العثيميين ل"عمون" : انا لست مؤرخ للدولة وكدت افصل من الجامعة لقوميتي
18-08-2007 03:00 AM
عمون - حاوره د مهند مبيضين
هرب إلى التاريخ، كي لا يخسر الكثير إذا ما درس اللغة العربية التي طالب اساتذتها في جامعة المك عبدالعزيز بفصله ، لذا كانت المسافة قصيرة جداً بين أن يكون عبد الله العثيمين متخصصاً في الأدب أو أن يكون مؤرخاً، وفي السيرة أن وعيه الشقي الذي وجه النقد إلى أساليب التدريس، وهو السبب الذي ظل دائماً يزجه نحو سؤال المعرفة والحياة التي عاش فيها سيرة عاشق مفتون بحب مسقط رأسه بلده "عنيزة" من أراضي نجد، حيث ديار العشاق الأوائل، وله سيرة المؤرخ المحايد البعيد كل البعد عن شطط الأفكار، وهو عامل في مؤسسات السلطة الرسمية وهو المحافظ على سلامة الروح القومية التي أشعلتها فيه هبات الفكر الحر التي أمتلكها منذ منتصف الخمسينيات من القرن المنصرم. فكان من الذين اجتهدوا وما زالوا يرون إمكانية القول بهوية قومية. حياة عبد الله العثيمين الذي يبدو أكاديمياً صارماً مليئة بالتنوع، ابتداء من حياة الزراعة البسيطة ثم التجارة والتعليم في المعاهد الدينية ثم العمل في جامعة الملك سعود ومن ثم الابتعاث إلى الدراسة في جامعة ادنبرة، ومن بعدها التخصص في تاريخ المملكة العربية السعودية بدون قصد، وهو المتتلمذ في دراسته على كبير المستشرقين "مونتغري واط" صاحب كتابي محمد في مكة ومحمد في المدينة.
الشاعر الأكاديمي والأمين العام لأرفع الجوائز العربية، هو رجل عاشق محب للحياة، يرى في الشعر وسيلة لاكتساب معاني التفرد، وهو المثقف العارف لمعنى المسافة بين سلطان العلم والسلطة، فكان لذلك محلّ الثقة في كتابة تاريخ دولته وكان أهم أعماله كتاب تاريخ المملكة الذي طبع نحو أثني عشر طبعة وترجم لعدة لغات.
كتب عبدالله العثيمين عن الإمام محمد بن عبد الوهاب واختص به وبدراسة عصره وثقافته، لكنه ما لبث أن اتجه نحو تاريخ المملكة العربية السعودية مؤلفا ومحققا ومترجما، ويحسب له تناوله لمساحات تاريخية بدت صعبة التناول كما في كتابته عن تاريخ آل رشيد، وهو المكلف بتأليف عدة كتل للتعليم العام في السعودي
عمون تنشر حوارا للزميل د. مهند مبيضين التقى فيه الدكتور العثيمين في عمان ونشر في مجلة المجلة السعودية فكان له معه هذا اللقاء.
من عنيزة إلى الرياض
كيف خرجتم من بيئة قريبة من البداوة إلى كل هذا العالم من المعرفة؟
- أنا لست بدوياً أولاً، بل حضري، وفهمي للبداوة هو أنها لا تتفق مع الاستقرار فالبدوي لا يعيش في الحضر. وأنا حضري منذ أن غادرت البداوة.
لكنك في ديار القبيلة تعلمت الحرف، كيف بدت القصة؟
- درست أولاً في مدرسة تقرئ القرآن فقط وهي اشبه بالكتاتيب، ولما أكملت انتقلت إلى مدرسة تجمع بين الكتاتيب والتعليم الحكومي أي أنها تدرس القرآن والخط والحساب والأناشيد، فلما عرفت هذا معرفة لا بأس بها ظننت أن لا حاجة للمزيد من المعرفة وهذا كافي للدخول في معركة الحياة.
ماذا كان يعمل والدك؟
- كان أبي يعمل بالتجارة البسيطة جداً، وكان له دكان في الرياض وكان يعيش أعزب هو وعمي في الرياض.
