أسرار المظهر والشكل للقادة وتأثيرها في القيادة
د. ثابت النابلسي
16-01-2025 08:42 PM
المظهر والشكل الخارجي للقادة ليس مجرد عامل ثانوي في نجاحهم، بل هو عنصر حاسم يلعب دوراً جوهرياً في بناء الصورة الذهنية عنهم، سواء في القطاع العام أو الخاص ، فالتأثير البصري للمظهر يعكس قوة القائد وشخصيته قبل أن ينطق بكلمة.
تشير العديد من الدراسات إلى أن الانطباعات الأولى تُبنى خلال ثوانٍ معدودة، ويشكل المظهر الخارجي جزءاً كبيراً منها.
ومن النظريات المرتبطة بالمظهر القيادي حيث تدعم نظرية “التأطير الإدراكي” (Cognitive Framing) فكرة أن المظهر الخارجي يساهم في تشكيل التصورات المسبقة عن القادة ، فعندما يظهر القائد بمظهر مهندم واحترافي، فإنه يرسل رسالة ضمنية عن الكفاءة والثقة بالنفس.
كذلك نظرية “التواصل غير اللفظي” (Nonverbal Communication) فإنها تشير أيضاً إلى أن اللباس والإيماءات تعزز من فاعلية الرسائل القيادية، حيث يتلقى الناس الرسائل البصرية بسرعة ويدمجونها مع ما يسمعونه ليكوّنوا صورة شاملة عن القائد.
أهمية المظهر للقائد في القطاع العام، حيث يُعد المظهر الرسمي جزءاً من هوية المؤسسات الحكومية ، وعلى سبيل المثال، نجد أن القادة السياسيين، مثل رؤساء الدول، يحرصون على ارتداء الأزياء الرسمية في المناسبات الرسمية لتعزيز الصورة الذهنية للسلطة والهيبة.
منهم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما كان يُعرف بأناقته وبساطته في اختيار ملابسه، ما عزز صورته كقائد عصري ومتصل بالشعب.
في السياق العربي، يعد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مثالاً على القائد الذي يوظف مظهره بذكاء ، وذلك من خلال ارتداء الزي الوطني الإماراتي في المناسبات الرسمية، حيث يعكس الهوية الوطنية والانتماء، بينما يظهر بالزي الرياضي في الفعاليات غير الرسمية، مما يعزز صورته كقائد ديناميكي قريب من الشعب.
وفيما يخص تأثير المظهر في القطاع الخاص، يلعب المظهر دوراً كبيراً في تعزيز الثقة والمصداقية ، وعلى سبيل المثال، يحرص كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى مثل “آبل” و”أمازون” على اختيار أزياء تعكس الاحترافية والابتكار. ستيف جوبز، المدير التنفيذي السابق لشركة “آبل”، كان يعتمد أسلوباً بسيطاً وثابتاً في ملابسه (السترة السوداء والبنطال الجينز)، ما عزز من هويته كقائد مبتكر ومتواضع.
ومن واقع التجارب الفعلية وأثرها فإنها تُظهر تجارب القادة حيث أن المظهر لا يعزز فقط الثقة بالنفس، بل يرفع من مستوى الأداء والإنتاجية.
ونشير هنا لدراسة نُشرت في مجلة “علم النفس التطبيقي” (Journal of Applied Psychology) وجدت أن الموظفين الذين يرون قادتهم يظهرون بمظهر احترافي يكونون أكثر التزاماً وثقة بقدراتهم وهذه النتائج تنطبق بشكل خاص على المؤسسات التي تعتمد على القيادة الاستراتيجية والتواصل المستمر مع الجمهور.
نعم المظهر كأداة للتواصل والتأثير في النهاية، إذ يُعتبر المظهر الخارجي أداة قوية للتواصل الفعّال.
إنه يساهم في تعزيز صورة القائد ويساعد في تحقيق الانسجام بين الرسائل اللفظية وغير اللفظية ، فالقائد الذي يعتني بمظهره يرسل رسالة قوية عن احترافيته واهتمامه بالتفاصيل، مما ينعكس إيجابياً على قدرته في التأثير على الآخرين وتحقيق الأهداف المشتركة.
لذلك، يجب على القادة في جميع القطاعات الاهتمام بمظهرهم الخارجي كجزء أساسي من استراتيجيات القيادة والتأثير وهذا الاهتمام لا يعكس فقط الكفاءة الشخصية، بل يُعدّ عنصراً حاسماً في بناء الثقة والاحترام بين القائد ومن يتبعه.
ودمتم قادةً مؤثرين.