حكومة ونواب وعبث اللعب بالنار
26-06-2011 02:18 PM
لا يستطيع أحد أن ينكر ان هنالك جوا محموما في المنطقة وحالة غليان كانت ساكنة عقوداً لكنها كانت مشحونة دوما بالقلق والمرارة والغضب الذي ظل محكوما بالخوف والذعر والرعب من سطوة الطغيان، وقد فاجأت تونس العرب بكسرها لجدار الخوف وتلتها مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا والبحرين تحت شعار "المنية ولا الدنية" وامتد هذا الجو المحموم ليصل الى كل بلدان الوطن العربي من المحيط الهادر الى الخليج الثائر!!
هنالك بنية اجتماعية متشابهة بل تكاد تكون متطابقة وظروف واحدة مرت فيها بلدان المنطقة وحالة اهتراء داخلي لمشروع الدولة الوطنية، وكذلك ضغوط خارجية بأدوات داخلية جحافل "الديجتل" والمحافظين الجدد والنيولبرالية عملت بدأب على تفكيك واضعاف وارباك الانظمة القائمة لدفعها تدريجيا الى حافة الهاوية لتصبح آيلة للسقوط عبر التحلل الداخلي الذي هو أساس الداء دون ان نستبعد ان تكون القوة العظمى وتحالفاتها وادواتها تستغل اي وضع جديد فذلك هو جزء من مشروعها الذي طرحته منذ عشر سنوات لتفكيك بلدان المنطقة تمهيداً لاعادة تركيبها في نظام شرق أوسطي او غير ذلك!!
نقول هذا الكلام دون ان نتعمد التعميم لان ما يهمنا وما هو مسؤوليتنا هو مصيرنا الوطني الاردني ومن هنا نقول ان هذا "التسونامي" الذي يجتاح المنطقة يفرض علينا اقصى درجات الوعي والتنشئة وتفعيل الدولة التي تقود المجتمع لكافة قدرات اصحاب الكفاءات من ذوي الخبرة والنزاهة والتميز لتحمل المسؤولية في مواجهة الاعصار العاتي الذي لا تنكره عين ولكن من السهل تشخيص الحالة ووضع الحلول التي هي متيسرة والبحث عن المخارج التي لا زالت بواباتها واسعة وواضحة لمن يملكون الرؤية والقدرة وليس العابثين والغافلين الذين يلعبون بالنار.
ويفترض ان لا نغمض عيوننا اليوم عن تفاصيل المشهد السياسي الاردني والذي تدور فيه الطبقة السياسية الاردنية في الاردن في الموالات والمعارضة في حلقة مفرغة بمعزل عن الحالة الشعبية التي تظل كل تحركات الطبقة السياسية بعيدة عن همومها الحقيقية التي تصر على انتزاع حقوق المواطنة وانهاء الفساد والاستيراد وكل ما اوصل وطننا وانساننا الى ما هو عليه.
وفي التفاصيل تبدو حالة التخبط والارباك والضعف الذي تعيشه مؤسسات الدولة على قاعدة ضعف ثقة الناس بهذه المؤسسات ، السلطة التنفيذية التي هي الحكومة التي ولدت قبل اكثر من اربعة اشهر وهي في غرفة الانعاش، وكانت تركيبتها تفتقر للكفاءات واعتمد نفس النهج الذي يعتبر المنصب الوزاري جائزة او مكافأة وامتيازات خاصة وبات كل وزير يأخذ ولا يعطي في اطار فريق مفكك ولذلك تحول المسرح الحكومي الى مسرح للمزاودة والمناقصة واقتسام الغنائم بأن يفرض هذا الوزير او ذاك قريبه في منصب عالٍ، وفي اطار المزاودة بدأ عقد الحكومة بالانفراط وهو مرشح لمزيد من هذا الانفراط والتسابق على القفز من المركب الذي يوشك ان يغرق ولم تعد هنالك مصالح ومنافع محرزة للبقاء.
وفي تفاصيل المشهد الحكومي ايضا فان فشل الادعاءات باحداث الاصلاح عبر اطروحات نظرية لم يكن مقنعا، لجنة الحوار السياسي الاصلاحي لم يتمخض عن شيء، كما ان لجنة الحوار الاقتصادي قررت مقولات سابقة فاشلة،
وكانت ذروة المهازل الاستراتيجية الاعلامية التي يخجل طالب في الخامس الابتدائي ان يقدمها لمعلم اللغة العربية كموضوع في مادة الانشاء، وهي خطة هزيلة بل فضيحة تكرس دور الحكومة الحالية باغراق الاعلام الاردني بالفشل على خطي الحكومات السابقة.
اما مجلس النواب فهو يعاني من حالة اضطراب وارتباك وغالبية الاعضاء مثقلة بمنحهم الحكومات السابقة ثقة ال 111 ويسعون اليوم من خلال المواجهة مع الحكومة الى التشهير بها واسقاطها لعل ذلك يبعد شبح حل المجلس النيابي!! اوردنا كل ما اوردنا لنؤكد ان مسؤولية وطن وشعب في هذه اللحظة الصعبة الحرجة والفارقة تتطلب تركيبة مختلفة للمسؤولية قادرة على مواجهة التحديات ومجابهة الاخطار.
الدستور