هل نقول .. اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا جالسون؟!
محمود الدباس - ابو الليث
08-02-2025 09:10 AM
ماذا لو اجتمع مجلس الوزراء في جلسة طارئة؟!.. ماذا لو أعلن حالة الانعقاد الدائم.. حتى انتهاء مباحثات الملك في واشنطن؟!.. ماذا لو خرج ببيان واضح.. يخاطب الداخل والخارج.. ويؤكد أن الأردن كله.. حكومة وشعباً.. يقف في خندق واحد للدفاع عن الأرض والهوية؟!..
ماذا لو اجتمع مجلس النواب بكل أعضائه.. من كل الأطياف والتوجهات.. في جلسة استثنائية.. يعلن فيها النواب رفضهم القاطع لأي مخطط للتهجير؟!.. ماذا لو أرسل البرلمان الأردني.. رسائل إلى الكونغرس الأميركي.. والبرلمانات العالمية.. يؤكد فيها أن المساس بالتركيبة السكانية للأردن.. هو إعلان حرب على الأردن وفلسطين معاً؟!.
لكننا لم نسمع عن اجتماع طارئ.. ولا عن بيان طمأنة حكومي.. يضع الأمور في نصابها.. ولا عن مجلس نواب يعلن حالة الاستنفار السياسي.. وكأن الملك وحده.. هو من يخوض هذه المعركة على الساحة الدولية.. وكأن لسان حال المجلسين يقول له.. اذهب أنت وربك فقاتلا.. إنا هنا جالسون..
لو أن مجلس الوزراء يعلن عن جلسة طارئة.. أو حالة انعقاد دائم.. لكان ذلك رسالة قوية.. بأن الدولة كلها في حالة يقظة واستعداد.. وأن الأردن لا يتعامل مع هذه التصريحات ببرود.. أو انتظار.. بل بتحرك دبلوماسي وسياسي مدروس.. ولأدرك الجميع.. في الداخل والخارج.. أن أي محاولة لفرض التهجير.. ليست مجرد "تكهنات".. بل خطرٌ يتم التصدي له على أعلى المستويات..
سيكون ذلك معززاً لموقف الملك في واشنطن.. فهو لا يذهب إلى هناك كمجرد قائد سياسي يدافع عن بلاده.. بل كرأس هرم لدولة.. بكامل مؤسساتها وأجهزتها.. دولة أعلنت استنفارها السياسي والقانوني.. لمواجهة أي سيناريو قد يُفرض عليها..
وسيرسل رسالة طمأنة داخلية.. بأن الحكومة ليست في حالة "انتظار سلبي".. بل تتعامل مع الحدث باستراتيجية واضحة.. وأن كل ما يحدث تحت عينها ورقابتها.. فلا مفاجآت.. ولا قرارات صادمة.. دون تحضير أو موقف مسبق..
وسيكون ذلك بمثابة ردع لأصحاب الأجندات الخفية.. فحين ترى القوى الدولية.. أن الأردن بكل مؤسساته.. يقف على قدميه في هذه اللحظة الحرجة.. ستدرك أن لا ثغرة يمكن النفاذ منها.. ولا نقطة ضعف يمكن استغلالها..
لو يعلن مجلس النواب جلسة طارئة.. أو حالة انعقاد دائم.. سيكون ذلك إثباتاً.. أن هذا الرفض.. ليس مجرد موقف حكومي.. بل هو إجماع وطني شامل.. يمتد من الدولة إلى الشعب..
وسيضعف أي محاولة لفرض حلول.. أو تفاهمات غير مقبولة.. وسيؤكد أن الأردن.. ليس بلداً يمكن الضغط عليه من خلال حكومة فقط.. بل هو دولة متماسكة بمؤسساتها وسلطاتها المختلفة.. وسيعزز موقف الملك.. عبر إظهار.. أن الرأي العام الأردني موحد.. وأن هذا الملف.. ليس قابلاً للمساومة.. أو التفاوض بأي شكل من الأشكال..
الشعب فعل ما عليه.. خرج في المسيرات.. أعلن موقفه جهاراً نهاراً.. وقوفه مع الجيش.. والأجهزة الأمنية.. والحكومة.. في خندق واحد.. رسم عبر صوته وهتافه.. حدود الوطن التي لا تُمس.. لكن أين الحكومة.. وأين النواب؟!.. هل المطلوب أن يتحرك الشارع قبل أن تتحرك المؤسسات؟!..
هذا ليس موقفاً عادياً.. وليس ملفاً سياسياً عابراً.. بل قضية وطنية وجودية.. فإما أن نكون جميعاً في معركة الدفاع عن الأردن.. وإما أن نترك الملك وحده في الميدان.. والميدان لا يرحم المتخاذلين.. ولا ينسى من ترددوا في لحظة.. كان يجب أن يكونوا فيها في مقدمة الصفوف..
لا مجال للانتظار.. لا مجال للصمت.. لا مجال للحسابات الضيقة.. الوطن ينادي.. فهل من مجيب؟!..