ماذا لو لم تستيقظ الشعوب؟
21-06-2011 01:42 PM
عمون - سؤال لا بد من التوقف عنده ليتسنى لنا أن ندرك المصير الذي كان من الممكن أن ينتهي عليه حالنا لولا اليقظة التي أتت لتضع حداً لسلطة السلاطين. خصوصاً أن معظم هذه البلدان كانت في شكلها أقرب الى مزارع خاصة منها الى بلدان, يكون صاحب المزرعة فيها الامر الناهي, المانح و المانع و مقيم الحد و موزع صكوك الغفران.
و في خضم مثل هذا المشهد يشكل مؤشر النتائج و اتجاهاته و الحال الذي ستنتهي عليه أساليب الحكم هذه العامل الأكثر اثارة للفضول. فمجرد التفكير بأشكال و أساليب الحكم السائدة تجعل المرء يدرك تماماً أن ما كان في انتظاره هو كابوس مرعب لم تنقذه منه الا صحوة الشعوب.
و لا بد لنا اليوم من العودة الى التاريخ في محاولة لفهم الواقع الحالي و الاجابة على الاسئلة المتعلقة بسيناريوهات نهاية نماذج السلطة المطلقة للحاكم من قاعدة أنه من لا يعلم ماضيه لا يدرك حاضره و لا يبني مستقبله. يشير التاريخ أن الحكم اليوناني كان الأكثر تطبيقاً لقاعدة "الناس سواسية". و في العهد الروماني اعتبرت هذه القاعدة أساساً للحكم أيضاُ مع اجراء بعض التعديلات و التي قالت أن الناس سواسية لكن ذلك لا ينطبق على الفئة الحاكمة. هذه التعديلات سجلت بداية التحول الحقيقي من صورة الجمهوريات الى الممالك, و كانت النتيجة الطبيعية لهذا التحول ظهور أباطرة اشتهروا باغتصاب الحقوق و التقتيل و الاعدام.
هذا التفرد بالسلطة و الذي يشابه في تاريخنا المعاصر معظم أشكال الحكم في الدكتاتوريات العربية. و بلا شك فان النسخة الأكثر مقاربةً و مشابهة لحكامنا كان الامبراطور كاليجولا و الذي وصل فيه الأمر الى تعيين حصانه عضواً في مجلس الشيوخ و ذلك لشدة ولعه فيه, مما اضطر المجلس و أعضاءه أن يتكيفوا لضمان مشاركة الحصان في الجلسات و الحفاظ على مشاعره.
و لعل حكامننا لم يصلوا الى هذا الحد من التبجح بصورته الحرفية لكنهم و صلوا بلا شك الى مراحل تفوق هذا المشهد في مشابهة المضمون. فاصدقاء الحكام و الأحباب و الأقارب و المطيعيين و مقدمي الولاء و العطاء و التجار و السماسرة و زملاء الدراسة و غيرهم نالوا ما نال حصان كاليجولا.
الدرس المستفاد من اعادة قراءة التاريخ و تاريخ سقوط روما بالذات يهدف الى اثبات أن الأقوال لا بد أن تُقرن بأفعال, فالنوايا الطيبة بالاصلاح لا تكفي لتفادي السقوط, فالناس تسمع الكلام و لكنها تحاكم الأعمال. فالحكام و النوايا يتغيرون بينما تبقى الشعوب. التحدي الحقيقي يكمن في النجاح ببناء مؤسسات قائمة بحد ذاتها داخل المجتمع, بعيدة كل البعد عن الأشخاص و الأفراد, و لا ترتبط أو تنتهي بالشخوص.
اليوم و ضمن المسار المتسارع للأحداث و الفشل في تقديم حلول توازي حجم المرحلة و تلبي طموحات و أحلام الشعوب التي كسرت القناع و أبصرت النور بعد السبات. و قد يحمل قول فريد زكاريا في كتابه"مستقبل الحرية" العلاج الأمثل لمجتمعاتنا فما نحتاجه اليوم مرتبط تماماً بقدرتنا على :" تحويل هذه البيروقراطيات العنيدة الفاقدة للحماسة الى أدوات جماهيرية مفعمة بالروح و هذا لن يكون الا بالحكم العادل."
اذاً الحكم العادل هو الأساس ولا بد من التخلي عن البيروقراطين المستنزفين و الذين لا زالوا يبدعون في فن التأزيم و ابتكار المشاكل, و يزيدوا من صعوبة مشاكلنا. و السؤال المنطقي, اذا كان هؤلاء لا يبدعو الا الأزمات في زمن الرخاء فكيف يمكن لهم أن يتصدروا المشهد في زمن الصعاب؟
د.عامر السبايلة