مع وضوح صورة الدورة الاستثنائية، وتضمين ذلك ملف الكازينو، بناءً على طلب عدد كبير من النواب، فإنّ البخيت يكون قد دخل في معركة جديدة تشحذُ فيها السيوف للإجهاز عليه سياسياً بصورة كاملة.
التسخين بدأ خلال الأيام الماضية بإعلان 35 نائباً، وفقاً لخبر موقع "عمون"، عزمهم مقاطعة الدورة الاستثنائية في حال لم يدرج موضوع الكازينو على أجندتها. وخلافاً لبعض التسريبات الإعلامية، فقد أصرّ البخيت على مناقشة هذا الملف، بالرغم من عدم رغبة بعض مراكز القوى الأخرى في الدولة، لبروز رسائل ومؤشرات متعددة بتربص بعض النواب بالرجل.
ثقة البخيت بنظافة يده شخصياً في ملف الكازينو لا تكفي أبداً لمواجهة ملف تمّ إعداده من قبل نواب مخضرمين، وقد حصلوا - وفقاً لما يتداولونه في جلساتهم الخاصة- على ثغرات كبيرة في القضية، تمسّ جوانب سياسية وقانونية ومخالفات إدارية كبيرة تطاول الرئيس وعددا من الوزراء.
إذا لم يكن البخيت قد حضّر درسه جيّداً لمواجهة هذه القضية الخطرة، المثيرة لدى الرأي العام في هذا الوقت الحرج تماماً، فإنّه سيقع فريسةً سهلة للنواب والقوى السياسية في الشارع، ويخرج مبللاً بالأزمات، بعد مرافعته غير المقنعة فيما يتعلّق بتقرير "هروب خالد شاهين"، وهي رواية لم تُرض الرأي العام عموماً، ولم تكن على المستوى السياسي الموازي لاحتقان وغضب الشارع.
بالنسبة للمراقبين والرأي العام، فإنّ ما يعنينا هو أن نقرأ التفاصيل الحقيقية المرتبطة بقضية الكازينو وبغيرها من ملفات جدلية وإشكالية، مثل ملف سكن كريم لعيش كريم، وملف موارد الذي لم نعد نسمع شيئاً عنه اليوم، وأن نقف على شبهات الفساد أو التهاون الإداري والثغرات التي حدثت في الإدارة الحكومية، وما يترتب عليها من مسؤولية أدبية وسياسية.
هنالك حيثيات وخصوصيات للحظات التاريخية والأشخاص، إنّما الوجبة الدسمة التي من المتوقع أن يحصل عليها البخيت من "الهجوم النيابي" تذكّرنا بحكومة مضر بدران في العام 1989، بعد عودة الحياة الديمقراطية مباشرةً، وتصدّيه الشرس للنواب الذين أوسعوه نقداً وتجريحاً، ما قلب المعادلة حينها لصالحه، فهل يملك البخيت القدرة على تدشين "الهجوم المضاد" ليحمي نفسه؟
أداء الرئيس، إلى الآن، يتسم بالتردد والبطء والارتجال في الأزمات، وبضعف الخطاب الإعلامي عموماً، والوقوع في أخطاء جسيمة في تقدير الموقف، بخاصة مع الحراك السياسي في الشارع، وهي سمات قاتلة ستكون أشد فتكاً إذا دخل على المرحلة القادمة من دون أن ينقلب على المرحلة السابقة.
في المقابل، فإنّ نجاة البخيت، على الأقل خلال الأيام القليلة المقبلة، مرتبطة بقدرته على أن يمسك بزمام المبادرة وينوّع من أسلحته، ويوسع قاعدة شركائه في المشهد السياسي، وينفتح على المعارضة والشارع بدرجة أكبر، بإحداث اختراقات نوعية، وفي يديه ما تزال أسلحة جيّدة، في مقدمتها التعديل الوزاري، وسلاح نقابة المعلمين، التي يجب أن يسارع بها، والانتخابات البلدية، وقضايا موارد، وسكن كريم لعيش كريم، والقفز مسافة بعيدة في الإصلاحات المطلوبة في فترة قصيرة.
صراع حاسم وشرس بانتظار كل من البخيت ومجلس النواب، وكلاهما يحاول كسب المعركة أمام الرأي العام، في الوقت الذي يشكوان فيه من تدني منسوب الثقة وسيناريو الرحيل.
(الغد)