المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل رؤية ملكية عميقة
د. ميسون تليلان السليم
16-01-2025 12:50 AM
في ظل عالم يتسارع فيه التغيير بفعل الابتكارات التكنولوجية، تأتي رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني لتشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل كخطوة استراتيجية تهدف إلى وضع الأردن على خريطة الدول الرائدة في الابتكار الرقمي. تكليف جلالة الملك لرئيس الوزراء جعفر حسان برئاسة هذا المجلس، مع متابعة مستمرة من سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، يعكس التزام القيادة الهاشمية العميق بتحويل التكنولوجيا إلى قوة دافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذه المبادرة ليست مجرد استجابة للتحديات الراهنة، بل إعلان قوي عن دخول الأردن عصر التحول الرقمي بكل ثقة وطموح.
انطلاقًا من الرؤية الراسخة لجلالة الملك ورغبته الأكيدة في أن تصبح المملكة نموذجاً رائداً يتمتع باقتصاد رقمي ومجتمع رقمي مزدهر، جاء التوجه نحو تنفيذ مشاريع نوعية تواكب التطورات التكنولوجية المتسارعة. وقد أكد جلالته مرارًا أهمية تعزيز القدرات الرقمية المتقدمة للكوادر البشرية ووضع خارطة طريق واضحة ذات مؤشرات قابلة للقياس، لضمان تحقيق تقدم فعلي ومستدام في هذا المجال، بما يعزز مكانة الأردن كواجهة للابتكار والتكنولوجيا.
المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل يمثل منصة وطنية حيوية تُوجه جهودها نحو استحداث الحلول التكنولوجية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى، وعلى رأسها مشكلة البطالة. يمكن لهذا المجلس أن يُسهم في خلق فرص عمل جديدة وغير تقليدية من خلال دمج التكنولوجيا مع مختلف القطاعات. فمن خلال تكامل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والطاقة المتجددة مع قطاعات مثل التعليم، الزراعة، والصناعة، يمكن خلق فرص عمل تحاكي التطور التكنولوجي، مما يعيد تشكيل سوق العمل ويضع الشباب الأردني في صلب التحول الرقمي.
تحت رئاسة دولة جعفر حسان، ذو الخبرة الإدارية الواسعة والرؤية التنموية العميقة، ومع دعم سمو ولي العهد الأمير الحسين الذي يمثل رمزية الشباب الأردني الطموح، سيتمكن المجلس من تنفيذ استراتيجيات فعّالة تركز على التعليم التقني وريادة الأعمال. تدريب الشباب على البرمجة، تحليل البيانات، وتطوير التطبيقات سيكون أحد الأسس التي سيعتمد عليها المجلس في تأهيل الكوادر البشرية التي تحتاجها السوق المستقبلية. هذه المبادرات ستساعد في إحداث نقلة نوعية في تعليم الشباب، وتمكينهم من دخول أسواق العمل العالمية والمحلية على حد سواء.
من قراءتي للرؤية الملكية والتوجيهات المتعلقة بتعزيز الاقتصاد الرقمي والابتكار التكنولوجي، أتوقع أن يتجه المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل إلى إطلاق مبادرات طموحة، مثل إنشاء منصات تدريبية رقمية بالتعاون مع مؤسسات تعليمية عالمية، مما يتيح الفرصة للشباب الأردني، سواء في المدن أو المناطق الريفية، لتطوير مهاراتهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل التكنولوجي المتسارع.
كما أتوقع أن يحظى دعم ريادة الأعمال باهتمام خاص من خلال تحفيز الشباب على تأسيس شركات ناشئة تقدم حلولًا مبتكرة لتحديات المجتمع. يمكن للمجلس إنشاء حاضنات ومسرعات أعمال لتقديم الدعم الفني والمالي للشركات الناشئة، مع التركيز على مشاريع التكنولوجيا الخضراء، مثل حلول الطاقة المتجددة أو تطبيقات الزراعة الذكية، التي تساهم في إدارة الموارد المائية والحد من الهدر.
وفيما يتعلق بقطاع السياحة، الذي يعد أحد دعائم الاقتصاد الأردني، يمكن لتكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز أن تفتح آفاقًا جديدة. على سبيل المثال، يمكن إطلاق تطبيقات للسياحة الافتراضية تتيح للمستخدمين استكشاف المواقع الأثرية الأردنية عن بُعد باستخدام تقنيات الواقع المعزز، مما يساهم في الترويج للأردن عالميًا ويوفر فرص عمل جديدة في مجال التطوير التكنولوجي في هذا القطاع.
التكامل بين الخبرة القيادية لدولة رئيس الوزراء جعفر حسان، والرؤية الشبابية الطموحة لسمو ولي العهد، والتوجيه الملكي الثاقب يجعل من هذا المجلس أداة محورية للتحول النوعي في الأردن. المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل ليس مجرد منصة لتنظيم التكنولوجيا، بل هو أداة لتغيير المجتمع على نحو شامل، من خلال استثمار التقنيات الحديثة في خدمة الشباب، وتطوير الاقتصاد الوطني.
من خلال تنفيذ مشاريع تكنولوجية نوعية تواكب التطورات العالمية، وبناء القدرات الرقمية للكوادر البشرية، ووضع خارطة طريق واضحة قابلة للقياس، يمكن للأردن أن يحقق نقلة نوعية نحو مستقبل رقمي مشرق. الأردن أمام فرصة ذهبية لتجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية باستخدام التكنولوجيا كأداة للتغيير والتحول. المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل يمثل الأمل الجديد، حيث يتحول الشباب من عاطلين عن العمل إلى رواد للتغيير، ويصبح الأردن نموذجًا يُحتذى به في العالم. كما قال جلالة الملك:
"المستقبل يُصنع اليوم، وبقيادة حكيمة وشراكة مجتمعية حقيقية، لن يكون هناك مستحيل".