facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ليس للبيع او المبادلة


د. صبري ربيحات
30-01-2025 10:13 AM

من عاش منا في ستينيات القرن الماضي يتذكر أكياس الطحين التي كان الامريكيون يرسلونها لنا كجزء من برنامج المساعدات الخارجية.

أكياس القماش البيضاء التي طبع عليها شعار المساعدات الخارجية ويدان تتصافحان تحت صورة العلم الامريكي المطوي على هيئة درع كانت ممهورة بعبارة " ليس للبيع او المبادلة " .تليها " هدية من شعب الولايات المتحدة الأمريكية " .

كنا نفرح بهذا الطحين ناصع البياض ونتخيل ونحن نتسلم نصيبنا منه اننا ناكل مما يأكله الخواجات وقد نصبح ناصعو البياض اذا ما استمرينا على تناول هذا الخبز . كان البعض من اهلنا فرحين باكياس الطحين والعلامات والشعارات المرسومة والمطبوعة على خريطته البيضاء .فقد وجدت امهاتنا فيها مادة مناسبة لاعادة استخدامها كسراويل داخلية للأبناء الذكور .

من سوء حظ الابناء و لبساطة الامهات اللواتي استعجلن في حياكة السراويل كانت تظهر إشارة المصافحة على الجزء الخلفي من السروال وغالبا ما تتقاطع أيادي المتصافحين عند المنتصف .

ولأننا فقراء وبسطاء ويصر اساتذتنا على ان نخرج لحصة الرياضة بلباس رياضي ظن البعض منا ان السروال المزين بهذه العبارات لباسا مناسبا للمشاركة في النشاط دون ادراك ان جميع من في الساحة سيدققون في ما كتب على سراويلنا من الخلف .

حقيقة الامر ان الحرج كان كبيرا لكل واحد منا اضطر الى حياكة سروالة من مخلفات المساعدات وقد علقت في اذهاننا واذهان جيلنا ان علينا ان لا نلفت نظر الزملاء الى ما قد يظهر على القماش الذي اعادت امهاتنا تدويره من اجل التخفيف من نفقات لا يقوى دخل اسرنا على تغطيتها .

لقد كان القمح الامريكي او الطحين الذي يأتينا بهذه الأكياس البيضاء الأنيقة طحينا ابيضا خاليا من النخالة . كانت امي تسميه "بطحين الصدقة " وتكرمنا من وقت لاخر بإضافة جزء منه الى طحيننا البلدي المائل للون البني والخشن بسبب رداءة الطحن ..

في قريتنا كان البعض ييستخدم طحين المساعدات لإعداد خبز يمكن ان نضع قطعة منه أمامنا ليحل محل "الغموس" الطاجن او الطبيخ الذي يساعدنا على تناول مستحقاتنا من الخبز " .

كانت والدتي واحدة من اوائل نساء القرية اللواتي اكتشفن جاذبية العوامة والزلأبيا المصنوعة من خبز المساعدات الامريكية " الصدقة " .

منذ ايام ومع اعلان البيت الأبيض اتخاذه لقرار تجميد المساعدات لمدة تسعين يوما قفز الى ذهني علاقتي الطويلة بالمساعدات وكل السراويل التي حيكت لنا من الأكياس التي حملت لنا القمح والطحين وتذكرت اصرارهم على انها ليس للبيع او المبادلة .

ما اشغل ذهني وأثار دهشتي كيف استمرت هذه المساعدات بالرغم من دخول القمح الكندي والاوكراني والجورجي والروسي وكيف اصبح الامريكان يطلبون منا البيع او المبادلة بعدما كانوا يصرون علينا ان لا نبيع ولا نبادل الطحين الذي يرسلوه لنا .

المشكلة لدى اصدقاءنا الامريكان انهم لا يعرفون الكثير عنا ولا يعرفون القيمة التي عبر عنها الشاعر عبيدة بن ربيعة التميمي وهو يتحدث عن رأس خيل وليس عن أرض ووطن ... " أبيت اللعن ان سكاب علق ...نفيس لا تهان ولا تباع معززة مكرمة علينا ...يجوع لها العيال ولا تجاع"..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :