أعجبـت بما قرأت لمؤرخ انجليزي في مجلة فوربز الأميركية من دعوة للسياسيين والإعلاميين بان يتناولوا قضية المديونية أي عملية الإقراض والاقتراض من الناحية الأخلاقية.
يقـول بول جونسون لا عيب في عملية اقتراض المال، فهـي جزء لا يتجزأ من أسلوب عمل النظام الرأسـمالي لربط وفورات بعض الجهات باحتياجات دوائر الأعمال للتوسـع، بحيث يحقق المقترض مزيداً من الأرباح يدفـع جـزءاً منها كفائدة للمقرض.
عند الاقتراض هناك ثلاثة شـروط يجب أن تكون مكتملة: أولها أن حجم المبلغ المقترض يجب أن لا يتجاوز إمكانيات المقترض على الاسـتثمار والسداد. وثانيهما أن برنامج تسـديد مقنع يجب أن يكون جاهزاً منذ البدايـة. وثالثها أن برنامج التسـديد له الأولوية على جميع الالتزامات الأخـرى، وخاصة تلك التي تتعلق بخطط الإنفاق الشخصي. هذه الشروط قلما تتوفر في حالة الأفراد أو الحكومات أو البنوك، فهناك تركيز على تلبيـة الاحتياجات الآنيـة وتـرك المستقبل يعتني بنفسه.
صاحب المال يجب أن يحـذر العوائد العالية جداً لأنها تدل على الخطر، فالنصابون الذين لا تتوفر لديهم نية السـداد هم الذين يعرضون فوائـد عالية تغري الطامعين فيقعـون في الفخ. وهناك مدراء بنوك تهمهـم نتائج السنة الحالية وتحقيـق أرباح كبيرة تبـرر حجم البونص، ولا شأن له بنشـوء ديون معدومـة بعد سنوات.
مكـونات بلدان ذات اقتصاديات صغيرة تقتـرض مبالغ كبيرة لا تقوى على سدادها، لتشتري الوقت وتؤجـل مواجهة المشكلة، كما حـدث أخيراً في اليونان وايرلندا والبرتغال وكما حدث في الأردن في سـبعينات وثمانينـات القرن الماضي.
يذكرنا هـذا باقتراض الحكومة الأردنية 750 مليون يورو في العام الماضي تسـدد دفعة واحدة بعد خمس سـنوات، فهل هناك خطة للتسـديد؟ وكيف يمكن تدبير المبلغ الكبير في يوم الاسـتحقاق؟.
وزير المالية لديه خطة للسـداد لم يعلن عنها، ولكنا لا نأخذ خطته مأخذ الجـد، لأنه قد لا يكون هناك بعـد خمس سنوات، ولأن الخطة لن تكون سـوى عقد قرض آخر بنفس المبلغ أو بمبلغ أكبر منه أي مطالبة الدائنين بأن يحلوا محل بعضهم البعض، فكيف سـتكون الظروف بتاريخ الاستحقاق، وهل تسـمح بالاقتراض، وبأية شروط وأسعار!.
إدارة المديونية في جانبي الإقراض والاقتـراض ليست قضية مالية فقط، فلها أبعاد أخلاقية أيضاً.
(الرأي)