لماذا صفة الأعزب؟
- لأنهم لم يكونوا يأخذون النساء معهم إلى المدن أو بلاد الغرب، وكانت العادة أن لا تسافر المرأة مع الرجل من بلدتها كي لا تنفصل عن أهلها وأقاربها، واجتمع الأخوين بالرياض. ثم انتقلت لأساعدهم في أعمال الدكان، ثم أصبت بمرض "ذات الجنب" او الألتهاب الرؤي، وأتى والدي لي بطبيب شعبي وبعد هذا اخترت العودة إلى عنيزة وصرت أعمل مع عمي الآخر في مزرعة تبعد عن البلدة 8كم، كنا نذهب إلى المزرعة ونعود للبلدة ونعمل طوال النهار، وبقيت أكثر من سنة ثم كتب لي أبي رسالة أفادت بأن آتي له إلى الرياض أو أدخل المدرسة الحكومية، ولم أكن أرغب بالذهاب إلى الرياض وعلى أساس "حنانيك أن بعض الشر أهون من بعضه" دخلت المدرسة الحكومية، وكانت الحصيلة التي لدي من خط وحساب سبباً في جعل مدير المدرسة يخيرني بين أن أدخل في السنة الثالثة أو الرابعة، واخترت السنة الرابعة بعد الاختبار. ومضيت في هذا العام ثم أكملت الابتدائية ودخلت في العهد العلمي الشرعي، وفيه جلست السنة الأولى، وفيها افتتح المعهد فرعاً في عنيزه، وانتقلت اليه في السنة الثانية، وهناك بدأ النشاط الأدبي والشعري سنة 1954م. وكان لنا نشاط في الخمسينيات مع الوهج القومي وكونّـا أول تجربة في الانتخابات الطلابية التي هيأت نادي الشعر وكذلك صحيفة المعهد، وهذه كانت بالانتخابات.
كيف تصف أحوالكم الدراسية في ظل الوهج القومي ؟
- في سنة 1955م زاد الوهج القومي بعد مؤتمر ياندونغ ثم جاء تعريب الجيش الأردني والعدوان الثلاثي على مصر. كنا في قمة الشعور القومي ونجحت في السنة الرابعة للمعهد سنة 1956م وكنت أنا الأول، لكني فوجئت أنا وعدد من زملائي بداية العام الدراسي سنة 1957م نتسلم ورقة نُص فيها على اعتبار "طي قيدنا" أي فصلنا من المعهد، وقلنا سمعاً وطاعة وفصلت، لكني كنت وأنا أدرس في المعهد أتعلم لغة إنجليزية، وعلوم، وقدمت كفاءة حسب التعليم العام ونلت الشهادة في التعليم المتوسط فهذه خولتني أن أتقدم للمعهد السعودي بمكة، الذي كان يؤهلني للدخول إلى جامعة الملك سعود 1957م، وفي سنة 1959م أكملت الثانوية ودخلت الجامعة، وكانت هدفي أن أبتعث إلى مصر التي كانت مطمح كل شاب، وكنت الثاني في الشهادة الثانوية، وكتبت قصيدة عنوانها "لا تظلموني" لأني لم أبتعث.
الجامعة والتخصص في التاريخ
كيف يقيم عبدالله العثيمين تجربة الجامعة في بداياتها التي تحمل الكثير من الأسرار والمواقف؟
- دخلت الجامعة وكان من أساتذتنا مصطفى السقا وأحد الحوفي في الأدب الجاهلي، وكان يحاول أن يهدم نظرية طه حسين، وأنا كنت معجباً بالأخير لهذا لم تكن علاقتي بالحوفي على ما يرام. كتبت في صحيفة اليمامة مقالة انتقد فيها طريقة الأساتذة في التدريس فاجتمعوا وقرروا "إذا لم أفصل فأنهم سيمتنعون عن التدريس" وفصلت بقرار من مجلس الجامعة ولما فصلت جرت محاولات لأعود.
من هم الأشخاص الذين تدخلوا لإعادتكم للجامعة ومن منهم لم يقف معكم؟
في ذلك الوقت كان أحمد زكي اليماني يلقي محاضرات في ذلك الوقت على طلبة كلية التجارة فأخبره زملائي وطلبوا شفاعته فكان رده: "أن هذا الشاب لم يتجنى على الجامعة فحسب بل هاجم الدولة" فتركوه وانصرفوا إلى صلاح جمجوم الذي كان آنذاك يشغل موقع وزير للتجارة وأبدى ترحابه بالشفاعة وأعدت إلى الدراسة، وسار الفصل لمدة ثلاثة أسابيع.
