facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




5 مليار مؤثر


صالح سليم الحموري
13-01-2025 10:45 AM

في عصر الثورة الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح التأثير جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. ولم يعد هذا التأثير حكرًا على المشاهير أو أصحاب النفوذ، بل بات كل فرد يمتلك هاتفًا ذكيًا وحسابًا على منصة اجتماعية قادرًا على أن يكون مؤثرًا في محيطه، بغض النظر عن حجم هذا المحيط أو مدى انتشاره.

ومع تزايد القدرة على الوصول إلى الجماهير، يبرز سؤال محوري:

هل التأثير الذي نمارسه إيجابي يعزز القيم ويرتقي بالمجتمع؟ أم أنه سلبي يساهم في نشر الفوضى أو الإحباط؟ الإجابة على هذا السؤال تعتمد بشكل كبير على وعي الفرد بمسؤوليته تجاه المحتوى الذي يقدمه، ومدى إدراكه لقوة كلماته ورسائله.

في قمة "المليار مؤثر" التي عُقدت في دبي هذا الأسبوع، قدم الأستاذ أنس البغش محاضرة رئيسية تناول فيها فكرة محورية مفادها أن "كل إنسان مؤثر." وأكد أن عبارة "كلنا مؤثرون" تعكس حقيقة أن كل فرد يمتلك هاتفًا ذكيًا حول العالم (5 مليار شخص) لديه القدرة على أن يصبح أداة للتأثير وصنع التغيير، سواء من خلال كلمة ينطق بها، فكرة يطرحها، أو عمل بسيط يقوم به. هذه الفكرة تسلط الضوء على الإمكانيات الهائلة التي توفرها التكنولوجيا اليوم، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصات لخلق التأثير الشخصي والمجتمعي. ومع ذلك، فإن هذه القوة تأتي مصحوبة بمسؤولية كبيرة تجاه نوعية التأثير.

الفكرة الأهم هنا هي أن التأثير لم يعد مرتبطًا بعدد المتابعين أو حجم الشهرة، بل يمتد ليشمل الأفعال اليومية التي تؤثر فيمن حولنا.

• سواء كان ذلك من خلال فيديو قصير، صورة ملهمة، بودكاست، أو تعليق موجز، يمكن لأي محتوى بسيط أن يتحول إلى موضوع نقاش عالمي خلال لحظات.
• هذا يجعل العالم أشبه بقرية رقمية مترابطة، حيث يمكن لأي شخص أن يُحدث تغييرًا، شريطة أن يكون واعيًا لقيمة رسائله وأهدافها.

ومع هذا الكم الهائل من التأثيرات اليومية، تبرز دعوة للنظر بوعي أكبر إلى مسؤوليتنا كمؤثرين في تشكيل عالمنا ومستقبلنا. لذا، لنكن مؤثرين إيجابيين، ونتذكر دائمًا أن التأثير يبدأ من أنفسنا ومن قراراتنا اليومية، مهما بدت صغيرة. إن إدراك قوة تأثيرنا والعمل على توجيهه نحو الإيجابية والإلهام هو الخطوة الأولى نحو مستقبل أفضل للجميع.

محاضرة الأستاذ أنس البغش كانت دعوة للتفكير في مسؤولية التأثير الرقمي، وكيف يمكن لكل منا أن يُسهم في تشكيل مجتمع أكثر وعيًا وإبداعًا.
وسائل التواصل الاجتماعي منحت الجميع القدرة على التأثير في أوقات قياسية. كما قال سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "عندما تتواصل مع الناس بأصالة وصدق، فإن التأثير يكون دائمًا إيجابيًا."

هذه الكلمات تلخص جوهر التأثير الرقمي، الذي يمكن أن يكون أداة للتغيير الإيجابي إذا استُخدم بحكمة ووعي، ولكنه قد يصبح مصدرًا للجدل والتوتر إذا أسيء استخدامه.

وأن قوة التأثير الرقمي لا حدود لها، وقد أظهرت العديد من الأمثلة كيف يمكن للمحتوى البسيط أن يتحول إلى حركة عالمية أو مبادرة محلية تترك أثرًا مستدامًا.

في السويد، قدمت الناشطة البيئية "غريتا ثونبرغ" مثالًا حيًا على قوة التأثير الرقمي. بدأت غريتا احتجاجاتها الصغيرة أمام مجلس الشعب السويدي، مطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة تغير المناخ. لم تكن تتوقع أن تنتشر رسالتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتلهم ملايين الشباب حول العالم. خلال فترة قصيرة، أصبحت غريتا رمزًا للحركة البيئية، واستطاعت أن تؤثر في صانعي القرار، مما جعل قضيتها أولوية على جدول أعمال العالمية.

