الشباب بين عمّان والمحافظات
د.امجد أبو جري آل خطاب
08-03-2025 02:01 PM
* رؤية لدور أوسع في “عاصمة الشباب العربي 2025”
تم اختيار عمان عاصمة للشباب العربي لعام 2025 بناء على قرار مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، وهو تقدير لدور الأردن في توفير بيئة ملائمة لاستيعاب قدرات الشباب ودعم تطلعاتهم. وبهدف إنجاح هذا الحدث، تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الشباب للإشراف على إدارة الملف وتنفيذ الفعاليات والبرامج المصاحبة له.
ولكن لضمان تحقيق الأثر المرجو من هذا اللقب، لا بد من التعامل مع الحدث من منظور استراتيجي لا يقتصر فقط على تنظيم فعاليات احتفالية ذات طابع بروتوكولي، بل يمتد إلى تمكين الشباب بشكل حقيقي وملموس. وهنا يجب التركيز على عدة محاور رئيسية:
1. إشراك الشباب من كافة المحافظات
لا يمكن أن تقتصر الفعاليات على عمان فقط، بل يجب أن تمتد إلى مختلف المحافظات، بحيث يشعر الشباب في الأطراف بأنهم جزء من هذا الحدث وليسوا مجرد متابعين له. يمكن تحقيق ذلك عبر إطلاق برامج لامركزية تتيح مشاركة الشباب من كافة المناطق، مع مراعاة احتياجاتهم الفعلية وتحدياتهم الخاصة.
2. الاستفادة من خبرات مؤسسات المجتمع المدني
تمتلك العديد من مؤسسات المجتمع المدني خبرة تراكمية في العمل الشبابي، وهي قادرة على تقديم رؤى وأفكار تعكس الواقع العملي، مما يساعد على تنفيذ مشاريع أكثر تأثيرا. لذلك، فإن الشراكة مع هذه المؤسسات ستسهم في تقديم حلول مبتكرة ومستدامة لتمكين الشباب.
3. إبرام مذكرات تفاهم مع مؤسسات مجتمع مدني رائدة دوليا
من المهم أن لا تقتصر الشراكات على المؤسسات المحلية، بل يجب توسيع نطاق التعاون ليشمل مؤسسات مجتمع مدني ناجحة في دول ريادية في مجال تمكين الشباب. يمكن أن تساهم هذه الاتفاقيات في نقل الخبرات، وتوفير فرص تدريبية دولية، وتمكين الشباب من الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية في مجالات التمكين الاقتصادي، وريادة الأعمال، والتنمية الاجتماعية.
4. وضع خطط طريق لإنجاح المبادرات بشكل منهجي وقابل للقياس
لضمان استدامة وتأثير المبادرات المنبثقة عن “عاصمة الشباب العربي 2025”، لا بد من وضع خطط طريق واضحة، تحدد الأهداف المرجوة، والوسائل اللازمة لتحقيقها، ومؤشرات أداء قابلة للقياس. فنجاح أي مبادرة يعتمد على قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة، وهو ما يتطلب آليات متابعة وتقييم لضمان التنفيذ الفعلي وتحقيق الأثر المطلوب.
5. التركيز على التمكين الاقتصادي وريادة الأعمال
التمكين لا يقتصر فقط على التدريب والتثقيف، بل يجب أن يمتد إلى توفير فرص حقيقية لدعم الشباب اقتصاديا عبر تشجيع ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة، وإيجاد حلول تمويلية تمكنهم من تحويل أفكارهم إلى مشاريع منتجة. كما يمكن إطلاق مبادرات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يقودها الشباب، وتسهيل حصولهم على التمويل والإرشاد.
6. تعزيز المشاركة السياسية للشباب
التمكين السياسي جزء لا يتجزأ من بناء جيل قادر على التأثير في مجتمعه. يجب العمل على تعزيز وعي الشباب بأهمية دورهم في العملية السياسية، وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة، سواء من خلال الانخراط في الأحزاب السياسية، أو العمل المجتمعي، أو حتى المبادرات الشبابية التي تعكس طموحاتهم وتوجهاتهم.
7. الاطلاع على التجارب الشبابية الناجحة عربيا وعالميا
من الضروري أن لا تقتصر الفعاليات على الأنشطة المحلية، بل يجب أن يكون هناك انفتاح على التجارب الشبابية الناجحة في العالم العربي، بل وحتى في الدول التي قطعت أشواطا متقدمة في دعم الشباب وتمكينهم. يمكن تحقيق ذلك عبر برامج تبادل الخبرات، واستضافة شخصيات ملهمة، وتنظيم ورش عمل تفاعلية مع جهات دولية متخصصة.
ختاما، اختيار عمان عاصمة للشباب العربي 2025 هو فرصة ذهبية لتقديم نموذج أردني رائد في تمكين الشباب، ولكن نجاح هذا المشروع يعتمد على مدى شموليته، ومدى قدرته على تقديم حلول حقيقية تلبي تطلعات الشباب في عمان وجميع المحافظات. المطلوب ليس مجرد فعاليات احتفالية، بل خطة متكاملة تستثمر في قدرات الشباب، وتجعلهم جزءا من عملية التغيير والتنمية.