هل اثر هذا على سير دراستكم؟
- أمام هذا الوضع اضطررت إلى أن لا أذهب إلى قسم اللغة العربية الذي كنت أنوي ان اتخصص فيه؟
لماذا لم تذهب لقسم اللغة العربية؟
- لأنني خشيت أن لا أحصل على درجات في اللغة بسبب موقف الأساتذة في قسم اللغة مني وعلى رأسهم الحوفي. وذهبت إلى قسم التاريخ، ولما انتهيت في السنة الثالثة أتى عبد العزيز الخويطر وكان أول سعودي يحصل على درجة الدكتوراه. وأعلنت الجامعة عن حاجة المكتبة إلى خمس موظفين وتقدمت ونجحت. ولما رأى الدكتور الخويطر اسمي قال الخويطي: "أريد عبد الله ليعمل سكرتيرا عندي" وكنت أول سكرتير لأول سعودي تولى إدارة الجامعة، وكنت أداوم معه في غرفة واحدة وإذا أتى من لا يريدني أن أسمعه فإنه يعطيني إشارة وأذهب خارج الغرفة. ولما انتهيت من المرحلة الجامعية عينت معيداً وكنت الأول على الدفعة وجاء قبولي من عدة جامعات مثل ييل ولندن وجامعة ادنبره، فأشار الدكتور الخويطر علي بالذهاب لادنبره لأنه عرف أن لندن صاخبة، وفي ادنبره درستن وكانت رسالتي تحت إشراف البروفسور "مونتغمري وات" والأمور تجري كما يريد الله دائماً.
تاريخ السعودية
انت لم تتخصص في الدارسة بتاريخ السعودية ومع ذلك أنت واسع الإنتاج في التاريخ السعودي، كيف تفسر هذا؟
- كان قرار إبتعاثي ينص على أن لا أتخصص أبداً بدراسة تاريخ السعودية، لأن أحد السعوديين كان قد بلغ مرحله في دراسة تاريخ السعودية في جامعة ليدن وكانت النظرة أن لا يكون هناك تكرار.
وعندما ذهب لادنبره كان الاتجاه أن اكتب عن الوجود العربي في شرق أفريقيا، لكن مونتغمري وات قال:"إننا لا نعلم الكثير عن محمد بن عبد الوهاب ودعوته" وأشار علي أن أكتب عنه، ولم يكن لدي مانع وكتب القسم إلى الملحقية الثقافية السعودية التي كتبت إلى الجامعة فوافقت على أساس أن موضوعي ليس في تخصص الدولة السعودية وإنما في ابن عبد الوهاب ودعوته.
حدثنا عن نشاطكم في أثناء الدراسة في الغرب؟
- سنة 1967م حصل ما حصل ونشطت مع إخواني العرب في العمل لفلسطين، وتأثرت برياح القومية وما أزال، وكل شهر كنا نعمل مناظرات مرة أو مرتين وندعو أناس مميزين للحديث عن قضية فلسطين مثلاً استقدمنا حاخام من نيويورك وهو معارض للدولة اليهودية، ومرة أخرى دعونا يسارياً من الكيان الصهيوني وكان يعرف مخازي الدولة الصهيونية وكان ذلك يعد نجاحاً ضد مندوب السفارة الإسرائيلية. وأكملت الدراسة سنة 1972م وعدت للمملكة متخصصاً بابن عبد الوهاب وآراءه وآراء من خالفه وأصبحت عضو هيئة تدريس وبدأت أدرس تاريخ السعودية ودراسة المنهج في التاريخ. وأنا كتبت تاريخ المملكة باختياري، والجزء الأول منه طبع 13طبعة والجزء الثاني نحو سبعة طبعات وهو عن الملك عبد العزيز، وأنا لا أكتب ما بعد عبد العزيز. وهذا الكتاب تعددت طبعاته لاقتناع الزملاء في الجامعات والكليات أنه مقيد ليكون مرجعاً مساعداً للطلاب كما انه ترجم إلى اللغة الإيطالية وهو الآن بالإنجليزية. وأنا ألفت عشرة كتب وترجمت أربعة وهناك تحقيقات وتعليقات تتعلق بالتاريخ السعودي.
لماذا لا تكتب عن فترة ما بعد الملك عبدالعزيز؟
-لان ما بعد الملك عبد العزيز ليس بتاريخ بالمعنى الدراسي بل هو أقرب للسياسة من التاريخ. وهو متداخل مع السياسة.
هل يرى عبدالله العثيمين أن الكتابة جلبت له النعمة أم لا؟
- اعتقد أنها جلبت لي النعمة، من ناحية الثقة من الزملاء والطلاب، أما السلطة فهي لم تدعم أي عمل لي واعتقد أنني لم أتجنّ على الحقيقة ولم أكتب حرفاً مبنياً على أساس غير صحيح ولم أملأ أي حاكم من الدولة السعودية الأولى أو الثانية إلا بالصفات المتفق عليها والصدي الذي اسمعه من الناس حتى من غير الدارسين مشجع والحمد لله وهذا مثار سعد وهو نعمة.
لكن السلطة قد تبدي رغبة في توجيه الكتابة باتجاه معين وهي بحاجة للتاريخ المتوازن، هل لك تجربة بذلك؟
- الفت كتبا للتعليم العام وهي مختلفة عما كان مكتوب سابقاً من تمجيد وتهليل وغيره ولدي أربعة مقررات في التعليم العام من تأليف ثلاثة منها تعلق بالمملكة والرابعة عن السيرة والخلفاء.
لماذ تختاركم وزارة التربية او التعليم العالي لتأليف كتب مقررات دون غيركم؟
- ربما أدعي أن إسلوبي وكتابتي وبخاصة في تاريخ المملكة أوكتب التعليم العام، إسلوبي يدخله نوع من التشويق غير الجاف وفيه لمحة أدبية بسيطة. أما بالنسبة للبحوث الجادة، حول ابن عبد الوهاب، فإن رسالتي كانت موضوعية ومتروكة للقارئ ليحكم. أما ما انفردت به فكان كتابي عن أسرة آل رشيد، وهي أول كتابة عربية عنهم اعتمدت فيها على الشعر النبطي مصدراً إلى جانب الوثائق المحلية والمصرية والمصادر المكتوبة.
عندما تُكلف بكتابة تاريخ، هناك من يقرأ الأمر بأنه ثقة أو استمالة، وحتى الكتابة عن الخصوم السياسين ربما تبدو تمريرا لرأي معين أو إظهار لحالة تسامح أو سياسة صفح كيف ترى الأمر ؟.
- الثقة موجودة، لأنهم يعطوك منهج عام وأكاد أدعي أن ما كتبت في المقررات ليس فيه أي هجوم على من كانوا خصوماً لآل سعود وإنما إبداء حقائق وهذا ينطبق على تدريسي. وأعتقد أن الدولة لدينا إذا أنت تكتب كتابة معتدلا فلن تجد إلا تقديراً كما أن من يحترم ذاته ينال احترام الآخرين. نحن حملة رسالة والسؤال هو كيف نقدمها بطريقة مقبولة، ولهذا السبب اعتقد أنني وفقت في الجمع بين الكتابة بأمانة وإنصاف وهو ما جعاني أنال ثقة المسؤولين.
كيف تقيمون كتابة التاريخ في السعودية، وهل هناك مساحة لمؤرخين جدد؟
- أنا تقاعدت من التدريس، واعتقد أنه سواء من عاصروني أومن هم شباب، لديهم جهود قيمة وبخاصة في التاريخ القديم والإسلامي ففيه عدد من الزملاء الجادون، أما التاريخ الوطني فالكثير منه يكتب من خلال زوايا معينة ولا أقول أن هناك ما يكفي. والمجال ما زال مفتوحاً، أنا أقول أنه ما هو قائم من أوضاع دراسية في المملكة لا تقل عن البلدان الأخرى إن لم تتفوق عليها، وإلى جانب الرجال ظهر عندنا باحثات يحملن شهادات عليا، ولديهن الجهد الأصيل علمياً. وفي هذا العام استحدثت جائزة لرواد كتابة التاريخي في المملكة، وأنا كرمت بجانب الدكتور الأنصاري والدكتور الشبل.
هل يزعجك وصفك بأنك مؤرخ دولة أم لا؟
- أنا لا أدعي أنني مؤرخ الدولة. فقد سبقني زملائي من قبلي مثل محمد سعيد الشعيثي وهو أول من حصل على الدكتوراه عن الدولة السعودية الأولى لكنه لم يواصل، ربما أنا كنت أسعد بالوقت منه، وعهدتنا بالتاريخ، الشيخ حمد الجاسر، لذا لا أقول أنني مؤرخ دولة ولدينا الزركلي وفؤاد حمزة في كتابه البلاد العربية السعودية. أنا بالنسبة لي عملت ما تمكنت وأسمع من يقول أن كتابتي جيدة، وهذا ما يفرحني.
لكن عبدالله العثيمين لم يكتف بالكتابة التاريخية فهناك من يرى أنه دخل معارك الردود والتعليقات فهل هذا ما يجعلك حارساً لهذا التاريخ؟
أنا بادرت بالرد على عجيل عياض، ولا اتابع كل جديد لان الردود تدخلك معارك انت غني عنها ثم أنا ليس لدي الآن كل الوقت للقرأة لا اقرأ 10% مما يصدر عن تاريخ المملكة، بالنسبة لعجيل عياض أنا انتقد إطلاقه صفات على سليمان الدخيل، وهي ليست في محلها، مثلاً عناية الأخير بالتوثيق، هذا شيء لم يحدث سليمان الدخيل هو له ريادة كصحفي من نجد، لكن كثير من معلوماته ليست على أساس علمي، فما ألقاه عجيل هو ما أيدت وجهت نظري حوله، ولسيس عن آل سعود أو ما أورد عنهم.
خذ مثالا كتاب فاسليف عن الأقطار العربية لقد أثنيت عليه بما هو أهل له وبما يستحقه، لأنه امتلك قوة كبيرة في قراءة المصادر، غير أنه فسر التاريخ تبعاً لمنهج تاريخي معين. صحيح أن السبب المادي تاريخياً موجود، لكنه ليس الوحيد وفاسليف رغم جودته لكنه أحياناً يجنح. وكثيراً ممن كتبوا أهملوا الكتب العلمية الشرعية والشعر العامي كمصادر تاريخية، مثل كتاب التويجري عن عبد العزيز آل سعود، ربما أنا الوحيد الذي كتبت انتقد ما كتب، كنت أدافع عن بعض الذين وصف الشيخ عبد العزيز مواقفهم بشكل متجني، ودعني أوكد أنني لم أقرأ الكثير، لكنني أحاول المتابعة، ومع آخر سنوات انشغل المرء بالأمة وقضاياها، وهي أهم من التاريخ المحلي وقضاياه.
هل تقبلون بالنقد الموجه لكم في كتاب نشأة إمارة آل رشيد؟
- أنا اقبل بكل رأي مخالف ولا ارفضه بل اناقشه، كما أنني استفدت من طالباني في الدراسات العليا، ومن منا لا يستدرك عملا له؟.
العمل العام وجائزة الملك فيصل
تترأسون منصب الامين العام لجائزة تعد من ارفع الجوائزالعالمية وانتم الاكثر بقاءا في الامانة العامة لجائزة الملك فيصل رغم ان من سبقكم لم يمكث كما الحال معكم كيف توضحون هذا الأمر؟
انا لي امين عاما لجائزة الملك فيصل منذ نحو 19 عام. وأول من استلم الأمانة الأستاذ أحمد أبو غيث وكان متوقع أن ييستمر لكنه عين وكيلاً لجامعة الملك سعود، فاضطر لترك الجائزة، فهو من ترك، ثم أن المؤسسة هي خاصة لا تتبع للحكومة وأنا وجودي بها منذ سنة 1987م والأمور ماشية، ويبدو لي أن الثقة لدى سمو الأمير خالد االفيصل وهو رئيس المؤسسة وهيئة الجائزة ما جعله مطمئناً إلي ويرى أنها سائرة سيرة لا بأس لها.
هل اخذكم العمل عضوا بمجلس الشورى عن اهتماماتكم الاخرى وما هو سبب اختياركم عضوا فيه هل هو لسبب جهوي او كأهل خبرة أو نتيجة لحكم الجغرافيا؟
- أنا من منتصف الدورة الثانية عضوا في المجلس وصحيح أنه ابعدني عن التدريس، اما تكوين المجلس فيراعى فيه التخصصات بأن يكون إداريين وشرعيين، وربما راعوا في اختياري قضية التخصص اوالمناطقية، ويمكن في الدورة الثالثة راعوا الدور القبلي واعتقد أنهم يراعون التخصص والجغرافيا والقبيلة.
هل تختلفون مع السلطة في المجلس؟
- الخلافات مع السلطة بالمجلس غير وارده بالمعنى العام، نحن مجلس تحال له القوانين وإذ اقتنع المقام السامي أحيلل الموضوع المطروح لنا ونبدي راينا، فالمجلس من تجربتي يبدي كثير من الملحوظات التي يتقبلها المقام السامي وأنت لا تختلف مع من الأمر له.
