أربع حقائق حول ملف الكازينو
باتر محمد وردم
28-06-2011 05:42 AM
لا شك أن كل مواطن أردني متابع للقضايا العامة، أو مواطن مشبع بحب المعرفة والفضول قد اطلع على نص تقرير لجنة التحقيق النيابية حول مشروع الكازينو، والذي يعتبر سابقة حقيقية في سياق مكافحة الفساد في الأردن. وقبل أن ننطلق لإطلاق الأحكام حول الاتهامات الواردة فيه لا بد من التذكير بأربع حقائق اساسية.
الحقيقة الأولى هي الكفاءة والمهنية العالية في جهود التحقيق والتي يعود الفضل الرئيس فيها إلى هيئة مكافحة الفساد والتي قامت بالاستماع إلى أقوال كافة المعنيين بالقضية من رئيس الوزراء معروف البخيت وحتى السكرتيرة المساعدة في وزارة السياحة وجمعت كافة خيوط القضية بالكتب والوثائق الرسمية وشهادات المعنيين وذلك استنادا إلى قانون الهيئة والذي يمنح كوادرها صفة الضابطة العدلية. وحتى إن كانت لجنة التحقيق النيابية قد بذلت جهدا كبيرا في الاستماع لأقوال بعض الوزراء وتحليل المستندات وبناء التوصيات والتهم الموجهة فإنه لا بد من التذكير بالدور المحوري الذي قامت به الهيئة قبل أن يطويه النسيان في بلد يعتبر النجاح فيه متعدد الآباء.. أما الفشل فيتيم.
الحقيقة الثانية هي ضرورة تقدير التعاون الذي أبداه كل المعنيين مع التحقيق فلم يقم أحد بالتهرب من تقديم أقوالهم وهذا أمر مهم جدا من ناحية المصداقية الإجرائية إذ أن هذا النجاح في جمع كافة الشهادات والأقوال يجب أن يمثل النموذج في التحقيق في كافة قضايا الفساد اللاحقة وعدم السماح بتهرب أو تهريب اي طرف من المعنيين وبالتالي خلق ثغرة في مضمون التحقيق. ولا شك ايضا أن قدرة هيئة مكافحة الفساد على الاستماع لأقوال مالك الشركات التي تقدمت بالعروض يعتبر مهما ايضا لأنه ليس من السهل إقناع رجل أعمال كهذا بالتعاون في التحقيق.
الحقيقة الثالثة مفادها أن نمط الفساد الرئيس في هذه القضية كان إداريا أكثر منه ماليا، حيث لم يثبت ولا حتى يشك بوجود منفعة مالية لأي من الأطراف ولكن هنالك ثبات بوجود مخالفات إدارية عديدة وهي للأسف قد تحصل بشكل يومي في الإدارة العامة في الأردن. وربما تكون حقيقة كشف تفاصيل هذه القضية بكافة الأسماء الواردة فيها حافزا للمسؤولين الرسميين في المستقبل بالحرص التام على إتباع كافة الاساليب الصحيحة في العمل وعدم التخوف من التعبير عن الرأي ورفض الخطأ، فلا أحد يتمنى أن تصل حياته المهنية إلى حالة يجد فيها نفسه متورطا ولو حتى بعدم إتباع الدقة في مراجعة اتفاقية ما. وفي الواقع فإن المواقف الجريئة التي نفذها بضعة مسؤولين في سياق هذه القضية ستبقى وساما لهم وتعزيزا لمصداقيتهم في الإدارة وأمام الرأي العام الأردني.
الحقيقة الرابعة تتعلق بأهمية أن تستمر هذه الطريقة في التحقيق لتصل إلى ملفات الفساد الأكبر والتي تتضمن الرشاوى وهدر المال العام وإساءة استخدامه، وهذا ما قد يظهر بشكل جلي في أكبر وأخطر ملفين وهما "موارد"و"سكن كريم". فمع فداحة الأخطاء في ملف الكازينو فهي لم تكلف الخزينة العامة من الأموال بقدر ما كلفتها ملفات الفساد الأخرى والتي يجب أن تفتح. وفي هذا السياق نستغرب قول رئيس اللجنة النيابية المختصة بالتحقيق في الكازينو أن "التحقيق في ملف سكن كريم مخالف للدستور" في الجلسة الأولى للدورة الإستثنائية، وكان الأجدر به أن يصر على تشكيل لجنة تحقيق في هذه القضية ايضا!!
ملف الكازينو نقلة نوعية في مكافحة الفساد في الأردن بغض النظر عن النتائج النهائية، فللمرة الأولى يتم التحقيق الشامل في مخالفات إدارية وتنشر بكافة التفاصيل دون تردد، وهذا ما يجب أن يحدث لكافة ملفات الفساد الأخرى وإلا نكون قد توقفنا عند القضية الأسهل والأقل ضررا على الاقتصاد الوطني!
batirw@yahoo.com
الدستور