facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بين "المُستَهبِل" و"المُستَهبَل" ..


محمود الدباس - ابو الليث
31-01-2025 04:10 PM

لم تكن الكلمة في يوم من الأيام.. مجرد حروف تُكتب وتُقال.. بل كانت وما زالت سلاحاً ذا حدين.. تُبنى بها الأمم.. وتُهدم بها العروش.. تُشعل بها الحروب.. وتُطفأ بها النيران.. لكن في زمنٍ تحوّل فيه الفضاء الإلكتروني.. إلى ساحةٍ بلا ضوابط.. أصبح مَن يملك القدرة على الصياغة.. أكثر تأثيراً ممن يملك الحقيقة.. ومن يتقن فن التلاعب بالعقول.. سيداً على قطعانٍ من الحمقى والمهللين..

وهنا يظهر "المُستَهبِل".. ذاك الشخص الذي يحترف الخداع.. فيضع السمّ في العسل.. يختلق الأكاذيب.. ويروجها بطريقةٍ تجعلك تشك حتى في يقينك.. يكتب معلومةً مزيفة.. لكنه يكسوها بمسحةٍ من منطقٍ زائفٍ يستهوي العقول الضعيفة.. يعرف جيداً.. أن الناس لا تبحث عن الحقيقة.. بل عن الإثارة.. فيمنحهم ما يستهويهم.. وهم بدورهم يمنحونه الانتشار والسلطة.. فهو سيد اللعبة.. يصنع الفخاخ بذكاءٍ.. ويتربّص بضحاياه.. فإن وقعوا فيها.. زاد من جرعة "الاستِهبال".. ورفع سقف الكذب والخداع..

لكن الطامة الكبرى ليست في "المُستَهبِل".. فهو على الأقل يدرك أنه كاذب ومُضلِّل.. المصيبة الحقيقية تكمن في "المُستَهبَل".. ذلك الذي يُستَغفل ويُستَغفَل بسهولةٍ.. ويُصبح أداةً بيد غيره دون أن يدري.. لا بل يظن أنه يفهم.. ويُعمِل عقله في الخير والصلاح.. فينقل الأخبار من دون تحقق.. وينشر الإشاعات كأنها حقائق منزّلة.. ويهرول خلف العناوين الصادمة.. دون أن يسأل نفسه.. من كتبها؟!.. وما الهدف منها؟!.. وربما -وهنا الطامة الكبرى- يعرف في قرارة نفسه.. أنها كذبٌ محضٌ.. لكنه يتغاضى عن ذلك.. لأنها تتماشى مع قناعاته وأهوائه.. وكأن عقله لا يتغذى.. إلا على الوهم.. والتهييج.. والتضليل..

إن هؤلاء "المُستَهبَلين" لا يدركون أنهم ليسوا مجرد ضحايا.. بل شركاء في الجريمة.. فهم من يمنح "المُستَهبِل" القوة.. وهم من يجعلون الكذب ينتشر كالنار في الهشيم.. وهم من يخلقون الفوضى بترديد ما لا يعلمون صدقه من كذبه.. وربما يستفيق بعضهم.. بعد أن يقع في الحرج أمام الملأ.. عندما يُفضح كذبه المنقول.. لكن المصيبة.. أن هناك من لا يتوب ولا يتّعظ.. وكأن عقله قد أصبح مستودعًا للإشاعات والتضليل.. ويكفيه عاراً وخِسَةً.. انه وضع نفسه في خندق "المُستَهبَلين"..

وتبقى التساؤلات..
إلى متى سيظل هؤلاء يقتاتون على الوهم؟!..
وإلى متى سيظل "المُستَهبِل" يجد أرضاً خصبةً.. ليبذر فيها أكاذيبه؟!..
وما الذي سيوقظ عقول "المُستَهبَلين" من سباتهم العميق؟!..
أم أن الحقيقة لم تعد ذات قيمة.. في زمنٍ أصبح فيه الضجيج.. أعلى من صوت المنطق؟!..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :