لا بديل لنا اليوم، عن التماسك، والوقوف بحزم خلف الملك، للدفاع عن الأردن، أمام هذا التهديد الوجودي المركب؛ للأردن، ولفلسطين.
وإن كان ذلك ما هو مطلوب من الأردنيين بكافة أطيافهم وانتماءاتهم السياسية، فإنه إذا كان يستدعي منا جميعا، أن ننحي جانبا، ما قد نختلف فيه من أمور، فإن الحكومة مطالبة اليوم، أيضاً، بترسيخ إرث الدولة الأردنية القائم على الوسطية والإعتدال مع من يخالفها الرأي- في الداخل- في هذه المسألة أو تلك، والبناء لمرحلة جديدة، يُعَبِّرُ فيها الأردنيون عن مصالحهم، تحت مظلة القانون، في إطار الثوابت الأردنية.
وأمام ذلك كله، فلا بديل عن أن تقودنا المصلحة العليا اليوم، إلى جبهة موحدة، صلبة، في مواجهة المشروع الأمريكي؛ جبهة يقف فيها الأردنيون بكل حزم خلف الملك، لإجهاض هذا المشروع.
وأمام موقف الملك الصلب، ها نحن نرى محاولات النيل من مكانة الأردن عبر النيل من مكانة الملك، الذي كان، رغم ما أراده المتصيدون، واضحا في رفضه للمشروع الأمريكي، حين جعل مصلحة الشعب أساسا يستند عليه في ذلك الرفض.
إن الولايات المتحدة، التي تمتلك قوة هائلة في المجالين الاقتصادي والعسكري، تستعملهما كأذرع تنفيذية لسياستها الكولونيالية، تمتلك بذات الحجم، لا بل وأكبر، قوة إعلامية ضاربة، تسخرها لخدمة رؤاها السياسية، الحال الذي يجعلنا نقول :
إنه وفي سبيل تطويع الأردن، بما هو عليه من رفض مطلق للمشروع الأمريكي البائس، فقد سعت من خلال أذرعها الإعلامية وما لها من امتداداتها وشركاء، للنيل من صورة الملك، لإضعاف الأردن- الذي يقف عقبة كأداء في وجه هذا المشروع- لكنه، بفضل من الله، تجاوز بحنكته ما أُريد له، الحال الذي يجعل مساندة الملك مصلحة أردنية، وعربية، عليا، ليس لأحد أن يتوانى عنها، ذلك إذا ما أردنا إجهاض المشروع التدميري، متوكلين على الله متسلحين بالعزم، نابذين ما قد يثير الإختلاف، مُجَنِّبين كل ما قد نختلف عليه من ملفات، حتى تتغير المعادلة الحالية التي تسير عليها الإدارة المتغطرسة، التي باتت تشكل خطرا داهما على الأمن والسلم الدوليين، بما هي عليه من سلوك فج، لا نرى فيه إلا انتاجا جديدا للإمبريالية الغربية، في نسخة عميقة، تحتكر الصوابية، وتتعامل مع العالم، ومع منطقتنا على وجه الخصوص، بطريقة استعلائية، وبمنطق الإنتداب؛ ذلك المنطق الذي ألبسته الإمبرياليتين البريطانية والفرنسية استعمارهما العنصريين القذرين، لكثير من دول العالم.
يقيناً لقد بات العالم اليوم، في مواجهة قوة متطرفة، بطشت بأدوات العدالة الدولية، وأنكرت المفاهيم المستقرة، وأعادت تعريف المفردات التي استقرت معانيها، فلا الحق عندها هو الحق الراسخ في الوجدان العالمي، ولا العدالة لديها هي العدالة المستقرة أساسا ومفهوما وتطبيقا.
نراهن على أن سلوك هذه الإدارة الفاجرة، سيوحد العالم، الذي إن لم يتوحد في مواجهة هذا الإنفلات القيمي، والمنطق الإستعلائي، وهذه الفجاجة غير المسبوقة، في إعادة توصيف الحقائق، وقلبها، فإن العالم برمته سيدفع الثمن الباهض لتصرفات هذه الإدارة الرعناء.