عادة ما يستفيد الاقتصاد الاردني من الازمات في المنطقة من عدة جوانب لعل ابرزها تدفق المساعدات والسياح وزيادة التحويلات والاستثمارات, لكن اللافت للنظر في المرحلة الحالية ان المؤشرات الاقتصادية السلبية تزداد مما يدلل على فقدان الحكومة بوصلة قراءة المشهد والاستفادة من الفرص.
صحيح ان هناك ازمة اسعار طاقة تسببت في ارتفاع عجز الموازنة العامة لكن كان بامكان الحكومة ان تعوض الفرق وتحسن من النشاط الاقتصادي لو انها عملت جيدا على ذلك, فالقطاع السياحي الذي تعول الحكومة عليه كثيرا في نمو غير مسبوق بسبب الفرصة المواتية لاستقدام السياح العرب وقطف جزء مهم من كعكة السياحة في دول الجوار حيث عدم الاستقرار هناك, المصيبة ان الدخل السياحي تراجع الشهر الماضي 30 بالمئة و10.6 بالمئة في الشهور الخمسة الماضية, وهو امر عكس التوقعات الحكومية التي تتطلع الى نمو سياحي بنسبة 10 بالمئة على الاقل.
يفترض ان تدق الحكومة جرس الانذار, وان تتأكد من ان هناك اداة تنفيذية رسمية للقطاع السياحي في غيبوبة تامة عما يحدث في المنطقة, وانها بسبب ادارتها الركيكة للقطاع خسرت الاردن ما كان بالامكان تعويضه عن ارتفاعات العجوزات المالية.
الامر الاخر المقلق هو التراجع الحاد في مؤشرات نقدية لا تقل خطورة عن هبوط الدخل السياحي, وهو انخفاض حوالات المغتربين الشهر الماضي بنسبة 4.7 بالمئة, واذا ما اضفنا التراجع الكبير في التدفقات الاستثمارية والبالغة نسبته 35 بالمئة, فاننا ندرك ان منابع العملات الصعبة آخذة في اتجاه سلبي ستكون له عواقب وخيمة اذا لم يتم تداركه ووقف النزيف الاقتصادي.
واللافت للانتباه ان التسهيلات المصرفية تراجعت هي الاخرى بمقدار 1.2 مليار دينار حتى نهاية الشهر الماضي, وليتذكر الجميع ان الاحتياطات من العملة الصعبة والودائع هي الاخرى في تراجع نسبي.
الوضع الاقتصادي صعب للغاية, و المقلق اكثر من حالة عدم اليقين في الاقتصاد الوطني هو حالة التراخي الحكومي تجاه معالجة هذه القضايا الملحة لا بل ان هناك من يروج ان الامور تسير بالاتجاه السليم, في اشارة ومدلول على ان الفريق الوزاري خاصة الاقتصادي منه بات في غيبوبة تامة ولا يدرك ما يدور حوله.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)