كيف تبدو المسافة بينك كمثقف واكاديمي وبين السلطة؟
- اعتقد أن المسافة بين الثقافة والسلطة مسألة تعتمد على الطريق التي يتقدم بها الفكر للسلطة، أما إذا استخدمت اللغة الاستقزازية حتى مع الأصدقاء فلا يستمر التوافق ومن يقرأ بالصحف يجد مقالات جيدة جداً وعندما أنشر مقالاتي كأي قارئ استغرب مستوى الحرية بالسعودية هناك نقد واضح، ومن يكتب دون احترام لمشاعر الأخرين يجد الرفض والصدّ.
وأنا لا أدري كثيرا عن دواوين ومجالس الأمراء وصلتي محصورة بخالد الفيصل لأنه كلما يأتي إلى الرياض أحضر مجالسه، هو حاكم منطقة عسير، وأحضر حفل الجائزة مع سموه.
ما معلوماتك عن مجالس سمو الأمير الشاعر خالد الفيصل؟
- أنا كما قلت صلتي متواضعه لكني أعرف أن لديه أربع ليالي في الإسبوع ليلة لعلماء الشريعة وليلة لرجال الفكر والثقافة وليلة للعاملين بإدارة الحكومة وليلة لأعيان البلاد، وفي كل ليلة يجري نقاش مع رجال الفكر والإدارة، وتتعدد المساءل المطروحة وتدور مناقشات.
ما علاقتك بمؤسسة الفكر العربي؟
علاقتي بمؤسسة الفكر العربي، بأني عضوا مشارك بها، ومن العام الماضي اصبحت عضوا في مجلس الإدارة ، كنت في الدورة الأولى وانتخبت في الدورة الثانية.
الشاعر والاديب
رغم انك تنحدر من أسرة متدينة إلا أن الشعر يغالبك كأن في داخلك فتىا متمردا، هل الشعر سبباً له؟
- ما أكتبه هو محاولة للتعبير عن موقفي تجاه حدث من الأحداث، لذا أكثر ما كتبته ليس خاصاً بي أو بالوطن باستثناء حنيني إلى عنيزة التي اهديتها اول ديوان لي، وأتصور أن ما أكتبه هو بمناسبة عامة أو حدث بدأ بالقومية ونوري السعيد ثم جاءت تجربة الوحدة ثم الانفصال. فأنا أعبر عن موقف وليس عن تمرد.
إذا كان الحال كذلك فلمن الشعر الغزلي؟
أنا اكتب الشعر الغزلي النبطي وهو شعر غزل بالدرجة الأولى وأحياناً ما يكون عن حب أو تعبير عام.
لم لا تنشر الشعر العزلي؟
نشرت قصيدة ليست غزل بقدر ما فيها من فكاهية حين كنا بادنبره بيني وبين زميل أصف بها حياته مع صديقته وبها غزل. وهناك قصائد غزلية باللغة النبطية لم تنشر وعدد من الفصيح ربما إذا رددت إلى أرذل العمر يمكن أن تنشر.
هل الانتساب إلى اسرة متدينة يجعلك حذرا من نشر قصائد غزلية وأنت ليبرالي وهل تعيش حالة تردد بين ان تعرف شاعرا او مؤرخا؟
أنا اعتقد أن فهمي لهذه القضية، بأني حنبلي، بسيط وقاعدته حسب المذهب الحنبلي بأن الأصل في العبادات المنع ما لم يرد شرع بتشريعه، والأصل في المعاملات الحل...الخ. وهنا فإن فهمي لهذه القاعدة يجعلني في فسحة وأكثر تعامل الإنسان مع المعاملات، لهذا السبب أتصور الدولة السعودية منذ كانت وهي منفتحة، وأخي محمد لم تكن ترد آل جديدة في الاتصال إلا وكان اول من اشتراها وكان مغرماً بالجديد ولديه معرفة بالفلك وكروية الأرض ولا أتصور إذا فهم الدين صحيحاً أن يكون هناك عقبة بتفعيل الحياة العصرية، يروى ان الرسول صلى الله عليه وسلم أُنشد أمامه غزل وكان الأحباش يرقصون في ساحة المسجد وعائشة تقف معه تشاهد الرقصات، أقول أن الدين ليس متخلفاً عن الحياة.