اليوم بدأت إسرائيل" تنزل عن الشجرة مهزومة بعدما فشلت لأكثر من467 يوم حرب طاحنة جوية وبرية شنتها على قطاع غزة، وأدركت أن طائراتها ودباباتها لن تعيد لها أسراها باستخدام القوة العسكرية أو حتى بالقضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها في قطاع غزة كهدفين رئيسيين معلنين، وليس أمامها إلا طريق واحد هو خوض مفاوضات وصفقة تبادل أولية متكافئة، وهذا يعد انكسارًا واضحًا لإستراتيجيتها في حربها المعلنة ضد قطاع غزة.
انتفض العالم لمساعدة إسرائيل بعدما فشلت لأكثر من 467 يوم في حرب طاحنة ضد ابطال المقاومة الفلسطينية في غزة، كل يوم صمود يعيشه الشعب الفلسطيني المقاوم في غزة يعد تمزيق لصورة إسرائيل وأخفق في موقفها، ومعها الإدارة الأميركية، وكل يوم من 467 يوم يعطي فرصة أكبر للمقاومة الفلسطينية في غزة لتحقيق أهدافها في هذه الحرب.
467 يوماً من الصمود والمقاومة والبسالة في القتال أمام جيش محتل يجيد القتل ولا يجيد القتال، أدرك الاحتلال الإسرائيلي أنه في ورطة كبيرة حاول وبكل الخطط العسكرية المعروفة وغير المعرفة ان تحقق السيطرة على قطاع غزة وهزمت المقاومة لكنها فشلت ودفعت ثمنا كبير جدا وفهم العالم المنحاز لاسراييل أن حركة حماس والمقاومة الفلسطينية التي خططت لعملية طوفان الأقصى وأعدّت نفسها لمعركة طويلة استطاعت إرباك حسابات إسرائيل السياسية، والاستخباراتية والعسكرية وإخضاعها لشروطها ومطالبها وأجبرت اسرئيل الدخول في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى وفتح المعابر وإدخال الوقود والمساعدات الإنسانية الأخرى ، وفهم العالم انه لا يمكن ان تنهى المقاومة الفلسطينية لآنها فكرة وعقيدة دينية قادرة أن تنهض من تحت الرماد أقوى الف مرة مما كانت عليه قبل طوفان الاقصى.
نعم هنالك عوامل اخرى ضاغطة شكّلت مرتكزاً أساسياً وساعدت في الدفع لإنجاز صفقة تبادل كمرحلة أولى، تتمثل بالضغوط الكبيرة التي مارستها الجبهة الداخلية الإسرائيلية طيلة أيام الحرب، والتي كانت وما زالت تئن تحت وطأة أزمتين أمنية واقتصادية غير مسبوقتين، والحراك الشعبي الإسرائيلي الكبير، وتعالي أصوات أهالي الأسرى، وانعدام الثقة بحكومة نتنياهو، لا سيّما بحتمية عودة الأسرى أحياء من جراء مقتل عدد منهم خلال الغارات الجوية على قطاع غزة خلال الحرب، وتيقن عائلاتهم أن أولويات جيش الاحتلال ليست إنقاذ حياتهم، إنما شن حرب عسكرية انتقامية مدمرة ضد حركة حماس وفصائل المقاومة، والتحذيرات من قرب حدوث حالة من الانهيار الاقتصادي في إسرائيل في حال امتدت الحرب اكثر ، وبدء صدور العديد من التقديرات بعدم قدرة إسرائيل على الحسم وتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية بالقوة المفرطة التي استخدمتها طيلة أيام العدوان في قطاع غزة.
والعامل الآخر بداية توتر غير معلن بين إدارة ترامب القادم الجديد للبيت الابيض ونتنياهو لعدم نجاحه في إنجاز الأهداف المعلنة للحرب في ظل تصاعد الضغوط الدولية وإمعان إسرائيل في ابشع الصور واستهداف المدنيين وقتلهم، وارتفاع مؤشرات تهديد مصالح أميركا في المنطقة، خصوصاً في اليمن وباب المندب.
وشكّلت الضربات النوعية الموجعة من المقاومة الفلسطينية خلال المعركة البرية وإيقاع عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال الإسرائيلي عاملاً مهماً في الذهاب تجاه خيار صفقة تبادل الأسرى، إذ إن ما وثقته كاميرات إعلام كتائب "القسام" و"سرايا القدس" من عمليات كشف حقيقة وحجم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها "إسرائيل" في قطاع غزة، وهو ما وضع قادة الاحتلال الإسرائيلي في مأزق كبير جعلهم يعترفون بوجود معارك شرسة وضارية مع المقاومة الفلسطينية واعترفات قيادات الجيش الاسرائيلي بعجزهم عن حماية جنودهم في غزة.
وايضا الاحتجاجات الأميركية الداخلية ضد ادارة ترامب الجديدة ان استمرت حرب غزة، وحال التحول الكبير في المزاج العالمي تجاه الرواية الإسرائيلية، وزيادة التعاطف مع الفلسطينيين في قطاع غزة بعد نجاح الإعلام في نقل صور الإبادة الجماعية واستمرار المحرقة ضد أطفال غزة، سيأثر بشكل سلبي في مستقبل الرئيس الأميركي ترامب شخصياً ما لم توافق اسرائيل على الصقفة من جهة، وانهيار صورة إسرائيل" أمام العالم من جهة أخرى، ما جعل الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً على نتنياهو للجوء إلى الحلول السياسية والتسريع في إنجاز صفقة تبادل الأسرى رغم عنه وعن وزرائه المتطرفين.
ثمة عوامل أخرى تتمثل بالضغط الإعلامي الإسرائيلي الداخلي طيلة أيام الحرب، إذ لا تكد افتتاحيات الصحف الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر تخلو من الدعوات لضرورة إبرام صفقة تبادل الأسرى، ولم تبقَ وسيلة إعلامية إلاّ أيدت إبرام صفقة تبادل على الفور لإنقاذ حياة الأسرى من القصف الإسرائيلي.
هنالك عامل إضافي مهم يدل على انكسار الموقف الإسرائيلي، ويتمثل بفشل الحرب الاقتصادية المعلنة على قطاع غزة بعد سماحها مجبورة بإدخال الوقود والمساعدات خلافاً للمواقف المتشددة التي أبداها نتنياهو طوال ايام الحرب، وهذا يعد رضوخاً لشروط المقاومة.
ونجاح إبرام صفقة تبادل الأسرى هو خطوة مهمة تجبر العالم واسرائيل بتجاه اللجوء إلى الحل السياسي، وسيشكل مخرجاً لإدارة ترامب في إعادة النظر في موقفها المتشدد تجاه الحلول السياسية في قطاع غزة والضفة الغربية.
اعتقاد جازما ان إسرائيل اجبرتها المقاومة الفلسطينية على إبرام صفقة تبادل الأسرى، من خلال زيادة الضغط العسكري من حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية ميدانياً على جنود الاحتلال لغرض ان تقديم اسرائيل تنازلات وتوافق على شروط المقاومة بتفصيل وكلنا شاهدنا ضراوة القتال من ابطال المقاومة خلال الايام الماضية.
نجاح حماس بتحقيق صفقة تبادل الأسرى يأتي من منطلق قوة لا ضعف، وإنجازها يعد انتصاراً للمقاومة الفلسطينية ككل في قطاع غزة وكتائب الضفة الغربية