ترامب يقوض القرارات الدولية التي اقيمت بموجبها اسرائيل
13-02-2025 10:21 PM
قد لا يدرك الرئيس الأمريكي ترامب ، ورئيس الوزراء الصهيوني الخبيث نتنياهو ان إسرائيل كدولة احتلال لا تستطيع مهما بالغت في وهم قوتها ان تعيش في المنطقة العربية بدون المعاهدات، والحدود ، والقرارات الدولية التي اوجدت كيانها اصلا.
والامة العربية المؤمنة مدفوعة بالوازع الديني لتحرير اراضيها المحتلة ولولا المعاهدات، والحدود الناجمة عن القرارات الدولية، والتزام الدول العربية بها لكانت مواجهة إسرائيل ليست فقط مع الجيوش العربية، وإنما مع الشعوب التي تذوق مرارة المشاهد المروعة الصادرة عن فلسطين يوميا، وما يحيق بالفلسطينين العزل من ويلات وآلام ربما لم تحدث باسوء مراحل التاريخ، ولكان العرب تفانوا في تحرير فلسطين، ولداستهم الأمة العربية باقدامها.
ولولا الحدود الناجمة عن القرارات الدولية التي تتنصل منها اسرائيل اليوم، والتي بقدر ما منحت الصهاينة دولة لهم فهي اعطت للفلسطينين حق إقامة دولتهم ايضا ، ولولا الدول العربية التي تقيم معاهدات سلام مع الاسرائيلين كمقدمة لاعطاء الفلسطينين حقوقهم لكانت المنطقة العربية تحولت الى ساحة جهادية ، ولامتلئت بالمنظمات، والميشليات المقاتلة، ولضمت ملايين المجاهدين والفدائين السائرين الى القدس طلبا للشهادة والموت في سبيل الله.
وهذا الذي ربما غاب عن خيال، وفهم الرئيس الامريكي عندما قرر فجأة - متجاوزا النظام الدولي كله، والمنظمات الدولية ذات العلاقة - الغاء حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم ، واعطي الايعاز بتهجيرهم، والاستيلاء على المتبقي من أراضيهم بالقوة، وهو بذلك يقوض القرارات الدولية التي أقيمت بموجبها دولة إسرائيل نفسها، وكذلك يأذن ظلما وعدوانا بضم الضفة الغربية ، وبسط السيادة الاسرائيلية عليها، وبما ينطوي على الغاء تواجد السلطة الوطنية الفلسطينية.
وهو بموقفه الصادم دوليا اذا سعى الى تطبيقه فسيقوض كل المعاهدات، ومجمل عملية السلام، وهو يخرق سيادة واستقرار الدول العربية التي وقعت على الاتفاقيات، ويحاول فرض التهجير القسري عليها َ، واقتطاع جزء من ارضيها لاقامة دولة للفلسطينين بديلا عن ثراهم الوطني ومقدساتهم.
والرئيس الامريكي انما يدمر الأسس التي أمنت بقاء اسرائيل، وهذا ما يجب ان يعلمه الجانب الامريكي بوضوح.
فهنالك قرارات دولية مثلما أنشأت دولة إسرائيل فهي أعطت حق إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران، واذا تم تجاوز القرارات الدولية فيكون ذلك على الطرفين.
وهنالك معاهدات وفرت لإسرائيل الامن، والبقاء في المنطقة ، والتلاعب بها يعني الغاء هذا الأمن.
والمعاهدات لا تعطي الحق لإسرائيل بتهديد كيانات الدول العربية، وفرض التهجير القسرى عليها، وإثارة المشاكل الأمنية في دواخلها.
و الرئيس الامريكي ترامب غير مخول بالتقرير نيابية عن الدول العربية فيما يخص شؤونها، وسيادتها ومصالح شعوبها، ولا يحق له فرض القرارات على هذه الدول متجاوزا مؤسساتها الدستورية، ومعاملتها وكأنها دول بلا سيادة، واوحى بمشهد دولي هزلي غير معهود في العلاقات الدولية.
وهذا التلاعب بالوضع العربي من خلال اطلاق يد إسرائيل في تهجير الفلسطنيين، والغاء حقوقهم الوطنية حسب القرارات الدولية المرعية يقوض الاستقرار في المنطقة، و هو ما سيعيد الصراع العربي الاسرائيلي الى نقطة البداية.
و سيكون صاعق الانفجار في الاقليم العربي الذي وصل حد الغليان. والطوفان.
واذا واصلت أمريكا مساندتها لإسرائيل بالباطل كما يبدو، وراحت من خلال رئيسها تحرضها على خرق كل الاتفاقيات، وانتهاك المقررات الدولية، وتعطي لها الغطاء في تدمير أسس السلام في المنطقة العربية، والذي لم ترتضيه كل الشعوب العربية اصلاً ، وتستخدم المساعدات الامريكية للضغط على الاردن، ومصر بقبول هذا الواقع المختل فان المنطقة بكاملها ستجنح الى حقبة اشد توترا واضطرابا.
ولا شك ان العلاقات مع أمريكا على اهميتها هي خيار ، وهنالك بدائل وخيارات اخرى، وهذه العلاقات تعبر عن مصالح أمنية متبادلة ، ووجود قواعد عسكرية تبررها، واذا خرجت أمريكا من هذه الالتزامات فالخلل لن يقع على الدول العربية وحدها ، وإنما على كل الأطراف ايضا.
وهذا بدوره يقتضي أحياء التضامن العربي، وإيجاد مظلة دعم عربي إسلامي لمنع ابتزاز الأردن، ومصر من خلال حجب المساعدات عنهما، او فرض واقع أمني يهدد استقرار الدولتين، ومكانتهما على الساحة الدولية.
ولا بد عربيا من التأكيد على ان الالتزام بالمعاهدات، والتمسك بالقرارات الدولية ليس فقط من جانب الدول العربية، وإنما إسرائيل ملزمة كغيرها، ومصيرها مرتبط بذلك، وهذا ما سعت له أمريكا ، وكل الأطراف الدولية الفاعلة عبر العقود الماضية، ولا مصلحة لطرف في تقويضه في عدة سنوات قليلة.
والاردن الذي ظل يقاوم تاريخيا فرض وقائع على الارض تؤدي إلى تقويض حل الدولتين يعلن اليوم على لسان جلالة الملك، وكافة مؤسسات الدولة الاردنية رفضه المطلق لمخططات تهجهير الفلسطينين قسرا ، اوالمساس بالضفة الغربية، والتعرض للقدس الشريف، وهو اليوم اكثر تمسكا بضرورة مواجهة غطرسة الاحتلال الصهيوني، وحكومته المتطرفة .