تنمية السياحة وحس المسؤولية
محمد ابوسماقة
16-08-2007 03:00 AM
في لبنان تجربة سياحية فريدة ربما لا تتوفر ميزاتها في أي بلد عربي أخر وهي تجربة لا تتعلق بمستوى الخدمات واو تنوعها او في طبيعة المنتج السياحي والأثري أو في طبيعة الأسعار فهذه خصائص للمنتج والسوق السياحي تختلف نسبيا من بلد إلى بلد أخر ولكن التجربة المتميزة في لبنان تتضمن الروح التي يتحلى بها المواطن هناك من حيث إتقانه بشكل فطري عفوي أصيل لمفاهيم الترحاب والضيافة وهما أساس صناعة السياحة قبل كل شيء.فالمواطن اللبناني يقدم لك بلده بكل تنوعاتها وتضاريسها ومعالمها وشواطئها بأقل الكلمات بل بحروف قليلة تعبر عن وجدان مفعم بالحب الأخوي والصداقة والترحاب والضيافة مما يخلق حالة من الأريحية التي تنعكس فورا لدى الأخر وهي تجسد المشهد الحقيقي من تكوين الصورة السياحية في ذهنية السائح وتجسد مكنونات الصورة "السيمياسياحية " والتي نطلق عليها في علم السياحة محطة تكوين الرأي وتشكيل الموقف تجاه بلد ومنتج سياحي وأمكنة تزورها بقصد السياحة بل تشكل اللحظات الأولى التي تقرر درجات النفسية التي من الممكن أن يكون بها الإنسان أثناء إقامته في بلد المقصد السياحي .
وإذا كنت أتحدث عن تلك المشاهد والصور لتجربة سياحية في لبنان فانني استخلص وأتوصل إلى ما نردده جميعا وليس اكتشافا لي بان السياحة في لبنان صنعها المواطن اللبناني وان لبنان النموذج العربي الوحيد المتفرد في قصة حفاظ المواطن على دوره الريادي في بناء صناعة سياحية متميزة وتقديم تجربة نادرة في الضيافة الحقيقية التي يبحث عنها السائح العربي خصوصا وهو يغادر بلده الأم إلى بلد أخر بقصد السياحة وفي المفهوم السياحي يعني لنا ذلك أهمية العقلية السياحية وأهمية الذهنية التي يجب أن يكون عليها المواطن في البلدان التي تشكل مقاصد جذب سياحي للسياح والزوار فالمواطن هو عماد التنمية السياحية وهو الحارس الأقوى لمنجزات حضارته وثقافته .
في علم السياحة وفي التجربة والتي هي اكبر برهان وأعمق دليل نقرا ونكتب ونحاول أن نفهم انه في إطار التنمية السياحية المستدامة فان عوامل ديمومة واستمرارية النشاط السياحي في أي من المواقع والمناطق الأثرية أو السياحية ترتكز بشكل رئيس على عدة عوامل أهمها وجود مجتمع محلي يؤمن بأهمية السياحة ودورها الاقتصادي وانعكاساتها على مجمل نشاطات حياته لأنه ومن خلال هذه الرؤية والفهم تتولد لديه الفرصة والرغبة في المشاركة في النشاط السياحي ودعمه وحماية الانجازات السياحية التي تتحقق في محيط مجتمعه المحلي .
بصراحة نكتب حول تلك الأفكار والملاحظات ونحن نتطلع إلى دور المواطن في المجتمع المحلي وإسهاماته المعنوية في صناعة السياحة وأيضا نتطلع إلى القطاع الخاص والى دوره ومبادراته وإسهاماتها في دمج المواطن ضمن مسار التنمية السياحية وخلق الحوافز والمبادرات الطوعية لديه بان يكون العنصر الأهم في تسويق بلده وسياحته لا أن نبقى نعول عليه في إطار التنظير فقط .
فاذا كنا نريد من المواطن ان يكون شريكا معنا في التنمية السياحية ونحول سلوكيات الاطفال الذين يستقبلون سيارة غريبة في قريتهم بهواية رمي الحجارة عليها الى وجوه مبتسمة وبشوشة ان نمد يدنا الى المواطن ونمد اليد الى المجتمع المحلي ونؤسس معه شراكة تبادلية تعاضدية تهدف الى استثمار الميزات النسبية للموارد الأثرية والسياحية والتراثية الموجودة لديه فالشراكة تتعاظم فرص نموها وتتعزز العلاقة التكاملية بين الطرفين كفريق واحد فالقطاع الخاص لديه الأفكار ودراسات الجدوى والمبادرات ومصادر التمويل سواء كانت متوفرة او من خلال المنح والقروض والمجتمع المحلي لديه الأيدي العاملة والمنتجات المحلية سواء تراثية مكانية او منتجات غذائية أو حرف وصناعات وفي ضوء ذلك فان فرص نجاح الشراكة بين الطرفين هي الأساس لنمو سياحي قائم على وجود نشاط سياحي مستدام ويحقق أهدافه على المستوى المحلي انطلاقا وانتهاء بالمستوى الوطني فتنمية السياحة تتطلب حس المسؤولية .
htmag2@hotmail.com