الجيش العربي والثورة العربية الكبرى
د. سحر المجالي
11-06-2011 07:08 PM
يرتبط الجيش العربي ارتباطاً وثيقاً بالثورة العربية الكبرى، التي أطلق شرارتها المغفور له الشريف الحسين بن علي في 10/6/ 1916، طالباُ الاستقلال من الحكم العثماني، وإنشاء الدولة العربية المستقلة في المشرق العربي كخطوة أولى على طريق تحرير الأمة العربية وتوحيدها، بالإضافة الى تمكين العرب من أخذ دورهم الحقيقي وتبوء مكانتهم المناسبة بين الأمم والشعوب.
لقد جاءت الثورة العربية الكبرى بالأسس السليمة لنهضة العرب الشاملة، ووضعت حجر الأساس لها ، وذلك بعد أربعة قرون من التتريك والجهل المطبق. بعيداً عن مصادر الارتقاء ومنابر العلم والمعرفة، والتغييب عن مسرح الأحداث العالمي. وقد مثلت ثورة العرب الكبرى ومبادئها السامية البوتقة التي انصهر فيها كل أبناء الأمة العربية من مختلف أقطارهم وأمصارهم. كما ساهم الجيش العربي - «الفيلق العربي»، الذي تم تشكيله آنذاك بقيادة الأمير فيصل بن الحسين في محاولة تحقيق أهداف الثورة العربية الكبرى، إلا أن إمكانيات هذا الجيش الوليد لم تكن بمستوى مؤامرات سايكس- بيكو وتجهيزات جيوش المستعمرين، فتراجع إلى جنوب سوريا- شرق الأردن- بعد دخول الفرنسيين إلى دمشق عام 1920، وعلى أثر هذه المرحلة الانتقالية انضم من تبقى من ذلك الجيش إلى لواء الأمير عبد الله بن الحسين. عند وصوله إلى معان في 21 تشرين الثاني 1921، حيث تم إعادة تنظيم هذا الجيش بعد أن التحق به العديد من رجالات العرب وأحرارهم وشكلوا الأساس الذي بني عليه « الجيش العربي» الذي نحتفل هذه الايام بيومه.
لقد أدرك الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، منذ تأسيس إمارة شرق الأردن كمشروع قومي عربي، ضرورة تنظيم المؤسسة العسكرية الأردنية، على أساس الاعتماد على أبناء العشائر الأردنية وباقي أمصار الأمة العربية، من أجل وضع حد للهيمنة البريطانية على البلاد وتدخلها في الشؤون الداخلية للإمارة الوليدة.
وحينما آلت الراية للملك الحسين بن طلال رحمه الله، أولى الجيش العربي كل اهتمامه ورعايته الخاصة، سواء من حيث التسليح والتحضير او الإعداد للدفاع عن ثرى الوطن أمام التحديات التي تواجهه . فخاض الجيش العربي الأردني حرب حزيران 1967 وقدم التضحيات في القدس والخليل ونابلس وجنين وقباطية استناداً إلى الإيمان المطلق بوحدة الدم والهدف العربيين. وجاءت معركة الكرامة في 21 آذار 1968، كنقطة تحول في تاريخ الأمة العربية، حيث أعادت شيئا مما استبيح من كرامة الأمة العربية بعد نكسة الخامس من حزيران 1967. كما كان له الدور المشرف في الدفاع عن الأرض العربية السورية في حرب تشرين 1973 التحريرية، وما زال أخوة العقيدة والدم أبناء سوريا يستذكرون دور الجيش العربي في الذود عن سوريا في تلك الحرب.
وإذ نحتفل اليوم بالذكرى الخامسة والتسعين لانطلاقة الثورة العربية الكبرى عام1916، ويوم الجيش العربي، والذكرى التسعين لتأسيس الدولة الأردنية، لا بد من استذكار مناسبة قومية أخرى، عزيزة على قلوب الأردنيين، هي العيد الثاني عشر لجلوس جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين – أمد الله عمره على العرش الأردني الهاشمي.
لقد أولى جلالته الجيش العربي جل اهتمامه ورعايته ، كمؤسسة عسكرية أردنية عربية، لها أهدافها النبيلة في الحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطن. كيف لا، وعبد الله الثاني ابن هذه المؤسسة – ورفيق السلاح لمنتسبيها- ومن بين صفوفها تخرج، وعاش واقعها وأحلامها ، وتشرب المبادئ السامية التي أسس عليها هذا الجيش. فقد استنشق الكثير من عبير الصحراء أثناء المناورات العسكرية، وتقاسم مع رفاقه المخاطر والصعوبات، وحينما آلت الراية لجلالته أولاها جل الاهتمام والرعاية لتواكب العصر، تسليحاً وتأهيلاً ، حتى أصبح الجيش العربي مثالاً ونموذجاً في كافة المجالات التدريبية والعملياتية والإدارية، مما مكنه من الوصول إلى أعلى المستويات من الاحتراف والتميز. كما استطاع الجيش العربي، وبرعاية جلالة الملك ، تطوير قدراته التي تتماشى مع تكنولوجيا العصر، خاصة في مجالات الحوسبة والقيادة والسيطرة وإدارة الموارد البشرية والدفاعية.
فهنيئاً للأردن بذكرى الثورة العربية الكبرى، وتأسيس الدولة، ويوم الجيش وعيد الجلوس الملكي.
almajali74@yahoo.com
(الرأي)