هل نحن بمستوى الاسلام السياسي ؟
18-08-2007 03:00 AM
ما زالت الحرب الشعواء مستمرة بين الحكومة من جهة وحركة الإخوان المسلمين ممثلة بذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي من جهة أخرى , واللافت في الأمر أن طبيعة المعركة بدأت تتخذ منحى فكريا جريئا بعد أن كانت طوال السنوات الماضية معركة عادية بين حكومة ومعارضة كما يحصل في أي بلد آخر .
مقالات كثيرة عجت بها صحفنا اليومية والأسبوعية , ومجموعة من الحوارات توجت أخيرا بندوة عقدت في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة تحدث فيها مجموعة من الأساتذة المتخصصين وبعض من رموز العمل السياسي في الأردن , فكانت ثمرة ما تقدم في معظمه مهاجمة الإسلام السياسي والدعوة إلى تحجيم الجبهة واتخاذ خطوات أكثر جدية نحو العلمانية والليبرالية .المشكلة في الموضوع أن نقد جبهة العمل الإسلامي بات ذريعة لنقد الإسلام السياسي في مجمله , وأنا لا ادري كيف يتم اختصار مفهوم كبير كمفهوم الإسلام السياسي في حركة واحدة أو جماعة بعينها بغض النظر عن ماهية تلك الجماعة وفحوى النقد الموجه إليها . وكيف يمكن القول أن جماعة الإخوان المسلمين قد قدمت خدمات جليلة للدولة الأردنية طوال مدة تزيد عن الأربعين عاما , ثم تتم المطالبة فجأة ليس بحظرها فقط بل بحظر أي نشاط حزبي قائم على مرتكزات إسلامية , وكأن الإسلام أصبح الإخوان المسلمين والإخوان المسلمون أصبحوا هم الإسلام .
هناك مغالطة كبيرة علينا أن نسعى إلى تصحيحها فنبين أن الإسلام اكبر من الإخوان المسلمين وأكبر من أي حركة بعينها , فهو تراث عظيم فيه السمين ودخل فيه شيء من الغث القادم من خارجه , لكنه قادر على عبور الأزمنة المتطاولة وترسيخ مفاهيمه الخاصة المتلائمة مع مفردات الزمان والمكان مهما تنوعت , هذه القدرة مشروطة بتوفر من يجيد صياغة هذه المفردات ويستلهم الروح الكامن فيها . ولست أريد أن أبدو كمن يستحضر أمجادا تطاولت عليها القرون فأتحدث عن دور الإسلام السياسي في الأزمات الحقيقية التي ألمت بالأمة في فترات حرجة كفترة الغزو الصليبي ثم الغزو التتري , لكنني سأكتفي بالإشارة إلى الدور الاستثنائي الذي قدمه مفكرون مسلمون عظام مثل جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي أيام الاستبداد العثماني , يوم لم يكن هناك صوت قادر على مناهضة الظلم ووضع برامج نهضوية للأمة إلا صوت هؤلاء المفكرين الخالدين , ومن شاء أن يستزيد فليعد إلى العروة الوثقى أو المنار أو طبائع الاستبداد ليعلم نوعية الإسلام الذي نحن بحاجة إليه والذي قمعت وجوده أنظمة استبدادية شمولية .
لقد ارتكبت الجبهة أخطاء مميتة كان أكبرها التشكيك في نزاهة المؤسسة العسكرية التي هي حصن منيع يلتف حوله الأردنيون جميعا , لكن على من يريد أن يحارب الجبهة أن لا يتخذ حربه لها سلما لاقتراح برامجه الخاصة وتقليعاته المستوردة , فالإسلام لا يختصر في جيل واحد من الرجال وتاريخ الشعوب لا يمكن أبدا أن تلخصه صفحة واحدة .
samhm111@hotmail.com