facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لهذه الأسباب .. اقدم اعتذاري لهيئة الطاقة الذرية ..


محمود الدباس - ابو الليث
21-02-2025 11:21 PM

عندما نشرتُ مقالي بعنوان "الكعكة الصفراء الأردنية.. أغلى من الذهب.. وأبخس من الوهم".. كنت على يقين.. أن الأرقام لا تكذب.. وأن الحقائق.. لا تحتاج إلى زخرفة لتبدو واقعية.. ولكن عندما قرأت التصريح الأخير لهيئة الطاقة الذرية.. عن توقيع اتفاقية مع كازاخستان.. لإنتاج الكعكة الصفراء بكميات تجارية.. خلال خمس سنوات.. ظننت لوهلة.. أنني قد أكون قد تسرّعت بالحكم.. وأن الهيئة.. ربما أخرجت تقارير رسمية.. وأرقاماً.. تثبت عكس ما ذكرته.. لكن سرعان ما تلاشى هذا الظن.. عندما وجدت في متن التصريح جملةً.. تحمل في طيّاتها كل المبررات المستقبلية للفشل "في حال سارت الأمور كما خطط لها".. وكأننا أمام عقدٍ مفتوح على الاحتمالات.. التي غالباً ما تنتهي إلى مخرجٍ واحد.. تأجيلٌ جديدٌ.. ووعدٌ آخر.. للأمل الممتد..

من خيار استراتيجي مقدس.. إلى خيار متواضع.. بالكاد يُذكر..

في بداية إنشاء هيئة الطاقة الذرية.. كانت الطاقة النووية خياراً مقدساً.. واستراتيجياً.. حيث تم تصويرها على أنها "الخلاص الوطني" من أزمات الطاقة.. وكان الحديث يدور عن استثمارات ضخمة.. ومحطات نووية.. قادرة على توفير الكهرباء.. وتحلية المياه.. وحتى التصدير.. ولكن.. ومع مرور السنوات.. وتغير المعطيات.. بدأ هذا الخيار المقدس.. يتآكل بهدوء.. وفي ظل رؤية استراتيجية الطاقة 2030.. أصبح الهدف المعلن.. هو أن لا وجود للطاقة النووية من ضمن مزيج الطاقة.. فأين ذهب الحلم الكبير؟!..

الوعود المتكررة.. وتاريخ من التأجيل..

إذا ألقينا نظرة سريعة على ما تحقق من تصريحات سابقة.. نجد أنها مجرد وعود متكررة.. ولنستعرض سوياً بعض المحطات المهمة..

- عام 2012.. الإعلان عن مليارات الدولارات من اليورانيوم.. المدفون في أراضينا..
- عام 2016.. التصريح بأن اليورانيوم.. سلعة استراتيجية وليست للبيع..
- عام 2022.. الإعلان أن الاستغلال الاقتصادي.. سيبدأ أخيراً..
- اليوم.. اتفاقية مع كازاخستان.. والتخدير لخمس سنوات إضافية..

هذا غير الوعود السابقة.. التي تحدثت عن إنتاج 8 طن من الكعكة الصفراء سنوياً.. بدءاً من 2012.. وإنجاز محطة نووية بقدرة 1000 ميغاواط عام 2015.. وبناء 4 محطات نووية.. بحلول 2030.. وتصدير الكهرباء.. فكم من هذه الوعود تحقق؟!.. لا شيء يُذكر..

الأرقام لا تكذب.. والكعكة الصفراء الأردنية تحت المجهر..

لنتحدث بلغة الأرقام.. النسب الاقتصادية لاستخراج الكعكة الصفراء..
- النسب ذات الجدوى العالية.. تتجاوز 0.1% وتصل إلى 1%.. أو أكثر.. مما يجعل الاستخراج مجدياً اقتصادياً جداً.. دون الحاجة إلى دعم حكومي..
- النسب الدنيا القابلة للاستغلال.. تبدأ من 0.05%.. وقد تصل إلى 0.2%.. لكنها تحتاج إلى دعم حكومي كبير.. وتقنيات متقدمة جداً.. لخفض التكاليف..

ولكن.. عندنا في الأردن.. الأرقام كارثية.. وهي مأخوذة من التصريحات الرسمية.. وليست رجماً بالغيب..

- انتاج الكعكة الصفراء.. ليس شيئاً جديداً.. فمن العام 1988 الى عام 1991.. أقيم مشروع وطني.. لاستخلاص الكعكة الصفراء من خام الصخور الحاملة لليورانيوم.. نفذته وزارة الطاقة والثروة العدنية.. وشركة الفوسفات الأردنية.. بتمويل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وعُيِّن مديراً له.. الدكتور صالح العزب النسور.. وأعد تقريراً في نهاية المشروع حوالي 100 صفحة.. وتم حينها استخراج كيلو غرام واحد من الكعكة الصفراء.. وبأساليب ومعدات.. ليست كما هي الآن..

