فوق هذه الأرض المباركة، التي شهدت ولادة المجد العربي، وعلت بعطاء الأردنيين الأوفياء وقيادتهم الهاشمية الحكيمة، شُيّد الأردن بعزمٍ لا يلين، وإرادةٍ لا تنكسر، وكان بنيانه نتاج تلاحم الشعب والقيادة، اللذين اجتمعا على العهد والمسؤولية، فجعلوا من هذا الوطن أنموذجًا يُحتذى في العزة والصمود. ومنذ أن حمل الملك المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين راية الثورة العربية الكبرى، كانت معه قلوب الأردنيين وسواعدهم، يبنون معه مجد الدولة الناشئة، ويؤسسون معًا وطنًا يستند إلى القيم الهاشمية النبيلة، والإرث الأردني المجيد، والولاء الراسخ الذي لا يتغير عبر الأجيال. هذا هو الأردن، حصن العروبة وراية الحق، بقيادته الهاشمية التي حملت الأمانة منذ الثورة، وشعبه الأصيل الذي وقف دائمًا السند والعضيد، يرفع الراية، ويصون العهد، ليظل الأردن أنموذجًا في الولاء، وموطنًا لا يعرف إلا الشموخ والمجد. منذ أن حمل الملك عبد الله الأول ابن الحسين راية الثورة العربية الكبرى، كانت قلوب الأردنيين تهتف لها، وسواعدهم ترفعها عاليًا، وإيمانهم ببلدهم يجعلها خالدة في الأفق، لا تطويها السنون ولا تبهت مع الأيام. كان الأردن منذ اللحظة الأولى مشروعًا وطنيًا عظيمًا، وثمرة كفاحٍ طويل، وشراكةً متينة بين القيادة الهاشمية الحكيمة والشعب الأردني الوفي.
وقد بُنيت هذه الدولة بكدح الرجال الأوفياء، وأُرسيت دعائمها بالحكمة والبصيرة، ونمت جذورها بالصبر والتضحيات، حتى غدا الأردن بيت العزة، وحصن الكرامة، وواحة الاستقرار، يتفيأ ظلاله الجميع، دولةً لم تُقَس يومًا بمساحتها، بل اتسعت بروحها، وامتدت بحضورها، وعُرفت بعزيمة أبنائها الذين صنعوا من محدودية الموارد حكايةً من الإبداع، ومن التحديات سُلَّمًا نحو الرفعة والتقدم.
لقد كان الأردن وسيبقى أكبر من حدوده الجغرافية، وأكثر عمقاً من قياساته المادية، فهو فكرةٌ متجددة، تتسع باتساع الإيمان به، وتزدهر بازدهار عزيمة الأردنيين الذين كتبوا اسمه في سجلات المجد، ورفعوه رايةً في سماء العروبة، يقفون خلف قيادتهم الهاشمية، كما كانوا دائمًا، يداً بيد، وقلبًا واحدًا، في مسيرة لا تعرف إلا العلو، ومستقبلٍ لا يعرف إلا المجد.
وحين تولى المغفور له الحسين بن طلال العرش، ملكًا، وباني مجد، وصانع الحلم الأردني الكبير، ورجلًا مدرك بأن الوطن يُشيَّد بالتضحيات والقرارات الحكيمة، وأن العرش يُبنى بالمجد وبالعطاء الذي لا ينضب، والعمل الذي لا يعرف التراجع. كان الحسين قائدًا حمل على كتفيه مسؤولية وطنٍ يتطلع إلى الثبات والازدهار، فكان للأردنيين السند والقائد، وكانوا له الجند الأوفياء، يرفعون معه الراية، ويحرسونها من كل عاصفة، فاستمر الأردن في النمو، وتحوّل من دولة فتية إلى نموذجٍ في الصمود والتقدم، رغم العواصف والتحديات التي حاولت أن تعصف به.
وكان الأردن في عهد الحسين وطناً، ورسالةً عربيةً خالدة، وملاذًا للأحرار، ومنارةً في وسط العتمة، وواحةً للاستقرار وسط إقليم متغير. قاد الحسين سفينة الأردن بحكمة القائد الذي يرى أبعد مما يراه الآخرون، وعاطفة الأب الذي لا يساوم على كرامة أهله. كان الأردن في عهده يترسّخ كدولةٍ حديثة، مؤسساتها قوية، وشعبها متماسك، وجيشها درع يحمي الكرامة والسيادة. لم تكن سنواته سهلة، ولم تكن تحدياته عابرة، لكن الحسين صنع منها دروسًا في القيادة، فكان اسم الأردن يكبر مع كل مرحلة، وتتعزز مكانته بين الأمم، ويزداد الأردنيون إيمانًا بأن وطنهم وطن رسالة لا تموت، ورايةٌ لا تُنكَّس.
وعندما ودّع الأردنيون قائدهم، كان الحسين روحًا تسري في هذه الأرض، وإرثًا يترسّخ في كل قلب، ونهجًا ظل خالدًا في قيادة وارث العهد، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الذي حمل الراية ليكمل المسيرة، ويمضي بالأردن نحو مستقبل أكثر إشراقًا، مؤمنًا بأن الوطن الذي بُني على التضحيات لا يعرف إلا العلو، وأن الأردنيين الذين صنعوا المعجزات مع الحسين، قادرون على كتابة فصل جديد من العزة والمجد
وجاء جلالة الملك عبد الله الثاني المعزز، يحمل الأمانة التي نُسجت خيوطها بالعهد والوفاء، ويواصل المسيرة التي خطّها الآباء بمداد التضحية والحكمة. فكان وارثاً للعرشٍ الهاشمي وامتدادًا لنهجٍ متجذرٍ في هذه الأرض، وقائدًا جاء في زمن التحولات الكبرى، حيث لا مكان إلا لمن يملك الرؤية، ولا بقاء إلا لمن يصنع المستقبل بعزمٍ وإرادةٍ لا تلين. فمنذ اللحظة الأولى التي أقسم فيها جلالته اليمين، أدرك الأردنيون أنهم أمام قائدٍ يُشبههم، يتحدث بلغتهم، يعيش نبضهم، يحمل همومهم بين يديه كما يحمل طموحاتهم في قلبه. فكان عهده الميمون امتدادٌ لمسيرة الخير، وتجديدًا للعهد، واستمرارًا لغدٍ لا يتوقف عند حد، ولا يتراجع أمام تحدٍ. كان الأردن على موعدٍ مع مرحلةٍ جديدة، مرحلةٍ تُبنى فيها الإنجازات وتُصنع بالعزم والرؤية، والعمل الدؤوب الذي لا يعرف التردد.
وقد أخذ جلالة الملك عبد الله الثاني معه شعب وفيٌّ قادر بيد الوطن نحو آفاق جديدة، حيث الحداثة تُعانق الأصالة، والتاريخ يلتقي بالمستقبل، والطموح يتجلى في كل مشروع، وكل خطوةٍ نحو الأمام. وقد آمن جلالته بالعمل في الميدان، يعرف تفاصيل وطنه كما يعرف قلبه، يمضي إلى الجنود في مواقعهم، وإلى الشباب في جامعاتهم، وإلى المزارعين في حقولهم، وإلى المرضى في مستشفياتهم، وإلى كل بيتٍ أردني ليؤكد أن العرش مسؤولية، وأن القيادة أفعالٌ تُرى وتعاش.
وفي عهد جلالته الميمون، ارتفع اسم الأردن عاليًا، كما ارتفعت رايته التي لم تُنكّس يومًا، أصبح الوطن أنموذجًا في الاعتدال، والقوة، والانفتاح، والكرامة، دولةً لم يعرف أبناؤها إلا الشموخ، ولم تقبل قيادتها إلا أن تكون بين الكبار، بحكمةٍ لا تحيد عن الصواب، وسيادةٍ لا تُمس، وعزيمةٍ لا تنكسر.
وما زالت المسيرة مستمرة، يمضي بها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، يتقدمها بشجاعةٍ هاشمية، وحكمةٍ لا تجامل، ووفاءٍ لا يتغير. فالأردن الذي لم يكن يومًا محطةً عابرة في التاريخ، كان على مر العصور وطنًا يكتب مجده بيديه، ويصنع مكانته بثباته، ويصوغ مستقبله بإرادة شعبه وقيادته. واليوم، كما الأمس، وكما الغد، يظل العهد هو العهد، والراية هي الراية، والمجد كما ينبغي له أن يكون.
لقد كان الأردن صرحًا شُيّد بإرادة شعبه وقيادته، مشروعًا وطنيًا شامخًا، لم يكن يومًا وليد اللحظة، وهو حصادُ شراكةٍ عميقة بين القيادة الحكيمة والشعب الأبي، التقت فيها سواعد الأجداد، وعزائم الرجال، وصبر الأمهات، فصار هذا الوطن كما هو اليوم، منارةً للصمود، ورمزًا للتحدي، ونموذجًا في الثبات والتطور.
وحين تمتد الأبصار نحو المستقبل، لا يبدو غامضًا ولا مجهولًا، إنه الامتداد الطبيعي لمسيرةٍ امتزج فيها العزم بالحلم، والتضحية بالعطاء، والمجد بالإرادة. إنه المستقبل الذي تُزيّنه إنجازاتٌ جديدة، تُبنى على الأسس الراسخة التي وضعها من سبق، وواصلها الجيل الحاضر بنفس الروح، وبذات العهد منذ أن أُطلقت الثورة، ولم يتراجع منذ أن أُسست الدولة.
واليوم، وحين ترفرف راية الثورة العربية الكبرى في سماء الأردن، فإنها تحكي قصة البدايات، وتشهد أن هذا الوطن كيانٌ راسخ في سجلات التاريخ، وأنه روحٌ تمتد، ورايةٌ خفاقة، وإرادةٌ تتجدد في كل جيل. وكما خطّ الأجداد أول السطور، وكما أكمل الآباء كتابة الفصول، فإن الأردنيين اليوم هم حُراس الراية، وأمناء العهد، وجنود المستقبل، الذين يواصلون مسيرة العز والفخر، ليظل الأردن كما كان دائمًا، شامخًا، قويًا، عصيًا على الانكسار، ومرسومًا على صفحة الشمس وطنًا لا يعرف سوى المجد.
عاش الأردن، وعاش الأردنيون، وعاشت قيادتهم الهاشمية، رايةً خفاقة، ومسيرةً لا تتوقف.
وكل عام والوطن وقائد الوطن وولي عهده الأمين والأردنيون بألف خير.