بعد سنوات من النزاع المستمر بين الفصائل الفلسطينية والإسرائيليين، شهدت المنطقة بعض الانفراجات بفضل اتفاقات مؤقتة بين الأطراف المعنية. ولكن السؤال المطروح اليوم هو: ماذا بعد هذا الاتفاق؟ هل سيتحقق الهدوء الدائم والعدالة أم ستظل غزة في حالة من الاضطراب؟
تواجه غزة تحديات ضخمة في إعادة بناء بنيتها التحتية، التي دمرتها سنوات من الحروب. وعلى الرغم من الاتفاقات السياسية، لا تزال هناك عراقيل كبيرة تتعلق بالحصار المفروض على القطاع من قبل إسرائيل ، والذي يعوق الحركة التجارية والإنسانية. هذا الحصار يعكس التوترات المستمرة حول مسائل مثل فتح المعابر وحرية التنقل، وهي مسائل لم تُحل بشكل كامل حتى الآن.
وتظل المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" واحدة من أكبر القضايا التي لم تجد لها حلاً دائمًا. رغم بعض المحاولات السابقة للاتفاق على حكومة وحدة وطنية، إلا أن الانقسامات السياسية بين الضفتين لا تزال عميقة. إذ أن هناك تبايناً في الرؤى حول كيفية إدارة السلطة الفلسطينية وعلاقتها بالجانب الإسرائيلي، وهو ما يعقد أي محاولة للوصول إلى تسوية شاملة.
وتعتبر الأطراف الإقليمية والدولية عنصرًا محوريًا في مستقبل غزة. فالدور المصري والقطري، بالإضافة إلى الوساطات الدولية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تشكل عوامل ضغط هامة على الأطراف المختلفة في النزاع. لكن، في نفس الوقت، يتضح أن بعض القوى الإقليمية قد تستخدم القضية الفلسطينية كأداة لتحقيق مصالحها السياسية الخاصة.
إذا كان هناك أمل في إحداث تغيير حقيقي في غزة، فإنه يمر من خلال حل سياسي شامل يتضمن جميع الأطراف المعنية. إن مجرد التوصل إلى اتفاقيات مؤقتة قد يوفر تهدئة مؤقتة، لكن دون معالجة القضايا الجوهرية مثل حق العودة، والمصالحة الوطنية، وإنهاء الحصار، سيظل الوضع في غزة هشًا. غزة بحاجة إلى رؤية استراتيجية ترتكز على العدالة، وحقوق الإنسان، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
في الختام، فإن غزة بعد الاتفاقات بحاجة إلى حوار شامل وجهود مشتركة من جميع الأطراف المعنية للوصول إلى حلول مستدامة. فقط عبر الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية، وتخفيف الأعباء الاقتصادية والمعيشية، يمكن أن تتحقق آفاق السلام والاستقرار في المنطقة.