السلام التائه في رحاب الربيع العربي!
أ.د.فيصل الرفوع
27-06-2011 06:16 PM
إعتادت الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العبرية عام 1948 وحتى اليوم على عدم إدراك أهمية السلام في المنطقة، ليس للعرب وحدهم بل «لإسرائيل» نفسها وشرعية وجودها، ولم تدرك بعد الأخطار المترتبة على رفضها لكل نداءات السلام سواء العربية ام الاقليمية ام الدولية أم الامم المتحدة، وتوصياتها بشان حل الصراع العربي- الاسرائيلي بالطرق السلمية.
لقد إستمرأت «أسرائيل» تبني عملية إحباط ممنهجة للجهود العربية والدولية- الأمريكية للتعامل مع ملف الصراع العربي- الاسرائيلي ومحاولة حله سلميا . فبعد رفض حكومة اليمين المتطرف في «إسرائيل» المتواصل لكل ما صدر و يصدر عن الإدارة الأمريكية، وإفشال مهمة مبعوثها للشرق الأوسط « جورج ميتشل». تمارس «إسرائيل» سياسة «التسفيه» تجاه محاولات الإدارة الأمريكية لتضييق الفجوة بين موقف الجانبين... «الضحية والجاني» ...الفلسطينيين و «الإسرائيليين» حول مفهوم الحل النهائي. كما تنظر «إسرائيل» لهذه المحاولات كشيء من مقومات التسلية العبثية ليس إلا، وتحديداً في هذا الزمن...زمن الربيع العربي الذي يتلمس فيه العرب طريقهم تجاه المستقبل.
لقد بدأت الجهود الامريكية بشكل إيجابي مع بداية عهد الإدارة الأمريكية الأخيرة والذي اوشكت دورته الأولى على الإنتهاء، والتي تعتبر في راي المراقبين أكثر جدية من سابقتها في التعامل مع ملف القضية الفلسطينية. وإستبشرنا خيراً، و بدأت الإدارة الأمريكية برئاسة « باراك حسين أوباما» بإلتقاط الإشارة المهمة والمحورية عن أهمية حل القضية الفلسطينية بناءً على مفهوم الدولتين، لأن إستتباب السلم والأمن في المنطقة يعتبر مصلحة قومية أمريكية. وحاولت الإدارة الحالية منذ قدومها للبيت الابيض، أن تقوم، ولو بسرعة السلحفاة، بمراجعة لسياسات سابقتها تجاه العالم، خاصة فيما يتعلق بمصالحها مع العالمين العربي والإسلامي، هذه المصالح التي لم تأخذها الإدارة السابقة في حساباتها حينما قررت محاربة العرب والمسلمين في عقر دارهم، العراق وأفغانستان. إلا أن أحلام اليقظة هذه حول دور امريكي ايجابي، تلاشت مع تراجع الدور الامريكي أمام إرتفاع صوت اليمين الصهيوني المتطرف.
ويعلم الجميع بأن المعضلة أمام تحقيق السلام المنشود لا تتعلق بالجانب العربي بقدر ما تتعلق بالجانب «الإسرائيلي»، فالعرب قدموا كل ما يستطيعون من تنازلات للجانب «الإسرائيلي»، والذي عبرت عنه المبادرة العربية التي اطلقت في قمة بيروت 2002، ولم يبق في رصيد العرب اي من الأوراق المتعارف عليها دبلوماسياً والتي يمكن التفاوض بشأنها. في حين إستطاعت «إسرائيل»، وكعادتها، إستثمار الوقت وبناء مزيد من المستوطنات وتهويد مؤسسي للقدس والأراضي الفلسطينية، وتحويل القضية الأساسية من قضية إحتلال وتشريد شعب الى قضية إستيطان ومستوطنات وأمن وتوطين ممنهج خارج فلسطين، ومصطلحات سياسية لا تلتقي مع أبجديات الصراع العربي-االصهيوني وسبل حله.
بالإضافة إلى الإلتفاف على نواميس الشرعية الدولية، سواء ما يتعلق بقراراي مجلس الأمن 242/ 1967 و 338/ 1973، وقبلها توصيات الجمعية العامة رقم 194/1949 الخاصة بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، واظهار القضية وكانها قضية علاقات سياسية- دبلوماسية. يبدو أن «إسرائيل»، وشعورها المفرط بالعنجهية كنتيجة لتحصنها بالقوة العسكرية، وإعتمادها على اللوبي الصهيوني في الإدارة الأمريكية، وضعف العرب، وتفكك العالم الإسلامي، يجعلها أبعد ما تكون عن التعامل بجدية مع مفهوم السلام والإيمان به. كما أن اليمين الصهيوني المتطرف لم يدرك بعد أن ربيع الثورات الإصلاحية العربية خلق حالة إرادية عربية جديدة، قد تفرض على الجماهير العربية أن تجد نفسها في حل حتى من مجرد التفكير بقبول الشرعية الوجودية للكيان الصهيوني...!!!
فهل يدرك أصحاب القضية ما يحاك ضدهم في ليل حالك السواد، ويعيدون قراءة إسترتيجيتهم بناءً على مرتكزات ثقافة المقاومة المتناغمة مع ضمير التغيير الثوري- الإصلاحي في الوطن العربي الذي بدأت ملامحة التكوينية تتشكل، وبعيداً عن الجهاد « التوطيني» والنضال «المحاصصي» وسلوك « تجار الحروب» وصائدي الفرص خارج فلسطين وبعيداً عن ثراها الطاهر!!!!.
الراي