الأردن ومصر تفشلان خطة ترامب بتهجير الفلسطينيين
نضال العضايلة
21-02-2025 09:27 PM
بعد تصريحاته الأخيرة، تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطته بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة الى الأردن ومصر، مما يؤكد ان هذا التراجع جاء نتيجة لأمرين الأول وهو الموقف الأردني المصري الذي لم يكن ترامب يتوقعه، وذلك على حد قوله، والثاني الضغوط الدولية والانتقادات الشديدة دفعت واشنطن إلى تبني لهجة أكثر مرونة بشأن غزة.
لقد أظهر الرئيس الأميركي تراجعاً عن المخطط حول تهجير سكان قطاع غزة وهو محبط، وذلك بعد موجة الرفض والاستياء من حلفاء الولايات المتحدة العرب والأوروبيين، وبدا ذلك واضحاً من خلال تصريحات ترامب بشأن إخلاء غزة بوصفه انها فُهمت بشكل خاطئ، وأنه كان يسعى إلى مناقشة بدائل جديدة بدلاً من تكرار حلول لم تثبت نجاحها على مدار 50 عاماً.
ويبدو ان التحول من خطاب الحسم والإخلاء إلى خطاب (الخيارات المفتوحة) جاء بعد إدراك الإدارة الأميركية لحجم المعارضة الدولية، وخصوصاً من الدول العربية مثل مصر والأردن، التي تحذر من أي محاولة لفرض تغييرات ديموغرافية في غزة".
عندما يقول ترامب أنه تفاجأ بعدم ترحيب الأردن ومصر بخطته بشأن قطاع غزة، فهذا يعني ان لقاء الملك عبدالله الثاني ودونالد ترامب الأخير كان القشة التي قصمت ظهر البعير فيما يتعلق بخطة إخلاء وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهذا يؤشر على ان الملك عبدالله الثاني كان حازماً في رأيه واستطاع بحنكته ان يثبت لترامب ان الأردن ليست لقمة سائغة وإنما دولة لها مكانتها ووجودها، وهي قادرة على الوقوف في وجه التحديات.
لقد أظهر دونالد ترامب انه رجل عقاري بإمتياز عندما وصف قطاع غزة بأنه يتمتع بموقع رائع مستغربًا من تخلي الإحتلال الإسرائيلي عنه، وهو بذلك يؤكد النظرية التي كانت تقول ان الرجل كان يضع القطاع نصب عينيه من وجهة نظر تجارية، إذ كان عبر عن أمنيته بتحويل غزة الى ريفيرا الشرق الأوسط.
قلنا سابقاً ان فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ليست جديدة ولا مبتكرة، الا أنها عكست نمطاً متكرراً في التعامل مع القضية الفلسطينية، فأوجدت التداعيات السياسية لهذا الطرح جبهة عربية موحدة، دعماً للفلسطينيين، ورفضاً لتحمل مسؤولية استيعابهم، وحفاظاً على الأمن القومي العربي للأردن ومصر.
لقد فشلت رؤية ترامب للشرق الأوسط باعتباره مجرد صفقة عقارية كبرى، مما يعني أن ذلك يعكس نقصاً في الفهم السياسي والواقع الجيوسياسي للمنطقة، فالنتيجة الحقيقية لهذه الخطة لم تكن سوى توحيد الموقف العربي ضد أي فكرة لاستيعاب الفلسطينيين في الأردن ومصر، وهذا الفشل سيقوي من الرؤية العربية لإيجاد حلول منطقية للقضية الفلسطينية برمتها.
ومن الأمور الهامة التي افشلت خطة ترامب هو سلوكه السياسي وتحركاته العدائية تجاه حلفاءه والتي ستجعل من كراهية أمريكا وعزلتها مسألة حتمية أكثر من كونها مفاجئة، وهو الذي اتخذ منذ إعادة انتخابه وتنصيبه، نهجاً أكثر عدائية، مستبدلاً الخطاب الدبلوماسي بـ "البلطجة السياسية".
وأخيراً، كانت إسرائيل والولايات المتحدة تريان غزة مشكلة تكتيكية ستختفي بتدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أو بطرد سكانها جماعيا لإفساح المجال للريفييرا التي يتخيلونها، لكن الدول العربية تعتقد أن القضاء على حماس غير واقعي، ولا يمكن حدوثه، فحماس حتى وان لم تشارك في إدارة القطاع الا أنها باقية ولن يستطيع احد القضاء عليها او حتى الإقتراب منها.