في لفتة كريمة وحوار مجبول بالأمل والألم و في محافظة الوجع الجنوبي المغرق بظلمة القهر كان اللقاء بين رئيس مجلس الأعيان وصحبه الكرام وأعيان المحافظة وفعالياتها الشعبية ، كانت لفتة كريمة ، وسعيا جديدا في نهج الحوار الوطني من قبل مجلس الأعيان ورئيسه المكرم دولة الأخ فيصل الفايز الأكرم ، وكانت الجلسة عاصفة بحب الحديث عن حجم الولاء والانتماء لهذا الوطن، والحب والحرص عل أمنه واستقراره ، وأنه لاخلاف بين موالاة ومعارضة مسؤولة على ثوابت الدولة الاردنية ووحدة صفها ، وانتظام نسيجها والالتفاف نحو الدولة قيادة وأرضا وشعبا .
الجميل في اللقاء هو فن الحوار وسعة الصدر من الضيوف والحضور معا على الرغم من مرارة الظروف، وتزاحم الأزمات ، وانسداد الأفق في قضايا كثيرة باتت تؤلم الأردنيين عامة والجنوبين خاصة لكنهم رغم ذلك صابرون يلتحفون فقر أبنائهم ، ويسهرون على فوانيس بدل ضوء الكهرباء الذي تنتجه أرضهم ، وقد أعجبني ذلك متمثلا ببيت الشعر :
كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول
أسعدني أن الضيوف الكرام استقبلوا الحديث الخارج من رحم المعاناة بكل صدر رحب، وأنهم ادركوا أن السيل قد بلغ الزبى، وأن من يتصدر المشهد يجب أن يجد الحلول الناجعة لمختلف القضايا التي أرهقتنا ، وأن كثيرا من القوانين يجب ان تعدل ، وأثلج صدري أنه لم يبدأ أحدهم حديثه إلا وذكَر الجميع أن لا يزايد عليهم احد في الوطنية فهم قد رضعوها صغارا وشابت منهم الذوائب فعلا وتضحية سواء في الولاء لقيادة هذا الوطن أو الذود عن حياضه في مختلف المحطات التاريخية.
كان في نفسي حديث طويل أحببت البوح به لكن النشامى لم يتركوا لنا بوحا وماقصروا لكني أردت أن أتحدث حول طبيعة الحوار الوطني، وأن مجلس الأعيان ومن يمثله هو سلطة تشريعية، وأنهم ليسوا في السلطة التنفيذية، كان بودي أن احدثهم أنهم ومجلس النواب وافقوا على كثير من مشاريع القوانين التي أرهقت الشعب، وبعضها أهلك الحرث والنسل ، وأن دورهم التشريعي يتجاوز مجاملة السلطة التنفيذية والتناغم معها في أشياء أرهقت الوطن وأضعفته
وأنهم مطالبون بالذود عن حياض الشعب ، وإيجاد الحلول الناجعة لكثير من المشكلات التي تعصف بواقعنا المعاصر .
بقي أن أقول : إن تصوري عن الحوار الوطني ليس بعرض معاناة المواطن على أهميتها وضرورتها وإنما هي في الحلول الكامنة في تمتين الجبهة الداخلية ، وخيارات الدولة الأردنية، ومشاريع القوانين ، ومفاهيم المواطنة ، والولاء والمعارضة ، والتجربة الحزبية ، وبرنامج الخصصة ، والاستثمار ، وتنمية الموارد ، وتوزيع المكتسبات وغيرها من القضايا الهامة التي يجب أن نؤسس لها بعيدا عن العاطفة والمديح والبهرجة بل في برامج وخطط واعية تحدد المقدمات والنتائج وتخضع للتقييم الممنهج .
حفظ الله الأردن قيادة وشعبا .