الذهب والبنك المركزي و"جيزة الأولاد"
محمد عاكف
09-03-2025 07:43 PM
من أكثر الأمور المضحكة التي سمعتها مؤخرا، هي أن نقص المساعدات الأميركية، أجبر الحكومة الأردنية، على بيع احتياطي الذهب الموجود لدى البنك المركزي، وكأن القصة لا تتعلق ببلد وسياسة نقدية ومالية، وإنما مشروع إكمال "غرفتين عشان جيزة الأولاد".
القصة ببساطة، أن أخبارا صحفية تناولت بيع روسيا والأردن كميات من الذهب تبلغ تعادل 3 ملايين طن لكل منهما، ما جعلهما في المرتبة الأولى على مستوى العالم، في قائمة بائعي الذهب لشهر كانون ثاني الماضي.
الغريب في القصة، أن أحد النواب المرموقين، الذي أحترم وأجل، وجه سؤالا نيابيا بشأن بيع الذهب بواسطة البنك المركزي، من دون التأكد من الرواية، أو حتى معرفة التفاصيل الاقتصادية ومبررات المركزي، في حال نفذ هذه العملية.
ولأن الأرقام لا تكذب، ومتطلبات الشفافية الدولية، تؤكد على نشر الأرقام سواء الخاصة بالسياسة النقدية، أو السياسة المالية والمالية العامة، فإن المطلع بكل بساطة، يإمكانه مراجعة بيانات البنك المركزي، ليعرف أن احتياطي الذهب زاد بقيمة وصلت إلى 506 مليون دينار، بين نهاية عام 2024، وشهر شباط الماضي، لتصل قيمة الاحتياطي، إلى 4.763 مليار دينار.
ووفقا للأرقام، زاد عدد أونصات الذهب لدى البنك المركزي، إلى 2.319 مليون أونصة، في أول شهرين من العام الحالي، مقارنة بـ2.304 مليون أونصة، في نهاية عام 2024.
الفكرة الأساسية أن احتياطي الذهب في البنك المركزي "قد" ينخفض بشكل بسيط في فترة من الفترات، لكن ذلك ينعكس من خلال زيادة قيمة هذا الاحتياطي نتيجة عمليات بيع بسيطة، بسبب ارتفاع الأسعار ومحاولة استغلالها وبالتالي العودة لشراء الذهب مرة أخرى عند انخفاض الأسعار مجددا.
خلاصة القول، أرجو من كل مدعي المعرفة، التنظير بالسياسة والاجتماع، والأخلاق وهي ملفات باب الاجتهاد ما يزال مفتوحا فيها، ولا أحد يركز بما يقوله الخبراء والأكاديميون في هذه المجالات، وترك ملفات الأرقام والإحصائيات، الواضحة، والمنشورة، لأهل الاختصاص، فالأرقام لا تكذب وليس فيها مجال للاجتهاد أو "التنظير".