وفق التصريحات الرسمية الاخيرة للحكومة فان خطة هيكلة مؤسسات القطاع العام والرواتب فيه تعد افضل مشروع افلاطوني اصلاحي تشهده المملكة، كونها تحقق العدالة للغالبية العظمى من الموظفين و ضمن نوايا ها الحسنه التي تهدف الى تنظيم ومعالجة التشوهات والخلل الذي لحق بواقع الرواتب في الخدمة المدنية والقطاع العام.
وينبغي الاشارة هنا الى الضبابية التي احاطت الاعلان عن هذه الخطة قد احدث ارباكا بين صفوف الفئة المتضررة وتصعيدا ضد هذا القرار حتى قبل البدء بتنفيذه ، اضافة الى صيغة الهيكلة والتي بدت في اطارها المبدئي غير مكتملة النضوج ومستندة الى سياسة التعميم وعدم اخذ الخصوصيات لبعض هذه المؤسسات المستقلة على محمل الفهم وخاصة الهيئات المعنية بموارد مهمة للبلاد مثل الاتصالات واسواق راس المال والنقل وغيرها ، ناهيك عن موقف الحكومة المتزمت والرافض للحوار مع الفئات المتضررة ، وتصويرها للخطة على اعتبار انها مطلب وطني ملح لا يحتمل التاجيل . فهل ستحقق هذه الخطه حلم الشعب برفاه اقتصادي عال ومعدل بطالة اقل ومستوى متدني من الفقر وتخفيضا لعجز مالي متفاقم؟ هي اسئلة لا يوجد اجابة شافية لها.
كان لزاما على الحكومة ان تتوخى الدقة والموضوعيه قبل الاعلان عن هذه الخطة ومراعاه الاثار السلبية على الاقتصاد قبل ايرادها للفوائد المتحققة منها ، فالضرر الواقع لن يترتب على فئة قليلة من الموظفين فقط- كما ادعت- وانما ستمتد اثاره على قطاعات مهمة وحيوية منظمة من قبل هذه المؤسسات المستقله والتي انشئتها الحكومة بعينها ضمن سياستها العامة واستنادا للقوانين الناظمة لهذه المؤسسات، واستغرب ان تشمل مظلة الخطة بعض الهيئات التي لا تشكل عبئا على الحكومة ولا على ميزانيتها كالهيئة المنظمة لقطاع الاتصالات ومؤسسات اسواق راس المال .

فكلفة ادارة هيئة تنظيم الاتصالات على سبيل المثال والتي تشمل : الرواتب ونفقات التامين الصحي وكافة النفقات التشغيلية الأخرى يتم تغطيتها من خلال الرسوم السنوية التي تتقاضاها الهيئة من المرخص لهم (شركات الاتصالات)، ولا تتحمل خزينة الدولة أي أعباء مالية تترتب على ذلك بل على العكس من ذلك تعد من الوحدات الحكومية المستقلة الاكثر رفداً للخزينة، حيث حولت الهيئة للخزينة في العام 2009 ما مجموعه (8ر116) مليون دينار، وما مجموعه (2ر108) مليون دينار للعام 2010. فاين التشوهات التي اقترفتها ومن هو المستفيد من هذه الخطة ،
فاذا كانت مصادر تمويل هذه المؤسسات تحدث بعيدا عن ميزانية الحكومة فلم الاصرار على اعادة هيكلة رواتبها ، وما المنطق من وراء زعزعة الامن الوظيفي والمالي لموظفي هذه المؤسسات وعائلاتهم والحديث عنهم كثلة من المفسدين والمترهلين في جسم القطاع العام . خطة الحكومة تذكرني بالمثل المصري الذي يقول: ( اسمع كلامك يعجبني ،،،، اشوف افعالك استعجب)، والتعنت على تعميم تطبيقها مستغرب وغير منطقي خاصة في هذه المرحلة التي يمر بها الاقتصاد الاردني بظروف صعبة متمثله بمعدل بطالة وتضخم مرتفعين وعجز بالموازنة مرتبط باخطاء نجمت عن سوء سياسة ، فما الذي تسعى اليه الحكومة لمثل هذا التعميم؟ ومالذي يرضي غرورها ، وهل طموحها لمزيد من الرفض والاعتصامات .