facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قانون أردنة العمالة: بين الضرورة الوطنية والمسؤولية المجتمعية


النائب الدكتور شاهر شطناوي
13-01-2025 12:13 PM

بعد أن تناولت موضوع قانون أردنة العمالة في القطاع الخاص، وتقدمت بطلب تجاه الحكومة أثناء كلمتي في مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، انقسم المشهد بين مؤيد ومعارض، مؤيدٍ رحب بالفكرة كون هذا القانون قد يكون حلا ناجعا لمشكلة البطالة والفقر، ومعارض مستفيد من العمالة الأجنبية، إما لكون هذه العمالة تتمتع بقدرات مهارية أو جسدية خاصة، يتميز بها عن العامل الأردني.

وهذا ما دفعني إلى كتابة هذا المقال لمناقشة بعض التحديات التي تواجه هذا المشروع، فرغم الفوائد المتوقعة من سياسات أردنة العمالة، إلا أن هناك تحديات عديدة تقف عائقًا أمام التنفيذ الناجح، وللتغلب على هذه التحديات، يمكننا العمل على عدة حلول، ولا أفترض أن هذه الحلول ستأتي بنتائج آنية، إلا أنها تعد استراتيجية خمسية، يتم تنفيذها على مدار خمس سنوات كمرحلة أولى، وبعد ذلك يمكن تقييمها لنصل إلى نقطة نستطيع القول عندها أن الأردن قد تغلب على مشكلة البطالة والفقر خلال عشر سنوات بالحد الأقصى.

وعند النظر إلى واقع السوق الأردني واحتياجاته، يمكننا القول أن بداية الحلول تكمن في توفير برامج التدريب المهني، وهذا لا يجب تنفيذه إلا بعد إجراء دراسة شاملة للمهن التي يحتاجها السوق ويفتقر لوجودها، خصوصا تلك التي تشغلها عمالة أجنبية، فيجب أن تُطلق الحكومة برامج تدريب مهني متطورة تُركّز على تزويد العمالة المحلية بالمهارات المطلوبة في السوق، خاصةً في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة مثل الزراعة والبناء، كما يجب التوجه نحو التعاون مع القطاع الخاص لتحديد المهارات اللازمة وتنفيذ برامج تدريب مشتركة تُعزز جاهزية الشباب الأردني لدخول سوق العمل، وهذا الحل لا يحتاج من الوقت سوى بضعة أشهر لا تتجاوز الستة، عن طريق عقد دورات وورش عمل للمتدربين بالاشتراك مع القطاع الخاص.

من ناحية أخرى، فإن تحفيز الشركات من خلال حوافز ضريبية يعد حلا تشجيعيا للقطاع الخاص للاتجاه نحو العمالة الوطنية، وذلك من خلال تقديم تخفيضات ضريبية وحوافز مالية للشركات التي تُوظف نسبة معينة من العمالة المحلية، بالإضافة إلى إنشاء صندوق حكومي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على العمالة المحلية، مما يُشجع هذه الشركات على توسيع عملياتها وخلق فرص عمل إضافية.

وعلى الصعيد الأكاديمي فيمكن إشراك الجامعات ومؤسسات التعليم الفني إلى استحداث تخصصات مهنية وفنية لتخريج جيل من الشباب المدرب والمؤهل لسوق العمل، وذلك من خلال تعزيز التعاون بين الجامعات ومؤسسات التعليم الفني والقطاع الخاص لتطوير مناهج دراسية تُلبي احتياجات سوق العمل، وتشجيع الجامعات على تقديم برامج تدريبية قصيرة الأمد تهدف إلى تأهيل الطلاب والخريجين للعمل في القطاعات المختلفة، ونستطيع القول أن هذا الحل يحتاج سنتين، لتخريج فوج حاصل على شهادة الدبلوم المهني.

وأما على الصعيد التشريعي، فإن تنفيذ هكذا مشروع يحتاج رؤية سياسية مدروسة، فيجب على الحكومة تطوير إطار تشريعي وإداري واضح يتضمن خطوات تشريعية وإدارية، من خلال صياغة قانون شامل يُلزم القطاعات الاقتصادية بتوظيف نسبة محددة من العمالة المحلية، ووضع آليات رقابية صارمة لضمان تطبيق القانون، مثل إجراء تفتيش دوري على المؤسسات والشركات، ولا شك أن الأردن قد وضع إطارا تشريعيا لهذه الغاية، لكن نسب العمالة الأردنية التي يُلزم بها الشركات والمؤسسات غير كافية، ولا تفتح مجالا للأردنيين ليكونوا محور الإنتاج، بالإضافة إلى أن هذا القانون المعمول به لا يتم تطبيقه ولا الرقابة على تنفيذه بالشكل المطلوب، فيجب أن يصبح القانون مسؤولية وطنية وواجب وطني، خصوصا أننا نطالب بدولة مدنية يحكمها القانون.

وفي الإطار التشريعي يجب الانتباه إلى اعتماد آليات مرنة لتطبيق القانون تأخذ بعين الاعتبار طبيعة كل قطاع اقتصادي واحتياجاته، وتوفر استثناءات مؤقتة لبعض القطاعات التي تُعاني من نقص حاد في العمالة المحلية إلى حين إعداد كوادر وطنية مؤهلة، كما يجب دراسة تجارب الدول التي اعتمدت سياسات مماثلة، مثل السعودية والكويت، لتجنب التحديات التي واجهتها، من خلال تعزيز الحوار بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان دعم السياسات المقترحة وتجنب المعارضة.

وفي نفس السياق، فإن بعض القطاعات الاقتصادية في الأردن تعتبر أكثر اعتمادًا على العمالة الوافدة، مما يتطلب نهجًا تدريجيًا لاستبدالها بعمالة محلية، فالزراعة مثلا من القطاعات التي تعتمد على أيدٍ عاملة أجنبية، ومن هنا فإن على الحكومة تقديم برامج تدريبية للفلاحين المحليين، وتوفير دعم حكومي يُشجع الشباب على العمل في هذا القطاع، كذلك قطاع البناء والإعمار، فإن إطلاق مبادرات تُشجع العمالة المحلية على دخول قطاع البناء، مثل تقديم منح تدريبية وتأمين صحي، هو واجب حكومي ووطني على حد سواء، ولا شك أن قطاع الصناعات التحويلية يعتبر أيضا من القطاعات المعتمدة على العمالة الأجنبية بشكل كبير، لذا فإن تحسين بيئة العمل في هذا القطاع لجذب العمالة المحلية، هو واجب على الحكومة يجب العمل على تحقيقه.

ورغم هذا وذاك، إلا أننا في الأردن نحرص دائما على إبراز البعد الإنساني في جميع قرارتنا، وهذا يستدعينا أن لا نغفل هذا الجانب في إطار التشريع لهذا القانون، ففي إطار تقنين العمالة الوافدة، من الضروري مراعاة حقوق العمال الأجانب وضمان تطبيق معايير العمل الدولية التي تضمن حقوق العمال الوافدين، وتوفير بدائل إنسانية للعاملين الأجانب الذين قد يتأثرون بسياسات أردنة العمالة، مثل برامج العودة الطوعية مع تقديم حوافز مالية.

وختاما، فإن أردنة العمالة ليست مجرد سياسة اقتصادية، بل هي واجب وطني يحمل في طياته فوائد عديدة تتجاوز البعد الاقتصادي لتشمل تعزيز الانتماء الوطني وتقوية النسيج الاجتماعي، فيمكن أن تُصبح هذه السياسة أداة حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للأردن، إن الاستثمار في الإنسان الأردني هو الاستثمار في مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

* النائب الدكتور شاهر شطناوي
رئيس لجنة الصحة والغذاء النيابية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :