facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وعد بلفور2 والنموذج الثقافي الأردني


أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
27-01-2025 12:09 PM

تصريحات ترامب برأيي هي عنوان و بمثابة وعد بلفور جديد لتطبيق مشروع قديم حديث قوامه المبرر القديم انه كما ان فلسطين ارض بلا شعب و بالتالي استيطان اليهود مبرر فالاردن ارض بلا شعب و الفلسطينيين وطنهم و دولتهم هنالك. الاخطر في التوقيت هو غياب نموذج ثقافي اردني يؤكد ان هنالك شعب عربي اردني على ارض الاردن و هذه ليست مسألة سطحية تحل بأن يقول قائل اننا جميعا نعرف ان الاردن دولة و شعب قائم فهذا الخطاب الذاتي و لكن هنالك خطاب يوجه للدول و النخب المؤثرة في العالم. أذكر أنه قبل الحرب الروسية الاوكرانية كان هنالك ضخ اعلامي ان هنالك شك بوجود أمة أوكرانية لها خصوصية ثقافية او تاريخية و اذكر ان احد من طرح ذلك كان مستشارا المانيا سابقا (اتوقع شرودر). ما اقصده هنا ان لا وطن بديل بدون مبرر ثقافي و سيبدا الضخ الاعلامي بأن الاردن كانت ارض بلا شعب و يساعد غياب نموذج ثقافي اردني واضح المعالم فكما ذكرت في مقال سابق ان الدول تقوم على عاملي انتاج و ثقافة و ما يعطي الاحقية التاريخية هو العامل الثقافي. فالصراع بين اليهود و الفلسطينيين هو ثقافي في جذره اي من صاحب الحق التاريخي بالارض وفقا للمصادر و الاعلام و النخب الغربية و الصراع. مثلا الصراع بين روسيا و اوكرانيا هو ثقافي في جذره و مشروع الملالي هو ثقافي في جذره و عندما احتلت فرنسا الجزائر و ايطاليا ليبيا كان الطرح ثقافي في جذره و حاولت كلاهما تغيير الواقع الثقافي.

ما اطرحه هنا ان الحصانة الداخلية تبدأ بنموذج ثقافي اردني متكامل يمتد منذ اصل العروبة في شمال شرقي الاردن (حرة الشام) و المعركة التي خاضها الملك جندب ضد الملك الآشوري و تمر باول منطقة استيطان بشري في شرق المفرق (اول رغيف خبز اي اول عهد الزراعة) و يمر بعين غزال و التماثيل التي تمثل استقرارا و امن غذائي لان الفنون و الثقافة تبدأ بعد الاستقرار و الازدهار و يمر النموذج الثقافي الاردني باول تدجين للحيوانات في المصائد الحجرية في جنوب الاردن و هي مرحلة انتقال الانسان من صائد لاقط الى الرعي (بالتدجين) ثم الزراعة و يمر ايضا باول حضارة عربية في البتراء و التي كانت مرحلة كتابة العربية التي كانت لغة محكية و لكن تكتب بالصفائية شمال شرق الاردن و بالارامية و بالسريانية الى ان تشكل الحرف النبطي و يتدرج النموذج الثقافي ليصل الى نشأة الاردن الحديثة بقيادة الهاشميين الذين وحدوا العشائر الاردنية بشرعيتهم الدينية و التاريخية و النضالية التي ترتبط بالنبي المصطفى عليه السلام. في غياب مشروع ثقافي اردني و نخب ثقافية و سياسية و فكرية يخاطب العالم و يحاجج الفكر في الغرب باللغتين العربية و الانجليزية فإن الغرب و معه للاسف تيارين ديني و ليبرالي (تلتقي الاهداف بحسن او سوء نيه) سيبدا في التمهيد للوطن البديل تحت عناوين انسانية و قانونية و دينية تعمل على تهميش الهوية الثقافية الاردنية و التي تعتبر ضرورة لابراز الهوية الفلسطينية على الارض الفلسطينية لتواجة السعي لفرض الهوية اليهودية على الارض الفلسطينية (يهودية الدولة).

سابحر قليلا في موضوع النموذج الثقافي و مقوماته و الياته للايضاح.

ذكرت في مقال سابق ان الدول و المجتمعات تقوم على عاملي الثقافة (آلية التفكير) و الاقتصاد (الية الانتاج). ينغمس الافراد و المجتمع و بعض المسؤولين في القضايا السياسية و الصعوبات المعيشية و يتم تهميش النموذج الثقافي و الذي كان دوما اساس التغيير و التنمية و التطوير حيث ان الافكار عابرة للمكان و الزمان و تمتلك قوة ناعمة خفية فقد انتشرت و تطورت و أثرت الحضارات عبر افكارها و قيمها و ليس ادل على ذلك من الثقافة الغربية الحالية التي قامت على افكار الثورة الفرنسية و الثقافة العربية الاسلامية التي قامت على افكار الرسالة المحمدية.

