الأردن وسط المركز بين الفلسطينيين والسوريين
ماهر ابو طير
12-01-2025 10:58 PM
هذا ملف حساس للغاية الذي سنتطرق اليه، نظرا للتعقيدات التي استجدت حيث الاردن وسط المركز بين الشأن السوري، والشأن الفلسطيني، وما يتعلق باعادة تموضع الاردن عما قريب.
الانطباع حول الاستهداف الاميركي والاسرائيلي للاردن على خلفية ملف الضفة الغربية، والمخاوف من عمليات تهجير، من داخل الضفة، ومحاولة فرض حلول على الاردن، خصوصا، مع ادارة اميركية جديدة اصعب ومتشددة تجاه المنطقة، انطباع سائد، لكنه قد يتبدد كليا، او جزئيا خلال الفترة المقبلة، بسبب نشوء كلفة الملف السوري، واهمية الاردن فيه.
هذا يعني ان الدول التي كانت تريد استهداف الاردن استراتيجيا، على صعيد اي حلول او فوضى امنية من الضفة الغربية، قد تتراجع اليوم امام حاجتها لما يمثله الاردن قرب سورية.
سقوط النظام السوري، وفتح سورية على وضع جديد، يرتبط بطبيعة النظام الجديد، وكيفية تشكيله، وتشكيل الجيش السوري المقبل، وما يتعلق بوجود عشرات الجماعات المتشددة، والمخاوف من حدوث اقتتال داخلي، او تسلل الى الاردن، او انتاج ذات الفوضى السورية في الاردن بشكل او آخر، اضافة الى ما يرتبط بالمخاوف من تشظي سورية، ونشوء دويلات جديدة، وما يرتبط بالموقف الاقليمي والدولي، وتمدد تركيا بمشروعها السني بدلا من ايران بمشروعها الشيعي في سورية، لتصبح انقرة على حدود الاردن، وغير ذلك من حسابات ستؤدي الى اعادة تعزيز الموقف الايجابي من الاردن، والتراجع عن محاولات اضعاف الاردن عبر الضفة الغربية، والرابط هنا واضح، حيث الحاجة الى الاردن في الملف السوري، تجعل اي اولويات في لحل الملف الفلسطيني على حساب الاردن لدى الاميركيين والاسرائيليين تتراجع بشكل كبير جدا، خصوصا، مع الاخطار المفتوحة في سورية.
الكلام هنا يبدو غريبا، لكنه يبدو واقعيا، لان الاردن يقع وسط المركز حيث جنوب سورية، والضفة الغربية، بمعنى ان الاقليم والعالم، سيكون امام استبدال جبهات من حيث الكلفة على الاردن، لاستحالة تحميل كلفة ملفين على الاردن في الوقت ذاته، ولاشتراطات التحميل السياسي والامني التي لا يمكن احتمالها اصلا، وستؤدي الى هز كل استقرار الاقليم، وفتح كل الجبهات.
هذا يعني ان الاردن استراتيجيا استفاد من سقوط نظام الاسد، وان كان يتعامل اليوم مع ساحة مفتوحة في سورية على كل الاحتمالات السياسية، والاجتماعية والامنية، لكن مراكز التخطيط الدولي والاقليمي، ستكون امام مفاضلة اجبارية، اما ثبات واستقرار الاردن وخفض اخطار الاحتلال الاسرائيلي عليه، حتى يكون قادرا على التعامل مع كلف الوضع الجديد في سورية، واما الانحدار نحو الجنون ومحاولة تصدير ازمة الضفة الغربية الى الاردن، في توقيت يطل فيه الملف السوري على الاردن، وكل المنطقة، من حيث تعدد اللاعبين المحليين، والاقليميين والدوليين، واحتمالات عودة لاعبين قدامى، او نشوء فوضى امنية تقترب من كل دول المنطقة، ولاى يوجد هنا سوى الاردن، عازلا في وجهها، ويستحيل تعزيز قوة هذا الدور، في الوقت الذي قد تحاول فيه واشنطن وتل ابيب تصدير ازمة ثانية تتعلق بالوضع الامني والسياسي في الضفة الغربية، بما تعنيه على صعيد المخططات الاسرائيلية، ومحاولات اعادة انتاج الازمة.
الذين كانوا يعتقدون ان القفز عن اهمية الاردن في الاقليم، عملية سهلة، وتمت بسرعة، جاء سقوط نظام دمشق ليقلب كل حساباتهم مجددا، ودور الاردن هنا ليس وظيفيا بالمعنى الذي يتصوره البعض، بل لكون الاردن هو في الواجهة الجنوبية للنظام السوري الجديد بكل مهددات الواقع الحالي، وبحيث اصبحت مراكز القرار الاقليمية والدولية امام خيارين، اما رفع خطر مخططات ثانية مثل الضفة الغربية عن عنق الاردن، واعادة دعمه وتعزيز موقعه، واما تركه لكلفة ملف الضفة الغربية، التي ستتراكم مع كل الملف السوري، في توقيت واحد بحيث سيؤدي هذا الدمج بين المسارين، الى خسارة كل الاقليم، وليس الاردن وحيدا.
في حالات كثيرة لاتتمكن الدول من ازالة الخطر كليا، لكنها تتمكن من ادارة الخطر مرحليا.
الغد