هل البخيت 2011 مختلف عن البخيت 2005؟
د.خليل ابوسليم
16-06-2011 02:55 AM
منذ أن أُسقطت حكومة الرفاعي الإبن، وأنا أتابع ما يجري من أحداث وتطورات داخل الوطن وخارجه، ولأسباب خاصة جداً اتخذت قرارا بالتوقف المؤقت عن النشر والإكتفاء بتحليل ما يجري من أحداث على الساحة الأردنية منتظراً المزيد من القرارات العرجاء.
فمنذ تسلم دولة الرئيس مقاليد الولاية العامة قبل أربعة شهور ونحن نتابع بقلق كبير ما يدور على أرض الوطن من إخفاقات في شتى المجالات، ولا أخفي سرا إن قلت أنني لم أكن متفائلا بعودة الرجل إلى الموقع، الذي انطلقت منه كل مآسي الاردنيين، وعدم تفاؤلي مرده أن الرجل سجل فشلا ذريعا في حكومته الأولى من خلال ملف الكازينو الشهير والانتخابات النيابية المزورة.
في بداية حقبة البخيت الثانية نشرت مقالا من على هذا المنبر بعنوان " من أبناء الحراثين إلى الرئيس المكلف" طالبته فيه باتخاذ بعض الخطوات تكفيراً عن أخطائه السابقة، وتنفيس الإحتقان الذي أوجدته الحكومة السابقة أم " SEL 111"، ومن ضمن هذه الخطوات هو البدء الجاد في مكافحة آفة الفساد التي عصفت بالوطن وجعلته في مهب الريح.
اليوم وبعد مرور أربعة أشهر، لم نرى أي إنجاز يذكر لهذه الحكومة، اللهم باستثناء تثبيت أسعار المشتقات النفطية خشية من انفجار الشارع في وجه الحكومة في ظل الأوضاع المتردية، في مقابل رفع أسعار معظم السلع والخدمات من كهرباء وماء، والتي يبدو أنها تدر دخلا على الخزينة أكثر من النفط.
فهي لم تتخذ أي إجراء يخفف عن كاهل المواطن أعباء المعيشة، ولم تقدم أي شيء يذكر في سبيل تخفيف عجز الموازنة والنهوض باقتصاد البلد، باستثناء تشكيل لجنة الحوار الاقتصادي التي اجتمعت وتدارست وقررت وناقشت ورفعت توصياتها التي أصبحت حبيسة الأدراج، مع علمنا بأن تلك التوصيات والقرارات معروفة سلفا وليست بحاجة إلى تشكيل لجان وتضييع الأوقات، وان كانت تلك التوصيات لا ترقى إلى مستوى طموح المواطن وتحقيق آماله وتطلعاته.
أما في المجال السياسي، فهي بالكاد تخرج من لجنة حتى تدخل أخرى، بهدف كسب المزيد من الوقت لإطالة عمرها إلى أبعد مدى ممكن، فلجنة الحوار الوطني وبالرغم من المآخذ عليها -كما هو حال لجنة الحوار الاقتصادي- من حيث الدستورية في التشكيل أو من حيث الشخوص الداخلة فيها، فقد ذهبت توصياتها إلى لجنة أخرى لدراستها ومناقشتها من جديد، لنبقى ننتظر قانونا للإنتحاب وآخر للأحزاب يصب في مصلحة النخب الحاكمة.
أما في المجال الأمني، فلا أعتقد أنها سجلت انتصارات باهرة، باستثناء قدرتها الفائقة على تهريب المساجين وبالطرق القانونية، فخالد شاهين ما زال يتنسم الهواء الطلق في عاصمة الضباب، والحكومة ما زالت تدافع عن قانونية أو صوابية اجرائها، أما أصحاب السوابق فخرجوا من السجون بقانون عفو قدمته الحكومة لا يمكن وصفه إلا بأنه تآمر على أمن الوطن والمواطن.
أما مكمن التآمر في هذا القانون، في أنه جاء بعد خروج شاهين من السجن، ومن باب سد الذرائع، هذا أولا، أما الأمر الثاني فقد دفعت الحكومة من خلال هذا القانون بالمزيد من البلطجية وأصحاب السوابق إلى الشوارع ليعيثوا فيها فسادا كما عاثوا أول مرة، وبالتالي تحميل الأجهزة الأمنية المثقلة أكثر مما تحتمل، مثلما هو تحميل للخزينة لتكالبف إضافية نظير إعادة جلب المطلوبين منهم بعد ارتكابهم لجرائم جديدة، أما الأمر الثالث فهو حرمان الخزينة من أموال هي حق لها، جراء إعفاء مخالفات السير بمبالغ وصلت إلى 36 مليون دينار، مثلما تم إعفاء غرامات مخالفات الإقامة للخادمات والعمال بمبالغ وصلت إلى 12 مليون دينار، حيث المستفيد الأكبر منها هم أصحاب الجيوب المتخمة، ناهيك عن عدم دستورية هذا القانون، ولن أتطرق هنا إلى إخفاق القيادات الأمنية في التعاطي مع بعض الإحتجاجات هنا وهناك.
أما على صعيد مكافحة الفساد، فنحن ما زلنا نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، فملف الكازينو- وما أدراك ما الكازينو- بات بين يدي النواب بعد مراثون من السعي بين المجلس الموقر وهيئة مكافحة الفساد، مثلما هو الآن ملف سكن كريم والذي حط رحاله أيضا في أدراج المجلس، وأعتقد جازما أن هذين الملفين بالذات لن يريا النور مجدداً، وإن تم ذلك فستكون البراءة من نصيب فرسان ذينك الملفين، حينها سيطلق البارود في سماء الوطن إبتهاجا بتلك البراءة، أما لماذا البراءة؟ فلأن المجلس الكريم لا يوجد سابقة بحقه تؤكد وقوفه ضد كل فاسد- وإن وجدت فهي مجرد سفاسف أمام ملفات أكثر تعقيدا- على العكس من ذلك فقد حصلت كل تلك الملفات وغيرها والمجالس النيابية منعقدة ولم تحرك ساكنا تجاهها، وأصبحت مهمة مكافحة الفساد مناطة بالمواطنين شريطة تقديم الدليل على أعمال الفساد، وإلا تعرضوا للمحاكمة بتهمة اغتيال الشخصية، وما أكثر الشخصيات التي سيتم اغتيالها هلى اعتبار أن كل الفاسدين كانوا يعملون لصالح الوطن.
من خلال هذا الإستعراض السريع، نجد أن الرئيس كلما حاول الهروب من تحت الدلف وقع تحت المزراب في إصرار عجيب على الغرق بدلا من الإكتفاء بالبلل، ليبقى السؤال المطروح، هل البخيت 2011 مختلف عن البخيت 2005؟ أترك الإجابة للمواطن الكريم، وللحديث بقية.