كلام الملك واضح .. فالوطن ليس ميداناً للمزايدات .. ولا ملاذاً للخونة ..
محمود الدباس - ابو الليث
18-02-2025 11:44 PM
حين يتحدث الملك.. فإنما يتحدث من موقع العارف بكل شاردة وواردة.. لا يرجم بالغيب.. ولا يترك الأمور للتخمينات.. ولا يلقي الكلام على عواهنه.. بل ينطق بالحقيقة الصلبة.. التي لا يزعزعها تأويلٌ.. ولا اجتهادٌ مشبوه.. وحين قالها صريحةً مدويةً.. بأن هناك من لا يتلقون التوجيهات فحسب.. بل يتلقون الأوامر.. فقد وضع النقاط على الحروف.. وأسقط كل الأقنعة.. فلا مجال بعد اليوم.. لمن يحاول أن يجمّل الخيانة.. أو يخلطها بالمعارضة الشريفة..
والحديث هنا ليس عن مجرد تباين في الآراء.. أو اختلاف في المواقف.. فالأردن دولةٌ تحكمها المؤسسات والقوانين.. ويحق لكل أردني.. أن يكون له رأيه السياسي والاجتماعي.. وأن يعارض وينتقد ما يشاء.. وفق الضوابط الدستورية والوطنية.. ولكن ما لا يُقبل.. وما لا يُغتفر.. هو أن يتحوّل البعض.. إلى أدواتٍ رخيصة في يد جهاتٍ.. لا تريد لهذا الوطن خيراً.. أن يصبحوا أبواقاً مأجورةً.. تنطق بلسان غيرها.. وتمشي وفق الإملاءات لا القناعات..
وما يثير الغضب أكثر.. هو أن بعض من يسمّون أنفسهم محللين.. أو ناشطين.. راحوا يستغلون حديث الملك.. لتصفية حساباتهم مع خصومهم السياسيين.. متخذين منه سلاحاً.. لتشويه من يخالفهم في الرأي.. رغم أن جميع القوى السياسية في الأردن.. من أحزاب.. وتكتلات.. ونواب.. قد أعلنت بكل وضوح ولاءها للعرش الهاشمي.. وانتماءها لتراب هذا الوطن الطهور.. ولم يخرج من بينهم من يمكن أن يوصف بما حذّر منه جلالة الملك.. فكيف يتجرأ هؤلاء.. على رمي التهم جزافاً دون بينة؟!.. وكيف يتطاولون على حديث سيد البلاد.. ليجعلوه مطيّة لأهوائهم؟!..
لقد كان حديث الملك واضحاً في من عناهم.. ومن يملك ذرة شكّ فليطالب.. كما نطالب جميعاً.. بالكشف عنهم بالأسماء.. وفضحهم على رؤوس الأشهاد.. لا أن يُترك المجال مفتوحاً للمزايدات.. والتخمينات.. والتصنيفات العشوائية.. فالوطن ليس ميداناً للتلاعب والمناكفات السياسية.. والأردنيون جميعاً.. بمختلف مشاربهم السياسية والفكرية.. وقفوا اليوم في صفٍ واحد.. خلف الملك والراية الهاشمية.. فما عاد هنالك مجالٌ للمزايدة في الوطنية..
أما أولئك الذين تثبت الأدلة والبراهين أنهم مأجورون.. خونة.. يبيعون الولاء لمن يدفع أكثر.. فلا مكان لهم بيننا.. وليُفضحوا جهاراً نهاراً.. وليعلم القاصي والداني.. أن الأردن لا يتسامح مع من يطعنه من الخلف.. وليلفظهم المجتمع.. كما تُلفظ الجيف النتنة.. وليسجلهم التاريخ في صفحاته السوداء.. التي لا يقرؤها أحد.. إلا بازدراء واحتقار.. فالأوطان تُبنى بالعزيمة والإخلاص.. لا بالتآمر والخنوع.. وبئس من باع وطنه.. وبئس المصير الذي ينتظره..
ولكن في خضم هذا المشهد.. يجب أن ننتبه جيداً لمن يريدون استغلال هذه اللحظة.. لضرب وحدة الصف.. فالمعركة ليست بين أبناء الوطن الشرفاء.. بل بين الأردن ومن يتآمرون عليه.. بين الدولة وأدوات الهدم الخارجية بأيدٍ داخلية.. ولهذا فإن الحذر واجب من الوقوع في فخ التخوين العشوائي.. أو استغلال هذا الموقف.. لتصفية الحسابات السياسية.. فالوطن بحاجة إلى وعيٍ.. لا إلى مزايدات.. وإلى وحدةٍ.. لا إلى تشرذم.. فلتكن كلمتنا واحدة.. ولتكن بوصلتنا دائماً نحو حماية الأردن.. بعيداً عن أي أهواء.. أو حسابات شخصية..
حمى الله الأردن.. ملكاً وشعباً وارضاً..