الشرفات يكتب: غزَّة بين نرجسيِّة "الحيَّة" وصَلف الاحتلال
د.طلال طلب الشرفات
16-01-2025 04:16 PM
بعد ماراثون طويل من القتل، والتَّدمير، والإبادة لشعب أعزل لا يملكُ سوى الكثير من إرادة المقاومة من أجل كنس الاحتلال وتقرير المصير؛ أقولُ بعد هذه الحرب الممنهجة المُترعة بالدِّم، والدَّمار، والمُعاناة لأهلنا هناك؛ يأتي اتفاق صفقة التَّبادل كمقدمة لوقف إطلاق النَّار، وإنهاء الحرب؛ ليلتقط الشَّعب الفلسطيني أنفاسه، ويُلملِم جراحه التي تجاوزت حدود الوصف، والتي وقعت بين مطرقة الصَّلف الصهيوني والغطرسة المقيتة، وسندان الاجتهاد "المُتسرّع" والرؤى "المُبعثرة".
"الحيّة" مُناضل "الفنادق" ليس كالسِّنوار الذي قضى شهيداً بين الأنقاض، رغم أنَّ الأول سُجن واستُشهد عدد من أفراد عائلته؛ "الحيّة" كان عليه أن لا يبخس النَّاس أشياْهم، وأن يُغادر مساحات الغضب إلى دواعي الشكر والامتنان لكل مُغيث لشعبنا في غزة رغم أن أداء الواجب الأخوي والقومي والإنساني لا يستوجب شكراً؛ أما وقد فعل ذلك لغيرنا بما لم يفعلوا ما فعلنا، فقد كان عليه ان يُجافي مشاعر النُّكران التي يبدو أنَّها مُترسِّخة في وجدانة، وقد وجب ذكر "خبز الشَّعير المأكول والمذّموم".
ألزمنا "الحيّة" بالردِّ رغم أن سجايانا الأردنية العفيفة تأبى علينا التَّذكير بما قمنا به من أداءٍ لواجبنا، ولكن الإمعان في التَّجاهل، والإسفاف في النُّكران توجب علينا تذكيره بمواقف الأردن الرَّاسخة بتقديم أقصى ما يمكن تقديمه من إسناد سياسي كبير في المحافل الدَّولية، ومجلس الأمن، والجمعيّة العامّة للأمم المتَّحدة، ومحكمة العدل الدولية، واستثمار مصداقية الأردن الدولية بأقصى طاقتها لوقف ذلك العدوان الغاشم، وحرب الإبادة على شعبنا في غزة.
عندما يقف سيّد بني هاشم بنفسه في أحلك الظروف وأخطرها على بوابة الطائرة ليلقي المساعدات على شعب غزة المحاصر المقهور فهذا لا يُنكره إلَّا شذّاذ الآفاق، وروّاد الخطأ والخطيئة في المواقف الإنسانيّة والسياسية، وعندما لم يترك الأردن سبيلاً من أجل إغاثة غزة وأهلها إلَّا وفعلها بكل إيثار ونبل، ومروءة وشرف؛ ينهض معها تذكير النَّاكرين بأنَّ الأردن لم يُقصّر في واجبه تجاه الأشقاء.
تجاهُل الإشارة إلى مواقف الأردن وقيادته في حديث "الحيّة" مقصود بذاته وتوقيته، وإمعان في خدمة المشروع الصهيوني في استهداف الأردن، وصلابة موقفه بأداوات من المقاومة ذاتها، وفي مقدمتها إمعان "الحيّة" ونرجسيته المُدانة في تجاهُل الموقف الأردني الشَّريف الذي جاب أطراف الدنيا؛ لوقف تلك الحرب الوحشيّة، وتذكير لكل القوى السِّياسية وفئات شعبنا الأردني الأصيل بضرورة الاعتماد على الذات في حماية وطننا من الاستهداف الممنهج من الأعداء وبعض الأصدقاء؛ ليبقى الوطن عصيّاً على النيل منه، ومن هويته، ورسالته المقدّسة.
موقف الحركة الإسلامية في بيانها الصادر اليوم يستحق الإشادة والتقدير، وفيه إجابة تُحترم على تصريحات "الحيّة" وتذكير بموقف الأردن، وقيادته، وشعبه في إسناد الأشقاء في معركتهم البطولية، وصبرهم الشَّامخ، وثباتهم الذي لا يلين، وبورك أبناء الوطن الذين لا يقبلون لوطنهم النُّكران والاستهداف والتَّجاهل؛ فهذا هو الأردن الذي يُدار دوماً بالحبِّ ونُبل القيادة، وعاش الأردن وطن العروبة والمواقف الشَّامخة.