخي والمستمر لمشروع التعليم الرقمي في الجامعات الأردنية وخاصة للدور الكبير في هذا الدعم لسعادة السفير الصيني تشن تشوان دونغ. وهذا يعكس التزام جمهورية الصين الشعبية الصديقة العميق بدعم التعليم والتطور التكنولوجي في الأردن، ويعزز من قوة التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات عدة.
إن هذه المبادرة تعتبر تجسيدًا حقيقيًا للعلاقة الممتازة والمثمرة بين الأردن والصين، والتي تشهد تطورًا مستمرًا في جميع المجالات، وخاصة في التعليم والبحث العلمي. نحن في الأردن نقدر عاليا الجهود الصينية المستمرة لدعم تطوير النظام التعليمي لدينا، مما يسهم في تحسين مستوى التعليم وجودته، ويوفر فرصًا كبيرة للطلاب الأردنيين للحصول على المعرفة المتقدمة واستخدام التقنيات الحديثة في دراساتهم. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، ونتطلع إلى المزيد من التعاون المثمر في المستقبل بما يساهم في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق الأهداف المشتركة.
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me