أنظار المسؤولين والمحللين كانت تترقب بحذر النتائج السنوية لشركة الملكية الأردنية العام الماضي.

فبعد رفع رأسمال الشركة بمساهمة حكومية نقدية وعينية بلغت 240 مليون دينار عام 2022 و2023، كان الخوف أن تعاود الشركة التعرض لخسائر كبيرة في 2024 نتيجة الحرب الإقليمية وتداعياتها على السياحة وحركة الطيران.

إلا أن النتائج الأولية للشركة جاءت مفاجئة بالاتجاه الإيجابي. فقد انخفضت خسائر الشركة بأكثر من النصف، من حوالي 8 مليون دينار عام 2023 إلى 3.6 مليون دينار في 2024. وهذا على الرغم من حرب غزة، وتراجع السياحة، وحرب لبنان، وارتفاع فوائد القروض، وغيرها من العوامل السلبية.

جزء من أسباب الأداء الإيجابي يعود إلى عوامل عالمية خارجة عن إرادة الشركة مثل ارتفاع أسعار التذاكر بشكل عام، وانخفاض أسعار الوقود.

ولكن الجزء الأبرز على ما يبدو يرتبط بخيارات مجلس إدارة الشركة والجهود الحكومية التي تمخضت عن فتح خطوط جوية ذات ميزة نسبية مرتفعة مع ليبيا وسوريا (ترانزيت برا 2024 وجوا 2025)، إلى جانب ضبط النفقات، والاستمرار بالتركيز على الطائرات الأكثر كفاءة اقتصاديا (الصغيرة والمتوسطة).

المفارقة أن أداء الشركة يتحرك باتجاه معاكس لأداء قطاع السياحة في المملكة. فما بين عام قياسي للسياحة الواردة في 2023، والتراجع الحاد في السياحة نتيجة الحرب عام 2024، تحسنت النتائج المالية للشركة.

لا بد أن هذه المفارقة تنطوي على دروس يمكن الاستفادة منها، أهمها أن الأسواق المجاورة للسياحة العربية ورحلات الأردنيين هي الأكثر ربحية، والأهم للتركيز عليها خلال السنوات القادمة.

أيضا يجب التفكير بأسباب عدم استفادة الملكية من السياحة الغربية، والتي تعود ربما لحقوق الطيران المقيدة أو الاعتماد الكبير للسياح على الطيران الاقتصادي الأقل تكلفة.

هنا ربما يكون تفكير الملكية بتأسيس ذراع للطيران الاقتصادي خطوة تستحق الدراسة. فهذا يخدم الشركة على صعيد الأسواق المجاورة والأسواق البعيدة أيضا.

ولا ننسى أيضا أهمية استفادة الملكية من استحواذها على شركة المطارات الأردنية عام 2023، خارج إطار الحسابات الضيقة لرفع رأس المال. 

جميع هذا الخطوات تساعد الملكية الأردنية في تجاوز "عقدة الوسط" التي صاحبتها لفترة طويلة، وتركتها بوضع تنافسي ضعيف أما الشركات الكبرى من جهة، والطيران الاقتصادي من جهة أخرى.