وفي الولايات المتحدة، ظهرت حملة “تحدي دلو الثلج “كأحد أبرز الأمثلة على التأثير الرقمي الإيجابي. بدأت الحملة بفيديو بسيط يدعو للتوعية بمرض التصلب الجانبي الضمور (ALS) وسرعان ما انتشر التحدي كالنار في الهشيم. شارك ملايين الأشخاص، من بينهم مشاهير وشخصيات عامة، في هذه الحملة، مما أدى إلى جمع ملايين الدولارات لدعم أبحاث المرض.

أما في العالم العربي، فتأتي حملة " 10ملايين وجبة "في الإمارات كنموذج مُلهم على التأثير الرقمي. بقيادة سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، جمعت الحملة جهود الأفراد والمؤسسات لدعم الأسر المتضررة من جائحة كوفيد-19. عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وصلت الحملة إلى جمهور واسع، مما ساعدها على تحقيق أهدافها النبيلة وتعزيز روح التضامن المجتمعي.

وفي مصر، جاءت مبادرة "صُنِع في مصر " كدعوة لدعم المنتجات المحلية وتعزيز الاقتصاد الوطني. بفضل التفاعل الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت الحملة على نطاق واسع، وشجعت المستهلكين على اختيار المنتجات المحلية، مما عزز من الشعور بالانتماء والفخر الوطني وساهم في دعم الاقتصاد المحلي.

كما أكد الأستاذ أنس البغش في محاضرته، فإن التأثير ليس مجرد قوة، بل مسؤولية كبيرة. في عالم يتيح لكل فرد فرصة الوصول إلى جمهور واسع، تصبح "الحكمة" في استخدام هذا التأثير أمرًا بالغ الأهمية. الانتشار السريع للمعلومات قد يكون أداة للإلهام والإبداع، ولكنه قد يتحول أيضًا إلى مصدر للضرر إذا لم يُستخدم بعناية.

على سبيل المثال، خلال الأزمات العالمية، يمكن للمعلومات المضللة أن تُفاقم من التوتر والارتباك بين الناس، مما يبرز أهمية الوعي بمسؤولية التأثير الرقمي. يقول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "التأثير الحقيقي لا يُقاس بحجم الجمهور فقط، بل بنوعية الرسالة وقيمتها."

إذن، فإن التأثير الرقمي يمثل قوة هائلة في عصرنا، يحمل بين طياته فرصًا عظيمة لـتعزيز القيم الإنسانية ونشر الإيجابية، هذه القوة ليست مجرد أداة تكنولوجية، بل مسؤولية أخلاقية واجتماعية تقع على عاتق كل فرد يستخدمها، لذلك علينا أن ندرك أن كل كلمة أو فعل ننشره يمكن أن يصنع فرقًا، سواء كان إيجابيًا يعزز البناء والإلهام، أو سلبيًا يهدم الثقة ويثير الجدل.

الخيار بأيدينا: هل نستخدم تأثيرنا الرقمي في بناء عالم أفضل يسوده الإبداع والتعاون، أم نترك هذه القوة العظيمة دون توجيه أو ضوابط، فنجد أنفسنا عالقين في "عالم التفاهة"؟ كما اسماه الكاتب "ألان دونو" في كتابه الذي يحمل نفس العنوان، حيث يستعرض في كتابه كيف أصبحت التفاهة سمة غالبة في المجتمعات الحديثة، حيث سيطرت السطحية والامتثال على الإبداع والعمق. يتناول الكتاب تفشي هذه الظاهرة في مختلف مجالات الحياة، من السياسة والاقتصاد إلى الثقافة والعمل، ليُظهر كيف أن الأنظمة الحالية تُشجع القبول بما هو عادي ومألوف بدلاً من السعي للتميز والتجديد.

أذن الإجابة تكمن في وعينا بأهمية هذه القوة والعمل الجاد على توجيهها نحو الخير والإبداع، حيث التأثير الرقمي ليس مجرد وسيلة اتصال، بل هو أداة للتغيير والتأثير العميق، وإذا ما استخدمناه بحكمة ومسؤولية، يمكننا تحويل كل رسالة نشاركها إلى قصة نجاح تُلهم الأجيال القادمة.

عندما ندرك دورنا كأفراد في هذا الفضاء الرقمي الهائل، يصبح بإمكاننا أن نسهم في بناء مجتمعات أكثر ازدهارًا وترابطًا، حيث تسود القيم الإنسانية والإيجابية.

التأثير الرقمي هو دعوة لتحقيق التغيير الذي نصبو إليه، تغيير يجعل من عالمنا مكانًا أفضل، وأكثر إلهامًا، وأكثر معنى. فهل نحن مستعدون لترك بصمة إيجابية في عالم رقمي يتيح لنا ذلك؟.

* صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :