يتساءل العديد من أولئك المشككين في جدوى المقاومة ضد الكيان المحتل، وأنها الوسيلة الوحيدة والمثلى للتخلص من سطوة المحتل الصهيوني، عن مدى جدواها في وصول الشعب الفلسطيني لأهدافه الوطنية وتحرير كامل التراب الفلسطيني، فيقيسونها بمقياس أعداد الشهداء والجرحى والدمار الذي حدث للبنى التحتية للقطاع، فهم يرون أن ما يربو عن ٧٠ ألف شهيد وأكثر من ٩٠ ألف مصاب، لا يكافيء المكاسب التي تحققت، وهي خسائر مهولة لا يستطيع المجتمع الغزي تحملها. لكن إذا نظرنا من زاوية أخرى، لنا أن نسأل ماذا يمكن للإنسان الفلسطيني الذي يعاني مرارة الاحتلال، الذي سد عليه منافذ الحياة بحصار دام أكثر من سبعة عشر عاماً، لم يرفع هذا الحصار الظالم بل زاد الخناق على الغزيين، وبات القطاع سجن كبير تتحكم به قوات الاحتلال، هذا عدا تعرض القطاع إلى حملة شرسة من قبل المتطرفين اليهود، الداعين إلى ضرورة إعادة إنشاء المستوطنات و التطهير العرقي بتهجير سكان القطاع، ناهيك عن المعاناة القاسية والصعبة التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون، من سحل وتعذيب جسدي ونفسي وانتهاك لأبسط حقوقهم المدنية التي كفلها لهم القانون الدولي، إلى جانب التهام أراضي واسعة في الضفة الغربية، واعتداء المستوطنون المتكرر والمتواصل على المواطنين الفلسطينيين وعلى أملاكهم و أراضيهم.


المقاومة باختصار هي الحل بلا شك لردع هذا المحتل، فعملية طوفان الأقصى، ما كانت لتحدث لولا الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة على المواطن الفلسطيني وأرضه، ومع التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والمراقب لرد فعل الأسرى عند خروجهم وحديثهم عن التجاوزات الوحشية التي يتعرضون لها في سجون و أقبية الاحتلال، والمحكومات العالية على المساجين الذين لا ذنب لهم سوى إصرارهم على حريتهم وحرية شعبهم ووطنهم، يدرك الفظائع التي يواجهونها وأن عملية طوفان الأقصى أسبابها منطقية وموضوعية.

التضحيات في غزة كبيرة جداً وثقيلة لا شك في ذلك أبداً، ولا يسعنا إلا أن نقول تقبل الله الشهداء والشفاء العاجل للمصابين، والدمار والخراب المخيف في جميع مرافق ومؤسسات القطاع، يمكن إصلاحها إذا تضافرت الجهود العربية والإسلامية والدولية للمساعدة في عملية الإعمار، و إجبار الإحتلال والدول الراعية له على إعمار ما تم تدميره...

فحرية الأوطان لا تتحقق إلا بتضحيات عظيمة كتضحيات أهل غزة.