الثقافة الرقمية والوعي الإعلامي: أساسيات الفهم والتفاعل في عصرنا الحالي
مها مشعل الماضي
16-02-2025 10:07 PM
في ظل التطور السريع للتكنولوجيا ووسائل الإعلام، بات من الضروري امتلاك مهارات تُمكّن الأفراد من التعامل مع المعلومات والوسائل الرقمية بوعي ومسؤولية. وهنا يأتي دور الثقافة الرقمية والوعي الإعلامي، فالثقافة الرقمية تعني القدرة على فهم التكنولوجيا الحديثة واستخدامها بفعالية، بينما يشير مصطلح الوعي الإعلامي إلى القدرة على تحليل المحتوى والتفاعل معه بنقد وذكاء.
الثقافة الرقمية ليست مجرد استخدام الأجهزة الذكية أو التفاعل مع الإنترنت، بل تشمل إدارك وفهم كيفية عمل هذه التقنيات، وأفضل السبل لاستخدامها بشكل آمن وفعال ،فهي تعزز قدرة الأفراد على البحث عن المعلومات، وتحليلها، ومشاركتها، مع مراعاة الجوانب الأخلاقية لحماية البيانات الشخصية وضمان الأمان الرقمي. كما أنها تتيح للأفراد فرصة المشاركة في الفضاء الرقمي بطريقة إيجابية، مما يسهم في تعزيز دورهم في المجتمع من خلال الابتكار، والإبداع، والتواصل الفعّال.
أما الوعي الإعلامي، فهو القدرة على التعامل مع المحتوى الإعلامي بموقف نقدي، بحيث يتمكن الأفراد من التمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة، والتعرف على الأساليب التي تستخدمها وسائل الإعلام للتأثير في الجمهور. في عصر تكثر فيه الأخبار الزائفة والدعاية الموجهة، بات من الضروري أن يمتلك الأفراد أدوات تساعدهم على التحقق من صحة المعلومات قبل تصديقها أو مشاركتها، وهو ما يجعل الوعي الإعلامي أداة قوية في مواجهة التضليل الإعلامي.
إن امتلاك الثقافة الرقمية والوعي الإعلامي له العديد من الفوائد التي تنعكس إيجاباً على الأفراد والمجتمع ككل حيث يساعد الأفراد على حماية أنفسهم من التهديدات الرقمية مثل الاحتيال الإلكتروني وسرقة البيانات، كما يتيح لهم فهمًا أعمق لما يجري حولهم، مما يمكّنهم من اتخاذ قرارات أكثر وعيًا، ومن ناحية أخرى يسهم في بناء مجتمعات أكثر استنارة، حيث يصبح الناس أكثر قدرة على تحليل الأحداث، والتفاعل مع المستجدات بوعي، والمساهمة في الحوارات العامة بآراء مبنية على الحقائق لا على العواطف أو المعلومات المغلوطة.
لكن على الرغم من هذه الفوائد، فإن هناك تحديات تواجه تعزيز الثقافة الرقمية والوعي الإعلامي، من أبرزها الانتشار الواسع للأخبار الكاذبة، وصعوبة التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة، إضافة إلى المخاطر المرتبطة بالاستخدام المفرط للتكنولوجيا، والتي قد تؤدي إلى العزلة الاجتماعية أو الاعتماد المفرط على الوسائل الرقمية. ولذلك، فإن مواجهة هذه التحديات تتطلب تكاتف الجهود بين المؤسسات التعليمية والإعلامية والتكنولوجية، بهدف نشر الوعي وتعليم الأفراد كيفية التعامل مع المعلومات والوسائل الرقمية بحكمة ومسؤولية.
في النهاية، لا يمكن إنكار أن الثقافة الرقمية والوعي الإعلامي أصبحا من المهارات الأساسية في العصر الحديث، حيث لم يعد من الكافي أن يكون الشخص قادرًا على استخدام التكنولوجيا، بل يجب أن يكون واعيًا بتأثيراتها وأبعادها. لذلك، من المهم تعزيز هذه المهارات لدى الأفراد من مختلف الأعمار، لضمان تعامل أكثر أمانًا ووعيًا مع العالم الرقمي، وتحقيق استفادة قصوى من التكنولوجيا بطرق إيجابية تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.