الأردن: فاعل إقليمي في رسم ملامح المشهد السياسي والدبلوماسي
صالح الشرّاب العبادي
13-03-2025 02:41 AM
في ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم، برز الأردن كقوة إقليمية ذات تأثير جوهري في ضبط التوازنات الجيوسياسية وصياغة الحلول الدبلوماسية لمختلف الأزمات ، لم يعد الدور الأردني مقتصراً على التأثر بالمتغيرات المحيطة، بل أصبح فاعلاً رئيسياً في تشكيل المشهد السياسي، ليس فقط على مستوى الشرق الأوسط، بل في القضايا ذات الأبعاد الدولية أيضاً، مما يعكس رؤية استشرافية وقدرة على التعامل مع التحديات بمرونة وفاعلية.
يحتل الأردن موقعاً محورياً في القضايا العربية، حيث يواصل جهوده الحثيثة في دعم القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الاستقرار الإقليمي ، انطلاقاً من الوصاية الهاشمية، يضطلع الأردن بدور أساسي في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وهو موقف راسخ يؤكد التزامه بالحفاظ على الهوية التاريخية والدينية للمدينة المقدسة، كما يبذل جهوداً دبلوماسية حثيثة لدعم المفاوضات السلمية والتوصل إلى حلول عادلة تعيد الحقوق الفلسطينية إلى أصحابها، مع التركيز على المصالحة الداخلية بين الفصائل الفلسطينية لتعزيز وحدة الصف وتحصين القضية من التدخلات الخارجية.
إلى جانب ذلك، لعب الأردن دوراً حاسماً في التهدئة ومنع التصعيد في العديد من النزاعات المسلحة التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي، فمن الأزمة السورية إلى تداعيات الحرب في غزة، كان الأردن في طليعة الجهود الرامية إلى إيجاد حلول إنسانية وسياسية، مستنداً إلى مقاربة متوازنة تجمع بين الدبلوماسية الحكيمة والاستجابة الإنسانية السريعة، ولم يقتصر دوره على الوساطة السياسية، بل امتد إلى توفير الدعم الإغاثي والمساعدات الإنسانية للنازحين والمتضررين، في ظل التزام راسخ بمبادئ التضامن الإنساني وتحمل المسؤولية تجاه الأزمات التي تعصف بالمنطقة.
وعلى الصعيد الدولي، نجح الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في تعزيز حضوره على الساحة العالمية، حيث بات صوتاً قوياً مدوياً حكيماً مسموعاً في المحافل الدولية، ينادي بالسلام والاستقرار ويدافع عن القضايا العربية العادلة ، من خلال دبلوماسية متزنة، استطاع الأردن بناء شبكة من التحالفات والشراكات التي عززت من موقعه كوسيط موثوق وصانع حلول، وهو ما انعكس في مواقفه الواضحة تجاه الأزمات الإقليمية والدولية، وسعيه الدائم إلى تحقيق التوازن بين القوى العالمية بما يضمن مصالح الشعوب واستقرار المنطقة.
لم يعد الأردن مجرد دولة تتأثر بالتطورات من حولها، بل أصبح لاعباً رئيسياً في صياغة السياسات الإقليمية، مستنداً إلى رؤية استراتيجية تقوم على الحكمة والتوازن والقدرة على التكيف مع المتغيرات ، دوره المتنامي في الدفاع عن القضايا العادلة، وجهوده في حل النزاعات، ومكانته كجسر بين الشرق والغرب، كلها عوامل جعلته رقماً صعباً في معادلات السياسة الدولية، ومثالاً حياً على كيف يمكن لدولة بحجم جغرافي محدود ومحيط ملتهب أن تمتلك تأثيراً استثنائياً في صياغة مستقبل المنطقة والعالم.
في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، أصبح من الضروري أن يقف الشعب الأردني العظيم ، بكل مكوناته، صفاً واحداً في مواجهة التحديات، متسلحاً بالوحدة والتماسك الوطني .
إن التلاحم الشعبي ورص الصفوف هما الضمانة الحقيقية لاستقرار الوطن وحماية مكتسباته، فالأردن كان وسيظل قوياً بتكاتف أبنائه ووعيهم العميق بضرورة نبذ الفرقة ووأد الفتن قبل أن تستفحل ، وحده التآخي بين أبناء الوطن، والالتفاف حول الثوابت الوطنية والقيادة الهاشمية، هو ما يحصن الأردن من أي محاولات للنيل من وحدته أو زعزعة أمنه، المرحلة تستدعي مزيداً من الوعي والتكاتف، والابتعاد عن كل ما يفرق أو يثير الشقاق، فالأردن لم يكن يوماً إلا بيتاً واحداً لجميع أبنائه، ولن يكون إلا نموذجاً في الصمود والوحدة والتلاحم.