خسرت الدولة فرصة ذهبية تعيد فيها لمجلس النواب مكانته الدستورية، وكسبت مؤقتا رئيسا مثخنا بالجراح ينتظر الرحيل.
لا أوضح مما عبر عنه النائب محمد المراعية، فالمجلس الذي سمي بمجلس 111 بعد منح الثقة الأسطورية لحكومة سمير الرفاعي سيسمى، والقول للنائب، مجلس الكازينو.
ذهل من قرأ تقرير لجنة التحقيق، ليس بسبب متانته السياسية والقانونية والمالية، بل لأنه صدر عن مجلس 111، وهو ما جعل نائبا مخضرما مثل عبدالله النسور، والذي كان رئيسا للجنة التحقيق في مجلس النواب الحادي عشر، يعتمد بشكل كامل على تقرير اللجنة ويخرج، على ضيق الوقت، باستنتاجات تعرف الدور الدستوري للمجلس.
وما كان لافتا موقف نساء المجلس، فجلهن أخذن مواقف نظيفة وتقدمية وجريئة. وسبق لـ8 منهن من أصل 12 أن حجبن الثقة.
وفي الجلسة برز نواب محدودو الخبرة جاءوا من خلفيات بسيطة، بقدر ما خبا نواب مخضرمون فضحتهم مواقف ركيكة متهالكة.
ربما كان من أكثر المواقف غرابة نواب لهم خلفيات يسارية تلمسوا العذر لرئيس الحكومة، مقابل نواب عشائريين مارسوا سلطانهم الدستوري على رئيس الحكومة. وهو بالمناسبة ما يعكس التناقض في الحياة السياسية الأردنية.
في التحقيق ثبت أن شريف الزعبي، وهو الذي ظل يتهم بأنه من سلالة الديجتال التي تقدس الاستثمار على حساب القيم والأخلاق والدستور والقانون، كان الوزير الذي ترافع ضد الكازينو، وأخفى أبناء الحراثين والطبقة الوسطى مرافعته، وانحازوا ضد طبقتهم لصالح أسوأ أشكال الاستثمار الفاسد.
في الجلسة الماراثونية للمجلس تأكد كل حاضر من دقة ما ذهبت إليه لجنة التحقيق، وكان متوقعا أن يصوت مع قرارها ويشكل المجلس مدخلا حقيقيا للإصلاح. وهذا هو الإصلاح السياسي لا غيره.
للأسف، بدا أن البلاد تتجه لحال من الفوضى السياسية. فالنواب الذين أنتجتهم الدولة ولا شبهة بارتباطهم بالمعارضة، لم يسمع لهم، تماما كما لم يسمع لجبهة العمل الإسلامي التي عقدت مؤتمرها الصحافي قبيل جلسة المجلس وتحدثت عن الفساد في قضية سكن كريم.
القضية ليست سجالا دينيا أو أخلاقيا، لو أن الحكومة أعطت رخصة جوال بهذه الطريقة لأدينت.
في الملف كل أشكال خرق القوانين والدستور والمتعارف عليه. وقد خرج الإعلام الرابح الوحيد في القضية الخاسرة. فالأجيال تجد بين يديها وثائق تكشف كيف أديرت دولتهم في 2007 و2011.
كان يمكن أن تحيا عظام المجلس وهي رميم لو أصيخ السمع للجو العام فيه. لكن ما حصل أن المجلس قدم قربانا للحكومة، نجت الحكومة -مؤقتا- وغرق المجلس.
الغد