قوانين فيسبوك الجديدة: فوضى تهدد القيم الإنسانية وتفتح أبواب الكراهية
ايهاب الدهيسات
14-01-2025 01:03 AM
في ظل التعديلات الأخيرة التي أقرها مارك زوكربيرغ على سياسات فيسبوك، يبدو أن المنصة أصبحت مرتعًا للكراهية والمحتوى المتطرف، هذه السياسات قد تدفعنا إلى رؤية مشاهد عبثية، كأن يُمنح وسام تقديري لصفحة أصدقاء السوق المركزي للخضار والفواكه عن "بطولات" "فيسبوكية" خلال الأزمات، أو يُحتفى بالسيرة الذاتية للموظف المفوض: من عرباية الذرة إلى صندوق الانتخاب، فقد اوكل زوكربيرغ مهمة مراقبة المحتوى للمجتمع ، ولم يعد هناك حماية من الكراهية.
لا ننسى أن داعش نفسها امتلكت صفحة على فيسبوك، نشرت عليها صورة الشهيد معاذ الكساسبة تحت عنوان: "اقترح طريقة لقتل الطيار". المأساة أن وسائل إعلام كبرى كصحيفة "القدس العربي" التقطت هذه المواد ونشرتها، مما أثار موجة من التعليقات البشعة التي تضمنت اقتراحات مروعة كالقتل حرقًا، وعلى الرغم من تقديم البلاغات لإدارة فيسبوك، إلا أن المنصة لم تحرك ساكنًا، ما يثير تساؤلات عن طبيعة الرقابة التي يعتمدها زوكربيرغ.
اليوم، ومع تصاعد الكراهية عالميًا، يعتمد مارك على "رأي المجتمع" لتحديد ما إذا كان المحتوى يحمل خطابًا يحض على الكراهية أم لا، تخيل أن يصبح بإمكان أي شخص نشر مواد تصف الأقليات والمهمشين بأقبح العبارات، أو تتناول النساء والرياضيين واللاجئين بلغة تمييزية جارحة.
الأمر يتجاوز ذلك إلى نشر نظريات المؤامرة والخرافات التي تعزز الجهل والخوف، ففي عام 2018، ادعى أحد أعضاء مجلس مدينة واشنطن أن عائلة مصرفية شهيرة تتحكم بالمناخ لخلق كوارث تخدم مصالحها، ومع غياب الرقابة على مثل هذه المزاعم، يتحول فيسبوك إلى أداة تضخّم الأكاذيب بدل محاربتها.
حتى الكوارث الطبيعية لم تسلم من التأويلات السطحية، فالحرائق التي ضربت لوس أنجلوس وحرائق كاليفورنيا وُصفت من قبل البعض بأنها "انتقام إلهي"، بينما الحقيقة أن آثارها الاقتصادية ستنعكس على المجتمع بأكمله، الذي لا يدرك أنه ما زال يدفع ثمن سياسات مالية كطباعة الدولارات زمن كورونا، وما تبعها من رفع أسعار الفوائد عالمياً ، وإذا ما كان هناك انتقاماً بهذه الحرائق سيكون المنتقم منه هو نحن بالقروض المتورطين بها.
في ظل هذه السياسات العبثية لشركة meta مالكة فيسبوك وانستغرام، نواجه خطرًا غير مسبوق يتمثل في السماح بالاحتفاء بجرائم العنف والتطرف، وإغراق المنصة بمحتويات تدعو لقتل الآخر، إنه واقع يهدد كل ما تبقى من إنسانية وعدالة، ويستدعي وقفة حاسمة لمواجهة هذا الانحدار.