- في وقتنا الحاضر.. استخدمنا 160 طناً من الصخور الحاملة لليورانيوم.. لنحصل على 20 كغم فقط من الكعكة الصفراء..

- النسبة الفعلية المستخلصة كانت 0.0125%.. أي أقل بكثير.. حتى من الحد الأدنى الاقتصادي..
- شركة أريفا الفرنسية.. التي تعد واحدة من كبرى شركات الطاقة النووية في العالم.. غادرت المشروع بعد دراسة الجدوى ووجدته غير مجدٍ.. فهل يمكن لشركة بحجمها أن تفرّط بفرصة ذهبية لو كانت موجودة؟!..

كما يقال.. في ناس بتحج.. والناس مروحة..

رغم أن المفاعلات النووية كانت تُعتبر خياراً استراتيجياً.. لتوليد الكهرباء لعقود طويلة.. إلا أن العوائق المرتبطة بإنشائها.. وتشغيلها.. أصبحت أكثر وضوحاً.. في ظل التطور السريع لبدائل الطاقة المتجددة.. فالتكاليف الهائلة لإنشاء المفاعلات وصيانتها.. والمخاطر البيئية المحتملة.. من الحوادث الإشعاعية.. والتخلص من النفايات النووية.. والتي تحتاج الى عمليات معقدة.. ومكلفة مادياً.. جعلت العديد من الدول.. تعيد النظر في استراتيجياتها..

ومع التقدم في تقنيات الطاقة الشمسية والرياح.. وتخزين الطاقة.. أصبحت هذه البدائل.. أكثر كفاءة.. وأقل تكلفة.. وأكثر أماناً على البيئة.. وهذا ما دفع دولاً.. كانت تعتمد على الطاقة النووية بشكل أساسي مثل ألمانيا.. إلى التخلي التدريجي عنها.. لصالح الطاقة المتجددة.. حيث أغلقت آخر مفاعلاتها النووية في 2023.. ضمن خطتها للتحول إلى مصادر طاقة أكثر استدامة.. واليابان ايضاً.. اغلقت مفاعلاتها بشكل شبه كامل.. وحتى فرنسا.. التي تعد من أكثر الدول اعتماداً على الطاقة النووية.. بدأت تواجه تحديات كبيرة في تشغيل مفاعلاتها القديمة.. وتبحث عن تعزيز دور الطاقة المتجددة.. في مزيجها الطاقي.. وكذلك الصين.. التي مازالت تنشئ مفاعلات نووية.. إلا ان استثماراتها في الطاقة المتجددة.. اضعاف ذلك..

هذا التوجه يعكس حقيقة.. أن الطاقة النووية.. لم تعد خياراً مقدساً.. كما كان يُروّج لها سابقاً.. بل أصبحت خياراً ثانوياً.. او شبه ملغي.. أمام الطفرة الهائلة.. في مصادر الطاقة المتجددة..
وهذا يقودنا إلى أن الحاجة إلى الكعكة الصفراء.. بدأ بالتضاؤل كثيراً.. الامر الذي يلمسه أي باحثٍ.. من خلال تدني سعرها عالمياً.. لكثرة المعروض.. وقلة الطلب..

هيئة استثمارية.. أم مركز استنزاف مالي؟!..

عندما تأسست هيئة الطاقة الذرية.. كان الهدف المعلن أنها مركز ربحي استثماري (Profit Centre).. أي أنها لن تكون عبئاً مالياً على الدولة.. بل ستجلب الاستثمارات.. وتحقق عائداً اقتصادياً.. ولكن بعد كل هذه السنوات.. يبدو أنها تحولت إلى مركز كُلفة (Cost Centre).. يستنزف موارد الدولة.. ويعيش على الوعود والتخدير..

كل بضع سنوات.. يتم تجديد الحلم.. وتمديد الأمل.. وتأجيل المحاسبة.. فإلى متى؟!.. فقد قيل.. لا يُلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين.. ولكننا.. للأسف.. لدغنا مراتٍ عديدة من هذه الهيئة.. فهل تكون هذه اللّدغة الأخيرة؟!.. أم أن الدولة الأردنية.. ستتدخل لمراجعة الحسابات.. وإما المضي بمشروع حقيقي.. وجدوى واضحة.. أو إيقاف هذا النزيف.. الذي طال أمده أكثر من اللازم؟!..

وأخيراً.. فليسمح لي القائمون على هيئة الطاقة الذرية في بلدنا الحبيب.. ومن خلال ما وجدته على الانترنت.. أن أقدم اعتذاري.. بعدم قناعتي فيما يتم الحديث والتصريح به.. من آمالٍ ومستقبل نوويٍ مشرق.. على الرغم أنني مواطنُ عاديٌ.. ولستُ صاحب اختصاصٍ.. ولكنني باحثٌ عن الحقيقة.. مهما كانت جميلة.. أو بشِعة..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :