تأثير التغيرات السياسية على استراتيجيات التسويق الرقمي
د. طارق مسلم
31-01-2025 12:21 PM
ما تزال السنوات الأخيرة تشهد تصاعدًا ملحوظًا بسبب التغيرات السياسية العالمية التي أثرت بدورها على استراتيجيات التسويق الرقمي للشركات، وأصبحت الأحداث السياسية والاقتصادية تشكل تحديات وفرصًا تستدعي استجابة مرنة ومبتكرة وريادية سواء من الحرب التجارية بين القوى الكبرى إلى التحولات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق العالمية، تتأثر الشركات بتلك الديناميكيات بشكل مباشر، مما يعيد تشكيل أساليبها في التسويق الرقمي.
ولعل أحد أبرز التحديات هو التغيرات في سياسات التجارة الدولية، مثل فرض الضرائب أو القيود على الإعلانات الرقمية. على سبيل المثال، تفرض بعض الدول لوائح تنظيمية جديدة تحد من قدرة الشركات على استخدام بيانات المستخدمين، مما يعقد عملية الاستهداف الدقيق للجمهور. كما يمكن أن تؤدي النزاعات السياسية إلى تعطيل سلاسل التوريد أو خلق عدم استقرار اقتصادي، مما يؤثر على استراتيجيات التسعير والترويج.
وتعتبر التغيرات في القوانين واللوائح التي تفرضها الحكومات قيودًا جديدة على التجارة الدولية أو على استخدام البيانات الشخصية، مما يؤثر على قدرة الشركات على استهداف جمهورها بدقة أو على إدارة حملاتها التسويقية عبر الحدود.
في حين تعتبر النزاعات التجارية والسياسية من الأكثر النزاعات بين الدول التي تؤدي إلى تعطل سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الإنتاج والتوزيع، مما ينعكس سلبًا على أسعار المنتجات وتوافرها وبالتالي على فعالية الحملات التسويقية.
اما تغير مواقف المستهلكين فأنها قد تتأثر نتيجة للمواقف السياسية التي تتخذها الشركات أو الدول التي تنتمي إليها.
ويأتي السؤال الان، ماهي الفرص المتاحة؟.
على الرغم من التحديات، فإن التغيرات السياسية تفتح أيضًا أبوابًا لفرص جديدة يمكن للشركات استغلالها، ومنها:
التركيز على القضايا الاجتماعية واستهداف أسواق جديدة وبناء علاقات أقوى مع العملاء.
في ظل هذه الظروف، يتعين على العلامات التجارية أن تعيد تقييم استراتيجياتها التسويقية وأن تركز على بناء سمعة قوية تعتمد على المصداقية والشفافية والقيم الإنسانية. يجب أن تكون العلامات التجارية قادرة على التكيف مع التغيرات المتسارعة وأن تتبنى نهجًا مرنًا في التعامل مع الأزمات والتحديات.
إن التغيرات السياسية العالمية تمثل تحديًا وفرصة في آن واحد للشركات العاملة في مجال التسويق الرقمي. فالشركات التي تستطيع فهم هذه التغيرات والتكيف معها وتبني استراتيجيات مبتكرة ومرنة، ستكون قادرة على تجاوز التحديات واستغلال الفرص وتحقيق النجاح في هذا العالم المتغير.
انعكاس التغيرات على العلامات التجارية
التغيرات السياسية تُبرز أهمية بناء العلامة التجارية على أسس قوية قادرة على التكيف. الشركات التي تتمتع بعلامة تجارية مرنة وموثوقة تكون أكثر قدرة على الصمود أمام الأزمات، مثل حركات المقاطعة السياسية أو القومية. وقد أثبتت العلامات التجارية التي تتبنى مواقف واضحة تجاه القضايا العالمية قدرتها على كسب ثقة المستهلكين، خاصة الجيل الجديد المهتم بالقضايا الاجتماعية. في ظل التغيرات السياسية المتسارعة، بات على الشركات إعادة صياغة استراتيجيات التسويق الرقمي بشكل ديناميكي يوازن بين التحديات والفرص. الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وتحليل البيانات، إلى جانب تعزيز القيم الإنسانية للعلامة التجارية، يظل النهج الأمثل لضمان البقاء والتميز في السوق العالمية المتغيرة.
رغم التحديات، فإن هذه التغيرات تفتح أيضًا آفاقًا جديدة. يمكن للشركات الاستفادة من التسويق الرقمي لإبراز التزامها بالقيم العالمية مثل الاستدامة والمساواة، مما يعزز صورة علاماتها التجارية. علاوة على ذلك، يمكن استغلال المنصات الرقمية للوصول إلى أسواق جديدة واستهداف جماهير غير تقليدية، لا سيما في المناطق التي تشهد صعودًا اقتصاديًا.
* الدكتور طارق عبد الحميد مسلّم
دكتور متخصص في التسويق الرقمي
أستاذ مساعد في جامعة اربد الأهلية