الأردن أولاً أم أنا أولاً
كابتن اسامة شقمان
14-01-2025 01:04 PM
شعار "الأردن أولاً" انطلق برؤية تسعى لتعزيز الانتماء الوطني وتقديم مصلحة الوطن على كل مصلحة فردية هو دعوة صريحة للاحترام والتسامح وبناء مجتمع يضع الوطن في المقدمة ومع ذلك يبدو أن واقعنا اليوم يعكس صورة مغايرة حيث أضحى شعاراً غير معلن يهيمن وهو "أنا أولاً" هذه الأنانية تتجلى في شتى نواحي الحياة اليومية وتكشف عن خلل في التزامنا بقيمنا الوطنية.
القيادة في الأردن تعكس الوجه الحقيقي لشعار "أنا أولاً" بدلاً من الالتزام بالقواعد نجد الفوضى هي السائدة من تجاوز غير قانوني حيث يبدو أن الوصول الشخصي أهم من سلامة الجميع إلى التوقف العشوائي الذي يتم دون أي اعتبار لحركة المرور أو مصلحة الآخرين وصولاً إلى السلوك العدائي باستخدام الأضواء العالية والزمامير بشكل استفزازي إلى جانب اللغة المسيئة هذه الممارسات لا تعكس الانتماء للوطن بل تدل على افتقار واضح لاحترام الآخرين وتقديم المصلحة العامة.
في أماكن العمل يظهر الوجه الآخر للأنانية إذ تفتقد روح العمل الجماعي التي تعد أساس بناء أي مجتمع متقدم وبدلاً من التعاون لتحقيق الأهداف المشتركة نرى ثقافة المنافسة الأنانية تهيمن حيث يسعى الأفراد للحصول على الألقاب والامتيازات بأي وسيلة كما أن المحسوبيات تعيق تقدم الشباب الموهوبين وتحرمهم من الفرص مما يضعف الشعور بالعدالة والانتماء.
التعاملات اليومية بدورها تشهد غياباً واضحاً لقيم الاحترام والتسامح في الأسواق يظهر الاستغلال التجاري حيث يسعى الباعة لتحقيق الربح الشخصي على حساب التعامل العادل وفي المؤسسات الحكومية يطالب المواطنون بحقوقهم دون أن يلتزموا بدورهم في احترام النظام والقوانين.
الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لم تكن بمنأى عن هذا التوجه إذ أصبحت مرآة تعكس تفوق الأنانية والسعي للتفاخر حيث تملأ الصور الشخصية والاستعراضات الفردية منصات التواصل بينما تغيب النقاشات البناءة وتتحول إلى صراعات شخصية لا تقدم أي حلول بل تزيد من حالة الانقسام والتوتر.
إذا أردنا أن يصبح شعار "الأردن أولاً" حقيقة لا بد من اتخاذ خطوات عملية للحد من هذه الأنانية المفرطة وتحقيق الالتزام الوطني تبدأ هذه الخطوات بتعزيز التربية الأخلاقية من خلال إدخال مناهج تعليمية تركز على قيم الاحترام والتسامح والانتماء الحقيقي كما أن تطبيق القانون بحزم ودون استثناء ضرورة لضمان احترام النظام من الجميع إطلاق حملات توعوية شاملة تستهدف تغيير السلوكيات السلبية وتعزيز العمل الجماعي هو أيضاً أمر أساسي إلى جانب تشجيع المبادرات المجتمعية التي تضع مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية.
"الأردن أولاً" ليس مجرد كلمات نرددها بل هو التزام حقيقي يبدأ من السلوك الفردي والجماعي لا يمكننا بناء وطن قوي ما دمنا نضع أنفسنا في المقدمة يجب أن ندرك أن مصلحة الوطن تتحقق عندما نحترم الآخر ونلتزم بالقانون ونعمل معاً لصالح المجتمع بأسره الاختيار بين "الأردن أولاً" و"أنا أولاً" هو ما سيحدد مستقبلنا