ترامب يدرك وقبل لقائه الملك مدى جدية الأردن وعقلية الملك شخصيا في التعامل مع قضية فلسطين ، فلترامب تجربة صعبة مع الملك في قضية صفقة القرن وبظروف اصعب واعقد مما هو الأردن عليه الآن ، ويدرك ترامب وقبله مراكز الحكم العميقة الامريكية تماما بأن وجود دولة كالاردن معتدلة مستقرة آمنه استقبلت من المهجرين ما يفوق طاقاتها ومواردها مرات ومرات يعكس مدى الانسجام الفكري والعقائدي والسياسي بين الملك وشعبه وتوجهاته ، فالاردن دولة حالت دون أطماع دول طامحة توسعية تريد إعادة مجد امبراطوريات سابقة وفرض واقع جديد في الشرق الأوسط وعلى حساب الامة العربية
الملك لن يتحدث مع ترامب بمسألة المساعدات الامريكية للأردن كما يتوقع ترامب الذي يعتقد أنه سيقايض الأردن عليها ، بل سيجد زعيما عربيا صارما لا يزاود على مصلحة فلسطين والفلسينيين والمصلحة العربية ، ولن يجد ترامب من ملك كغيره من الزعماء الذين واجههم ، وطلبوا وده ورضاه ، سيجده شخصية مستقلة ذات بعد تاريخي وديني يحمل رسالة أمة عربية وإسلامية بل رسالة أنسانية إطارها الانسان ، وسيجد من الملك حديثا أشمل واعظنم رؤى عن المنطقة والمستقبل والامن والاستقرار والمصلحة الإنسانية ، فالملك مؤمن بأن الأردنيين غير آبهين بالمساعدات الامريكية اذا ما قوربت بالاحداث المؤلمة في المنطقة ولا يقبلها من لديه شعورا إنسانيا ، فما تقوم به إسرائيل تجاوز شريعة الغاب ولا يمت للحضارة الإنسانية والشعور الإنساني لقوم اعزل كل ما يريده العيش في وطنه وارضه ويحلم بمستقبل لاطفاله.
الملك سيقابل ترامب وهو مسلح بالحق والعدل والقانون ، وقبل هذا وذاك بشعبه الذي منحه التفوويض المطلق وبالشعب الفلسطيني الذي أوكله مهمة الدفاع عنه واسترجاع حقوقه وبناء مستقبله بالتأكيد على لاءات الأردن المعروفة . سيتحدث الملك بكل جرأة وبخلفيته مواقف الشعوب العربية المطالبه بانهاء الاحتلال معبرا عن غضبها تجاه ما يجري ، والتحديات التي ستواجهها المنطقة لاحقا . سيتحدث الملك مع ترامب ولديه وتلك الخبرة العظيمة في التعامل مع العقلية الامريكية والناخب الأمريكي ومراكز صنع القرار الأمريكي.والثقافة الامريكية ، فهو الاعرف والأكثر إدراكا للأسس الثابتة التي ترتكز عليها أولويات امريكيا عبر التاريخ . وسيكرر الملك هذا الموقف رغم محاولات ترامب استعراض عضلات التحدي والطلبات الفوقية والتهديد العسكري الذي كلف به نتنياهو , وسينقل الملك لترامب الموقف العربي والمنبثق عن الاجتماع السدادسي وما سيتم طرحه في اجتماع القمة القادم بعيد لقاءات واشنطن.
لاشك أن تقارير الأجهزة الامريكية ومؤسساته العميقة قد وضعت ترامب في حقيقة موقف الأردن وظروفه وأولوياته ومدى ارتباطه بالقضية الفلسطينية ، وتصوره لحل القضية ، ومدى تأثيره عليها ، هذا إضافة لطبيعة تفكير الملك عبدالله وموقفه شخصيا من القضية وإيمانه بحل الدولتين الذي شرحه لدى الأمم المتحدة والكونغرس الأمريكي والاتحاد الاروبي ، بحيث اكتسب الكثير الكثير من التأييد إضافة لموقفه المتحد من مواقف الدول العربية وخاصة مصر والسعودية من القضية الفلسطينية والحرب على غزة
ترامب لن يصمد كثيرا أمام هذا الطوفان الأمريكي والدولي والعربي: فدول اروبا التي تحداها والصين التي بدأ الحرب معها ، والداخل الذي بدأ يفكك مؤسساتها العميقة بحجج غير منطقية ، وتهكمه على المؤسسات الأممية كمحكمة العدل الدولية ، والانروا ، وغيرها وغيرها . بل كل من وقفت ضد إسرائيل ونتنياهو شخصيا!
ترامب سيسمع كلاما قد لا يعجبه الكثير منه ، كونه لا يتوافق مع ما طرحه لكنه سيسمعه ، فالمؤسسات ألامريكية عالميقة نصحت البيت الأبيض بالاستماع للمك عبدالله حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والضفة الغربية وما يجري بها ، بعيدا عما سمعه من المقربين له وهم الاكثرنفاقا ، ومصلحة وتلفيقا . كذلك الاستماع الى السيسي الأقرب الى غزة ، والأكثر قدرة على إنجاح أو افشال خطة ترامب في غزة.
فلننتظر الى ما بعد هذه اللقاءات التي سيحاول نتنياهو وشركائه في واشنطن تقويضها لصالح إسرائيل ، فهم يدركون مدى تاثير الأردن على الكثير من صناع القرار الأمريكي ، والمصداقية التي يتمتع بها الملك والواقع الذي يجب أن يعرفوه . كذلك حجم مصر وخطورتها على المصلحة اسرئيل وخاصة في الجبهة الجنوبية الغربية لإسرائيل .