النموذج الثقافي لاي مجتمع هو مجموعة قيم تحدد آلية العيش و السلوك بالتالي فهي تمس كل تفاصيل الحياة. و قوة النموذج من قوة اللغة (و ما ينبثق عنها من لهجات) و قوة الناقل (حاليا وسائل التواصل و القنوات الفضائية) خصوصا ان الناقل يستهدف الاطفال و المراهقين الذين لا يملكون حصانة تمحيص التدفق الثقافي و يستهدف الجماهير من خلال عقلها الباطن المحكوم بالعواطف.

من أجل نموذج ثقافي لا بد من الاتفاق اولا على القيم التي نريد زرعها في المجتمع ثم نحدد اليات و نواقل ايصالها خصوصا ان الجماهير اليوم تحت تأثير تيارات سياسية و دينية و قبلية و طائفية و غربية غير وسطية و برايي قليل منها من يقبل الاخر.

برايي ان القيم المنبثقة من موروثنا الاجتماعي و الديني و المتوافقة مع العصر هي القيم الوسطية القائمة على الحوار و قبول الآخر و نبذ العنف و التعصب و احترام ثقافة الآخر فردا او مجتمعاً و لكن هذه تحتاج حد أدنى من العدالة الاجتماعية و البعد عن التهميش.

برأيي أن القدوات هم حلقة الوصل التي تحدد النموذج الثقافي و بالتالي فإن تهميش المبدعين و المثقفين و المفكرين و اصحاب المحتوى البناء لصالح السطحية هو القاتل الصامت للنموذج الثقافي و الذي يفقد الفرد و المجتمع الثقة بالذات و الشعور بالقيمة الذاتية.

الفنون و وسائل التواصل الاجتماعي في العالم الثالث اخطر بكثير مما يظهر فهي الناقل الحقيقي للثقافة لغياب عادة القراءة و المطالعة. لذلك فإن الفنون و تطبيقات التواصل الاجتماعي ليست ترفيهية فقط و لكنها ادوات توعية او تجهيل، و ادوات تمتين للجبهة الداخلية او تفكيك و ليس ادل على ذلك من صراع اكبر قوتين في العالم الصين و امريكا على تطبيق التوكتوك لان كليهما تدرك اهمية التطبيقات في توجيه الراي العام و التأثير الشعبي في الاحداث و طغيان نموذج ثقافي على آخر.

نحن في منطقة تزخر بالصراعات الثقافية و التي تأخذ أشكالاً دينية و طائفية و وطنية و قومية و قبلية و لا يجوز ان تترك الساحة بدون نموذج ثقافي خاص بنا فالفيزياء لا تقبل الفراغ و الذي سيملأه نموذج آحر منافس يسيطر ببطء على عقول مجتمعنا مستغلا اي قضية او صعوبات العيش.

كون اللغة و اللهجة هي الحامل للنماذج فلا يجوز ان تقدم بطريقة استفزازية او منفرة او فيها جلد الذات و التنمر و هذا ألاحظها في كثير من الفيديوهات للأسف فالعربية الفصحى هي لغة كتابة و لغة رسمية و لكن اللهجات تمثل خصوصية و جزء من مظاهر هوية كل مجتمع عربي و لا تتعارض مع الفصحى.

كما لا يجوز تقديم العادات و التقاليد العربية بطريقة منفرة بل نعزز منها النبيل و نرفض منها المؤذي.

لذلك الخص و اقول ان انشاء نموذج ثقافي اردني هو ضرورة و هذا النموذج ان يأخذ بالاعتبار القيم المشتركة و الحوار و قبول الاخر و سعة المدارك و عدم الإقصاء و نبذ العنف و من ثم توضع الاليات و الادوات لايصاله للافراد من خلال وسائل التواصل بالدرجة الاولى بطريقة سلسة (سكتشات، افلام قصيرة، صناع محتوى، دعايات، حوارات مع القدوات..الخ) ثم نعيد التقييم كل فترة زمنية للتعديل و اؤكد مرة اخرى ان ما يجمعنا في اي مجتمع مئات اضعاف ما يفرق و لكن دعاة التفريق اصواتهم عالية و برامجهم منظمة.

دمتم بود..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :