مرسى زايد في العقبة .. رؤية ملكية تُحوِّل الحلم إلى إنجاز سياحي عالمي
أ. د. ابراهيم بظاظو الكردي
01-02-2025 07:17 PM
يعد مشروع مرسى زايد واحدًا من أكبر المشاريع السياحية والتنموية في مدينة العقبة، حيث يمثل ركيزة أساسية في تحويل المدينة إلى وجهة عالمية للسياحة والاستثمار. جاء هذا المشروع تجسيدًا للرؤية الملكية الساعية إلى تطوير القطاع السياحي والاقتصادي في الأردن، من خلال استقطاب الاستثمارات وتعزيز مكانة العقبة كمركز إقليمي نابض بالحياة.
يمتد المشروع على مساحة تبلغ 3.2 مليون متر مربع (320 هكتارًا) من الواجهة البحرية المطلة على البحر الأحمر، مما يجعله من أكبر مشاريع التطوير العقاري في الأردن والمنطقة، وتبلغ التكلفة الاستثمارية لتطوير مرسى زايد بحوالي 10 مليارات دولار أمريكي، مما يجعله من أضخم المشاريع الاستثمارية في الأردن، ومن المتوقع أن يوفر المشروع حوالي 16,000 فرصة عمل، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل لأبناء المنطقة.
يهدف المشروع إلى إنشاء حوالي 3,000 غرفة فندقية، مما يعزز القدرة الاستيعابية للسياح في العقبة ويدعم قطاع السياحة، وتشمل المرحلة الأولى من المشروع تطوير "مرسى زايد ريفيرا"، الذي يضم أربعة أبراج سكنية، ومنطقة المارينا التي تحتوي على مجمع سكني متكامل يشمل 1,260 وحدة سكنية و117 محل تجزئة، بالإضافة إلى فندق وشقق فندقية بسعة 360 غرفة، ويضيف المشروع واجهة بحرية جديدة لمدينة العقبة بطول كيلومترين، مما يعزز من جاذبية المدينة السياحية.
ترتكز الرؤية الملكية على جعل العقبة منطقة اقتصادية متطورة تلبي احتياجات السياحة العالمية، وتعزز من تنافسية الأردن في قطاع السياحة الفاخرة. ومن هذا المنطلق، جاء مشروع مرسى زايد ليكون نموذجًا للاستثمار المتكامل، حيث يجمع بين الفخامة والاستدامة والابتكار في التخطيط العمراني والخدمات السياحية.
يقع مرسى زايد في موقع استراتيجي على ساحل البحر الأحمر، مما يمنحه ميزة جذب السياح والمستثمرين على حد سواء. يوفر المشروع بنية تحتية متطورة تضم مرافق بحرية حديثة، وفنادق ومنتجعات راقية، ومناطق ترفيهية وتجارية، مما يسهم في تعزيز الحركة السياحية وتوفير فرص عمل جديدة لأبناء المنطقة.
يراعي مشروع مرسى زايد مفاهيم التنمية المستدامة من خلال استخدام تقنيات صديقة للبيئة، وتعزيز المساحات الخضراء، والحفاظ على الموارد الطبيعية. يسهم هذا النهج في جعل العقبة نموذجًا لمدن المستقبل التي توازن بين التطور الاقتصادي والحفاظ على البيئة البحرية والساحلية. يُعد المشروع نقطة جذب رئيسية للسياحة البحرية، حيث يوفر مراسٍ حديثة قادرة على استقبال اليخوت الفاخرة والسفن السياحية الكبيرة. كما أنه يوفر أنشطة بحرية متنوعة مثل الغوص، والإبحار، والرياضات المائية، مما يعزز من جاذبية العقبة كوجهة سياحية متميزة على البحر الأحمر.
يسهم مرسى زايد في تحفيز النمو الاقتصادي في العقبة من خلال خلق فرص استثمارية جديدة وجذب الشركات العالمية. كما يؤدي إلى تنشيط القطاعات المرتبطة بالسياحة، مثل المطاعم، والتسوق، والخدمات اللوجستية، مما يعزز من مكانة العقبة كمركز تجاري وسياحي حيوي، ويُكمل مرسى زايد مشروعات أخرى في العقبة، مثل مطار الملك حسين الدولي، ومنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وغيرها من المشروعات التطويرية. هذا التكامل يسهم في خلق بيئة متكاملة تعزز من تجربة الزوار وتضمن تحقيق الأهداف التنموية طويلة المدى للمدينة.
يُشكل مرسى زايد في العقبة عنصرًا استراتيجيًا في تحقيق التكامل الاقتصادي والسياحي مع إقليم نيوم في شمال غرب السعودية، حيث يقع كلا المشروعين ضمن نطاق البحر الأحمر، مما يعزز من فرص التعاون الإقليمي في مجالات السياحة، الاستثمار، والخدمات اللوجستية. يتميز مرسى زايد بموقعه الحيوي كحلقة وصل بين الأردن والمشاريع الضخمة في المنطقة، مما يجعله بوابة بحرية مهمة لدعم الحركة التجارية والسياحية بين البلدين، خاصة مع تنامي الاستثمارات في البنية التحتية والمرافق الفندقية والموانئ المتطورة التي تلبي احتياجات السياحة الفاخرة والاقتصاد الأزرق.
علاوة على ذلك، فإن التكامل بين مرسى زايد ونيوم يعزز من فرص التبادل السياحي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بتجارب سياحية متكاملة بين المدينتين، من خلال الرحلات البحرية الفاخرة واليخوت التي تربط العقبة بموانئ نيوم المستقبلية. كما يسهم هذا التكامل في خلق فرص عمل جديدة وتطوير بيئة أعمال جاذبة للمستثمرين في كلا المشروعين، مستفيدًا من الحوافز الاستثمارية التي تقدمها العقبة الاقتصادية الخاصة ومنطقة نيوم، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الدور الإقليمي للبحر الأحمر كوجهة عالمية للسياحة والاستثمار.
يُعد مرسى زايد في العقبة نموذجًا حديثًا للتخطيط العمراني الذي يمكن أن يستفيد من تطورات الذكاء الاصطناعي في تنظيم المدن السياحية، حيث تتيح التقنيات الذكية تحسين تجربة الزوار وتعزيز كفاءة إدارة المرافق والخدمات. من خلال استخدام التحليلات التنبؤية، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي توقع تدفقات السياح وإدارة الحشود بكفاءة، مما يسهم في تقليل الازدحام وتحسين توزيع الموارد. كما يمكن توظيف أنظمة المراقبة الذكية لضمان الأمن والسلامة في المرافق العامة، إضافةً إلى المساعدات الافتراضية التي توفر معلومات فورية للسياح عبر تطبيقات الهواتف الذكية أو الأكشاك الذكية المنتشرة في أنحاء المشروع. علاوةً على ذلك، يمكن أن تسهم تقنيات المدن الذكية، مثل الإضاءة الذكية وأنظمة النقل الذاتي، في تعزيز الاستدامة البيئية وتقليل استهلاك الطاقة، مما يجعل مرسى زايد وجهة سياحية متكاملة تجمع بين الفخامة والابتكار الرقمي.
يعد مرسى زايد شاهدًا على التقدم الذي تشهده العقبة، ويعكس نجاح الأردن في استقطاب الاستثمارات السياحية الكبرى. ومع استمرار تنفيذ مراحله المستقبلية، سيظل هذا المشروع حجر الأساس في تحقيق الرؤية الملكية لجعل العقبة وجهة سياحية عالمية تعكس هوية الأردن الحديثة والمتطورة.