facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نظرية الجنون في السياسة الأمريكية .. ترامب نموذجاً أم أداة ؟!


محمود الدباس - ابو الليث
05-02-2025 11:41 AM

منذ اللحظة التي أعلن فيها ترامب ترشحه للرئاسة وحتى اليوم.. لم يغب عن المشهد السياسي كظاهرة غير مسبوقة.. رجلٌ يتحدث بلا ضوابط.. يقرر بلا حسابات ظاهرية.. يتخذ خطوات.. قد يراها البعض متهورة.. أو حتى انتحارية.. لكنه في الوقت ذاته.. يحصد نتائج تثير التساؤلات.. هل هو حقاً مجنونٌ كما يصف نفسه؟!.. أم أنه ينفذ دوراً مرسوماً بإتقان ضمن استراتيجية أمريكية.. تتجدد بوجوه مختلفة؟!..

في الشرق الأوسط.. في قلب العاصفة.. لم يكن حديثه الأخير عن تهجير الفلسطينيين.. إلى مصر والأردن مفاجئاً لمن تتبع خطابه منذ توليه السلطة.. ترامب لطالما تعامل مع المنطقة.. على أنها ساحة لتصفية الحسابات.. وإعادة رسم الخرائط.. بما يخدم الكيان الإسرائيلي.. اعترافه بالقدس عاصمةً للاحتلال.. دعمُه لضم الجولان.. اتفاقيات التطبيع التي رعاها.. والآن يتحدث عن تهجير الغزيين.. وضم الضفة الغربية.. هذه ليست مجرد تصريحات عابرة.. بل هي إشارات واضحة.. على أن هناك مخططاً يسير وفق مراحل محددة.. والملفت.. أنه لا يتحدث عن إمكانية قبول الدول العربية لهذه الأفكار.. بل يؤكد.. وكأن الأمر محسومٌ سلفاً.. وكأن هذه الدول.. لا تملك من أمرها شيئاً.. فمن أين يستمد هذه الثقة؟!.. قد تكون هذه التصريحات تهدف إلى اختبار ردود الفعل.. ولكن.. هل يعكس هذا حقيقةً توازن القوى في المنطقة.. أم أن هناك متغيرات أخرى.. قد تؤثر في مواقف هذه الدول؟!..

أما عن نظرية الجنون والواقع المحسوب.. فترامب نفسه قالها صراحةً في أحد لقاءاته.. حين تحدَّث عن الصين "سيفعلون ما أطلب.. لأنهم يعلمون أنني مجنون".. هذه الجملة تختصر الكثير.. إنها ليست مجرد تهور.. أو ارتجال.. بل هو استدعاء مقصود لنظرية أمريكية قديمة.. تُعرف بـ"نظرية الرجل المجنون" (Madman Theory).. والتي استخدمها نيكسون في الحرب الباردة.. وتعتمد على إقناع الخصوم.. بأنك قد تفعل أي شيء بلا حسابات.. مما يدفعهم إلى التنازل خوفاً من العواقب.. لكن الفارق.. أن نيكسون كان يخفي هذه الاستراتيجية.. بينما ترامب يعلنها جهاراً.. وكأنه يريد أن يقول للعالم "أنا غير متَوَقَع.. فاحذروا ردات فعلي".. وليس ترامب الوحيد الذي استخدم هذا الأسلوب.. فقد كان ريتشارد نيكسون يشير سراً إلى نفسه بهذه الصفة.. ليُرعب السوفييت.. كما اعتمد جورج بوش الابن على خطاب مشابه.. بعد هجمات 11 سبتمبر.. ليبرر اجتياح أفغانستان والعراق.. مما يجعل الأمر جزءاً من تكتيك سياسي.. وليس مجرد حالة فردية خاصة بترامب.. لكن السؤال الأهم.. هل فعلاً ترامب يتصرف وحده.. أم أن هناك مَن يحركه؟!.. هل أمريكا بلد المؤسسات.. والقوى العميقة يمكن أن تترك رئيساً.. يعبث بمصالحها دون حساب؟!.. قد تظل هذه الأسئلة معلقة.. ولكن هل يساهم ترامب بالفعل.. في مسار هذه القوى.. أم أنه مجرد أداة في تنفيذ استراتيجية طويلة الأمد؟!..

هذا يأخذنا إلى النقطة الأعمق.. أمريكا بين المؤسسات.. والعبث المنظّم.. فالرؤية السطحية للأمور.. قد توحي بأن ترامب رئيس غير تقليدي.. يغرد خارج السرب.. يخالف توجهات المؤسسات العميقة.. لكن التدقيق في قراراته.. يكشف أنه لم يخرج عن المسار العام للاستراتيجية الأمريكية.. بل على العكس.. كان أكثر رؤساء أمريكا وضوحاً.. وجرأة في تنفيذ ما يتم التمهيد له خلف الكواليس.. ولعل ما فعله مع كندا وأوروبا والصين اقتصادياً.. وما يفعله في الشرق الأوسط سياسياً.. هو جزء من إعادة رسم المشهد العالمي.. أمريكا لم تعد تريد أن تكون شرطي العالم بالمجان.. بل تفرض شروطها على الحلفاء والخصوم بلا خجل.. وهنا يظهر دور ترامب.. كأداة صادمة لفرض الأمر الواقع.. ولكن هل هذه الاستراتيجية في صالح أمريكا نفسها.. أم أنها قد تثير تحولات جذرية في التحالفات العالمية؟!..

لكن تبقى معضلة الانتصار والهزيمة.. تناقُض.. أم إعادة تموضع؟!.. فكيف يمكن التوفيق.. بين هذه النبرة العالية والمتعالية.. وبين واقع.. أن أمريكا والكيان الإسرائيلي خرجا مهزومين -معنوياً على الأقل- في حرب غزة؟!.. هنا يجب النظر للأمور من زاويتين..

الأولى.. أن ترامب وإدارته.. يمثلون جزءاً من تيار أمريكي.. لا يعترف بالهزيمة.. بل يعتبر أي نكسة.. مجرد مرحلة في صراع طويل..
والثانية.. أن الأحداث الأخيرة.. قد تكون فرصة لهم.. لإعادة فرض الحلول وفق منظورهم.. فمنطق ترامب.. يقوم على استغلال الأزمات.. لفرض شروط جديدة.. وكأن الحرب كانت اختباراً لمدى صمود غزة.. وبناءً عليه.. يتم الترتيب للمرحلة القادمة.. وهذا يفسر طرحه لتهجير الغزيين.. كأمر حتمي لا نقاش فيه.. وهنا يتضح.. أن الصورة ليست متناقضة.. بقدر ما هي إعادة تموضع للسياسة الأمريكية.. وفق الظروف الراهنة..

لكن أمام هذا المشهد المعقد.. تبقى المعادلة القادمة.. هل تُكسر القواعد؟!.. ما يجب أن ندركه.. أن ترامب ليس مجرد فرد متهور.. بل هو جزء من منظومة.. تدرس كل خطوة بدقة.. حتى وإن كان مظهره يوحي بالعشوائية.. وهنا يكمن التحدي الحقيقي للعالم العربي.. هل يواصل التعامل مع هذه التصريحات.. وكأنها مجرد استعراض إعلامي؟!.. أم يستعد لاحتمالات.. أن تكون هناك خطوات عملية.. تُطبخ في الغرف المغلقة؟!.. وهنا يظهر السؤال الأكثر إلحاحاً.. هل هناك استعداد فعلي.. لتحرك استراتيجي طويل المدى.. لمواجهة هذه المواقف المتصاعدة؟!..

إلى أين يتجه المشهد؟!.. وما هو المطلوب؟!.. ما يحدث اليوم.. ليس مجرد تهديدات عابرة.. أو تصريحات نارية.. بل هو امتداد لمخططات قديمة.. تُنفذ بصيغ جديدة.. وإذا كان العالم العربي.. يريد ألا يكون في موقع المتلقي فقط.. فعليه أن يفكر في استراتيجيات استباقية.. بدلاً من مجرد الاكتفاء بالرفض.. والتنديد.. بعد وقوع الحدث.. والإدراك المبكر.. هو أول خطوة لإفشال المخططات.. فالأزمات الكبرى.. لا تُحل بالصدمة.. أو ردود الفعل العاطفية.. بل تحتاج إلى رؤية أعمق.. واستعداد عملي.. لما هو قادم..

وأختم وأقول.. السؤال ليس عن جنون ترامب.. بقدر ما هو عن عبثية ردود الفعل تجاهه.. فمن هو المجنون الحقيقي؟!.. الذي يُعلن نواياه بوضوح.. مهما كانت فظاعتها؟!.. أم الذي ينتظر.. حتى تتحول التصريحات إلى واقع.. ثم يتفاجأ؟!..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :