المقاومة الفلسطينية .. هل تجد طريقها بين سندان الضغوط .. ومطرقة الإعمار؟! ..
محمود الدباس - ابو الليث
20-02-2025 11:53 PM
في غزة.. حيث عاشت المقاومة الفلسطينية قرابة 460 يوماً.. تحت قصف لا يهدأ.. ودمار لا يرحم.. كان الهدف واضحاً.. لا بد من تركيعها.. أو استئصالها من جذورها.. لكنها صمدت.. وباتت رقماً صعباً.. لا يمكن تجاوزه.. ومع ذلك.. فإن المشهد اليوم.. يبدو أكثر تعقيداً مما سبق.. فالقضية لم تعد صراعاً بين طرفين متحاربين فقط.. بل أصبحت معضلة سياسية.. وأمنية.. واقتصادية.. تحيط بها دوائر.. من الضغوط والتحديات المتشابكة..
اليوم الذي يلي وقف إطلاق النار الكامل.. هو اليوم الأخطر.. فالكيان الإسرائيلي.. ومِن خلفه أمريكا.. ومَن يدور في فلكهم.. لن يقبلوا بوجود مقاومة مسلحة في غزة.. بأي شكل من الأشكال.. فالمعادلة التي يفرضونها واضحة.. لا إعمار.. دون ضمانات أمنية.. ولا مستقبل.. دون تصفية لمن يعتبرونه خطراً وجودياً.. فهل يكون الثمن.. هو حل المقاومة.. أو تجريدها من سلاحها.. أو تحجيم دورها؟!.. وهل تقبل المقاومة بذلك.. بعد أن أثبتت حضورها العسكري.. والسياسي.. وكسرت صورة العدو المتغطرس.. وأظهرت هشاشته.. رغم جبروته؟!..
السلطة أو أي كيان إداري جديد.. قد يُفرض على غزة.. لن يستطيع القبول.. بوجود فصيل مسلح مستقل.. حتى ولو كان من رحم القضية.. حتى ولو كان وجوده.. في صلب الهوية الوطنية والنضالية.. فكيف إن كان هذا الكيان مرتهناً لشروط المانحين.. والضغوط الدولية؟!.. كيف سيتعامل مع المقاومة.. وهي في جوهرها فكرة.. لا تنتهي بمجرد توقيع اتفاق.. أو تغيير اسم؟!.. وهل يمكن أن تُختزل القضية كلها.. في مجرد إعادة إعمار.. أو تحسين ظروف الحياة.. وكأنها مجرد أزمة إنسانية.. لا صراع تحرري؟!..
المقاومة أمام خيارين.. أحلاهما مر.. إما أن تذوب في المشهد الجديد.. وتبحث عن سبل للاستمرار بطرق أخرى.. كما فعلت حركات مقاومة سابقة.. غيرت أسماءها وهياكلها.. وواصلت العمل بأشكال مختلفة.. أو أن تتمسك بسلاحها.. وخيارها.. وتخاطر بِصِدام.. قد يكون أكثر شراسة من كل ما سبق.. لكنها في كلا الحالتين.. لن تكون وحدها في الميدان.. فالشعب الذي احتضنها.. ووقف معها.. رغم كل الأثمان.. لن يقبل أن تُختزل تضحياته.. في حسابات سياسية ضيقة.. ولكنه في ذات الوقت.. هل سيقبل.. أن يستمر في ذات الوضع.. دون أفقٍ واضح؟!.. وهل سيرضى بأن يكرر ذات الدورة.. من التدمير.. والحرب.. في مستقبل منظور.. غير واضح المعالم؟!..
الحل إذن.. ليس في التراجع.. ولا في المغامرة غير المحسوبة.. بل في ابتكار صيغة جديدة.. تُبقي جذوة المقاومة مشتعلة.. وتحفظ الحق في التحرير.. دون أن تمنح العدو.. فرصة لشرعنة القضاء عليها.. فهل يمكن للمقاومة.. أن تكون جزءاً من معادلة سياسية.. لا تلغي دورها.. ولا تسلبها هويتها؟!.. هل يمكن.. أن تجد لها موطئ قدم.. في واقعٍ تتصارع فيه المصالح والقوى الإقليمية والدولية؟!.. أم أن قدرها.. أن تبقى معلقة.. بين سندان التحرير.. ومطرقة الإرهاب؟!..